ماذا قبل وماذا بعد وسام الحسن؟

صحيفة الخليج، 20-10-2012

اربعة احتمالات وضعها اللواء اشرف ريفي الرئيس المباشر للعميد وسام الحسن، حول عملية اغتيال هذا الاخير وترك باب التحقيق مفتوحا لغيرها  ” – 1- أن يكون الاغتيال رداً على توقيف ميشال سماحة. 2 ـ طابور خامس يهدف إلى إحداث فتنة وكشف البلد أمنياً. 3 ـ أن يكون الاغتيال رداً على توقيف الحسن شبكات التجسس الإسرائيلية. 4 ـ أن يكون رداً على كشف الحسن الشبكات الإرهابية”   احتمالات يبقى الرد على اي واحد منها من باب الاستباق والتسرع، اللهم الا اذا كان مجرد اغتنام الفرصة للتنفيس عن احقاد معروفة بالية في هذا الاتجاه او ذاك، او فرصة للمساهمة في مهرجان انتخابي مؤثر الديكور والاجواء، نظّم هكذا فجاة ومجانا ومفتوح للجميع. وترك للسياسيين اللبنانيين المرشحين ان يمضوا النهار في هايد بارك مفتوح يصعد كل منهم فيه على تلة من اشلاء ودماء والام ورعب وذهول الناس، ليلقي خطابه المركب بما يتوافق مع قانون الانتخابات وتركيبة اللوائح وما يحتاجه من لعب الى غرائز اللبنانيين المساكين.

غير ان كل محاولة امام الاسئلة تبدا بالاسئلة :

1 – كان الحسن وريفي  في زيارة امنية الى المانيا، فلماذا تم تمويه الزيارة بالاعلان عن بدئها بعد انتهائها، ولماذا عاد ريفي الى البلد وحيدا؟

  • هذا اذا فيما يبدو السؤال الثاني اكثر حيرة: قيل ان الحسن ذهب من المانيا الى فرنسا لزيارة اسرته التي تقيم هناك لمدة اسبوعين. وهذا عادي- وان لم يكن دائما عاديا لقيادات امنية بحجمه ومع واقع تورط فرنسا في لبنان والمنطقة – لكن السؤال هو لماذا عاد سرا الى لبنان قبل الموعد المحدد واخفى نبا عودته عن الجميع بما فيهم رئيسه اشرف ريفي؟ وسلك طريقا لم يكن يعرف بها الا اثنان من مرافقيه : احدهم قتل معه؟
  • ما سر التزامن بين هذا الحادث وبين اعلان الاخضر الابرهيمي ان النار اذا لم تهدا في سوريا ستمتد الى الدول المجاورة وستحرق الاخضر واليابس.
  • ما سر تنبؤ سمير جعجع بسلسلة الاغتيالات، وحصول الاول منها فور عودته مدججا من زيارته الخليجية ؟ وربما كان فيها ( على طريقة الشهيد الحسن نفسه مرورا ببلاد اخرى لم يعلن عنها)؟
  • ما سر التزامن بين اعلان الصحف الاوروبية عن ان النائب اللبناني عقاب صقر انتقل بعد ماراتون خليجي اوروبي الى التمركز في تركيا لمساعدة الجيش السوري الحر والجماعات المسلحة بالسلاح والدعم المالي. اعلان اضطر سعد الحريري الى اصدار بيان يقول ان عقاب انما يقدم مساعدات انسانية. غير ان ذلك يذكرنا بما كشفه هيثم مناع منذ سنة من رجلا من رجال الحريري عرض عليه في باريس مالا وسلاحا لتمريرهما الى سوريا عبر دولة مجاورة ؟
  • بدائرة اوسع ما سر تزامن ذلك مع اقصاء الامير بندر بن سلطان عن دائرة الضوء في السعودية، وهنا لا يعني الامر الشخص بل البرنامج؟
  • في جهة اخرى، ما سر تزامن كل ذلك مع اعلان حسن نصرالله عن طائرة ايوب، عن القرى السورية التي يسكنها ثلاثون الف لبناني يتعرضون للخطركل يوم ومن حقهم الدفاع عن انفسهم، طالما ان موقف الدولة القائم على الناي بالنفس يبعدها عن مسؤوليتها تجاههم، واخيرا عبارته الخطيرة : نحن لم نتدخل بعد!!
  • هل ان التحشيد التركي العسكري على الحدود السورية يهدف الى القيام بحرب، ام الى اغلاق هذه الحدود في وجه اي مرتزق تم تصديره، ويفكر بالعودة تحت ضغط المعارك في الدالخل السوري، او في حال تغير موازين القوى داخليا، فيما لا يبتعد عن عملية ابعاد قائد الجيش الحر رياض الاسعد الى داخل البلاد، بعد فشل مفاوضات على تسليمه.
  • هل ان الاعلان عن نزول الضباط الاميركيين، وقبلهم الفرنسيين في الاردن، يهدف الى الامر نفسه: ضبط تسرب الاصوليين والجهاديين واخر الاخر…اللاجئين السوريين المدنيين.
  • السؤال الاخير الذي يفتح بابا جديدا هو : لقد تم التعامل مع الساحة السورية كمصفاة يتخلص الجميع من جهادييه ومرتزقته الذين تعودوا العنف باسم الدين او باسم المال، من خلاياه النائمة واليقظة، وبرؤية اعمق من الكثيرين من المقهورين والمكبوتين الذين يبجثون عن الدمار والقتل، بدفعهم جميعا الى سوريا وتسهيل وتمويل انخراطهم في حفلة الدمار على ارضها. افلم يكن ذلك برنامجا ذكيا بلورته الانتلجنسيا الامنية الغربية، يقوم على دفع هؤلاء جميعا الى سوريا، وهناك تضرب اربعة عصافير بحجر: كشف هوية هؤلاء الافراد وهذه الخلايا على ساحات متعددة وخطيرة، التخلص منها بتسفيرها، قتل اكبر عدد من هؤلاء على يد القوات السورية ( اي تدمير جسمهم القوي)، ربطهم استخباراتيا وتمويليا بدول واجهزة اطلسية او عاملة لحساب الاطلسي، تامين بيع كميات هائلة من الاسلحة لهؤلاء يعود ثمنها الى صناديق مصانع الاسلحة الغربية ( خاصة الاميركية والفرنسية) فيما يساهم بتخفيف الازمة الاقتصادية، خاصة وان من يدفع هي الدول العربية النفطية، راضية ام صاغرة ام خائفة.

بناءا على كل هذا : الى اين سيذهب هؤلاء، عندما يحين اوان الاياب، او بالاحرى الانتقال الى جبهة اخرى ؟ الى لبنان؟ وهنا سيكون الصراع الاكبر، فليس في لبنان قرار مركزي واحد قادر على حسم الامر كما يحصل في تركيا والاردن، وبالتالي سيقف البلد امام خيارات يدور حولها صراع لا تقل حدته عن الصراع في سوريا، ولن يكون حجمه امرا سهلا. وبذلك يكون لبنان ساحة لاطالة امد الصراع ولو بطرق اخرى تعتمد على هشاشته. ولا يجيب هذا الافتراض على السؤال كله، لان لبنان ليس ساحة جديدة بل امتداد قديم – جديد. فهل سيكون الجديد في خلخلة دول عربية مشرقية اخرى ام في مالي، في ازواد، ام في الجزائر؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون