هل ما زالت المرأة فعلا بحاجة لان تثبت انها صوت لا صدى؟ خاصة المراة المبدعة والمنتجة؟
جميل ان تعمل كوكبة من المبدعات والاستاذات الجامعيات، في الجامعة الاردنية، ام الجامعات الوطنية، على تاكيد حضور ودور المراة في العمل الثقافي والاكاديمي الاردني والعربي، ولكن هل ان تاكيد الحضور يعني عزله عن الحضور الاخر، الشامل، المجتمعي؟ هل هناك من لا يعترف بوجود المراة اكاديمية ومبدعة؟ لتعقد لها ندوة تحت عنوان: المراة بين الصوت والصدى. هل هناك من يستطيع حجب الصوت الحقيقي واعادته الى دائرة الصدى، وهل يصح ان نعطي للقاء اكاديمي ثقافي عنوانا لا ينطبق على الاكاديميين رجالا ونساءا؟ اوليس في ذلك قبول ضمني بالتمييز؟
حضور المراة اساسا، ودورها جوهرا، هما يجب تاكيدهما عبر مشاركة المراة التلقائية في كل نشاط وفعالية اكاديمية وثقافية وابداعية وانتاجية بشكل عام، واذ يتاكد هذا الحضور كدور، فانه لا يترك مجالا لتاكيده كحالة منعزلة عن النشاط العام.
نظريا يقول جبران خليل جبران: المراة من الامة بمثابة الشعاع من السراج ولا يكون الشعاع ضعيفا الا متى كان الزيت شحيحا. وتطبيقيا، نحن نعيش في الجامعات، في وسائل الاعلام وفي مجالات الابداع، ولم نجد يوما من يقف سدا في وجه الاعتراف بدور امراة استطاعت بما انجزت ان تثبت وجودها. حتى في المساقات الدراسية، غالبا ما نجد نسبة الطالبات اللامعات تتجاوز نسبة الطلاب، علما بانني ضد هذا التصنيف لان وراءه اسبابا كثيرة وعميقة لا مجال لتناولها كلها. وننتقل الى مجلات العمل، التدريس، الطب، المحامات، الهندسة، الفن بانواعه، الادب الخ… لا تغبط المراة حقها لانها امراة ولا يجوز ان تستجدي اعترافا باسباب تخفيفية لانها امراة. واذا كان هناك ما يجب التنبه اليه فهو اتجاه تطورالعقليات الاجتماعية، حيث نعرف انها تتفاوت كثيرا من مجتمع عربي الى اخر، ولعل الاردني من افضلها. لذا فان علينا السعي لنشر العقلية الحداثوية المدنية والعقلية الانتاجية الحقيقية، في مقابل العقلية الاستهلاكية التي ترمي قيمها بالمراة الى مستنقع الشكل والصورة، الى الصدى
ولعل اخطر ما يتراءى لنا في هذا السياق هو تخيل التطور في شكل لا يخفي الا التخلف والعودة الى الوراء، ولعل ابرز مثال على ذلك ما يبدو في المجال الاعلامي، من ان تطور الكم في الفضائيات الخليجية، على سبيل المثال، يعكس دورا افضل للمراة في الساحة الاعمية العربية، وقد قرانا عددا من الكتب والدراسات الغربية التي تركز على ذلك. في حين ان عودة علمية بحثية مقارنة الى دور المراة الاعلامية في وسائل الاعلام المصرية والاردنية والسورية واللبنانية، قبل عصر الفضائيات، كان دورا افعل لان الحضور لم يكن يقتصر الصورة والشاشة، ولا على الكم، وحتى من كنا يقدمن برامج على الشاشات كن هن من يعدها ويقوم بالبحث العلمي لها، ويختار ضيوفها، لذا لم يكن من المصادفة ان تكون اول نائب في البرلمان مذيعة سابقة، واول وزيرة اعلام عربية مذيعة سابقة. وكم نعد من السيدات اللواتي ادرن اقساما وفروعا بل والاذاعة والتلفزيون، ولن ننتقل لنتحدث عن التجربة المصرية العريقة والمتصلة وعن مثيلتها اللبنانية. كما لن ننتقل لنتحدث عن الحضور في الثقافة والاداب والفنون. غير اننا نؤكد على ان امراة متمكنة من مجالها بحق، هي تلك التي تصر على الوجود والدور في سياقه، وترفض تخصيص حيز خاص للنساء، وكانه اعتراف بانها لا تستطيع ملء مقعدها في السياق العام.
فهل يعقل ان يعقد مؤتمر روائي يتجاهل سميحة خريس و رضوى عاشور و كفى الزعبي وناديا خوست و نجوى بركات و امل مختار و ليلى عسيران او حنان الشيخ،الخ…؟
ولكن هل من التكريم ان نعقد لهن مؤتمرا معزولا ومنفصلا، كاننا نقول انهن لسن على مستوى المنافسة مع الزملاء؟