السياحة الى صفد

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 04-11-2012

له ان يقول انه يريد زيارة صفد سائحا لا مقيما، وان يتعهد عشية الانتخابات الاسرائيلية بانه لا انتفاضة ثالثة طالما انه على  “هذا الكرسي”. له ان يتنازل عن حقه في العودة، كمحمود عباس، وله ان يستعد لتقديم كل شيء ثمنا لبقائه على “هذا الكرسي”.  هذا اذا كان انسانا عاديا، ولكن ان يقول ذلك واسمه رئيس الشعب الفلسطيني يلزمه بما يتعهد به، فامر يدخل في دائرة اللامعقول. ليس فقط بمنطق المتشددين والخشبيين والحالمين والثورجية والقومجية الخ… من الالقاب التي يغدقها الحداثويون الواقعيون الليبراليون المنفتحون البراغماتيون الخ… على كل من يرفض التفريط بالحقوق الفلسطينية بل والعربية التي انتهكتها اسرائيل. وانما بمنطق هؤلاء الردّاحون انفسهم، المتبجحون بانهم مقبولون دوليا.  لماذا؟ لان المنطق الدولي نفسه وفي اكثر الدول عراقة في الديبلوماسية البراغماتية يقول بان الدول او مشاريع الدول لا تعطي شيئا بدون مقابل. وبان قوانين التفاوض في النزاعات الدولية تقضي بان تتشدد اكثر فاكثر كلما اقتربت من عملية تفاوض، كي يكون لديك ما تفاوض عليه.

فما الذي تاخذه السلطة الفلسطينية مقابل تصريح ابو مازن الصريح بتنازله عن حق العودة؟ ومقابل تعهده عن الشعب الفلسطيني بعدم قيام اية انتفاضة ضد الاحتلال؟

اصحاب المفاتيح، لهم ان يحولوها الى تحف اثرية، والا يحلموا لا بالعودة ولا حتى بالتعويضات… بلى لهم ان يعودوا سياحا مع رئيسهم. ويتكفلوا بما يدفعه السائح من  تكاليف باهظة تغذي خزينة الدولة التي يقصدها. يعوض اسرائيل بدل ان تعوضه.

ما الذي سياخذونه؟ كيف؟ – بقاؤهم في مقابل حماس، سلطتان لبلد لا سلطة له.  ولست انا من يقول هذا بل رجل قيل انه ناطق باسم فتح، ما ان ساله مذيع احدى الفضائيات عن تنازل الرئيس عن حق العودة حتى انهال شتما على حماس، واتهمها بانها تسعى الى دولة اسلامية منفصلة في غزة ورقعة اخرى!!  واصر على ان الرئيس يحافظ على الثوابت!!!

وعندما سئل عن مناسبة تصريح كهذا عشية انتخابات نتنياهو اصر على ان الفلسطينيين ملتزمون بدولة بحدود 67. دون ان يجيب عمن سيعطيه هذه الدولة، ومقابل ماذا؟  لا ثورة، لا ربيع في سحجة الربيع العربي، لا انتفاضة، لا حق عودة، لا رادع للاستيطان في القدس. والعداء الطبيعي التاريخي لاسرائيل يتحول الى عداء محكم بين حماس وفتح. وان لم يكف فللبعض ان يفرغ شحنة العداء ضد سوريا، وكأن الجيش الذي قاتل معارك الامة منذ العشرينات وحتى معركة ال82، اصبح جيش الدفاع الاسرائيلي. وكأن الدولة التي دعمت المقاومة اللبنانية لتحقيق اول تحرير لارض محتلة واول انتصار على اسرائيل، تستحق – وهذه المقاومة نفسها – العقاب، بل والانتقام؟

افليس من الغريب ان اهم نجاح حققته الستراتيجية الصهيونية في المنطقة هي عملية ” تحويل العداء”

وذاك ما عبرت عنه تسيفي ليفني في الدوحة قبل سنين عندما قالت: سنصبح نحن وانتم حلفاء ضد عدو واحد هو ايران. وفعلا تحقق ذلك واصبح بعض العرب واسرائيل والغرب حلفاء في خندق واحد ضد محور ايراني – سوري – روسي. واصبح العداء الفلسطيني التاريخي الناتج عن واقع احتلال محولا الى خندقي: حماس وفتح، وما بينهما غبار يغطي الحقوق الفلسطينية والالتزامات العربية الناجمة عن الواقع القومي وعن المصلحة الفلسطينية التاريخية.

عندما تكون امام سيل، او نهر يهددك تدفقه، وتجد صعوبة في تجفيفه او انشاء سد في وجهه، فان افضل وسيلة لاتقاء خطره، هي ان تحفر له مجار اخرى تحور مجراه.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون