رفع اوباما اكمام قميصه وهو يخطب فوصل الى البيت الابيض.
قبل سنوات راينا سعد الحريري يعيد المشهد بدقة متناهية، لكنها دقة لم تصل الى حد اقناع اي من اللبنانيين، بل اثارت اشهرا من التعليقات الضاحكة، وكان المشهد المسرحي نحسا على زعيم 14 اذار فخرج ولم يعد.
بالامس راينا رجب طيب اردوغان يؤدي المشهد نفسه، ولكن ببعض التعديلات السيميولوجية الطفيفة، ربما ليعلن دون ان يعلن امام حزبه وضيوفه بانه يطلق معركته الرئاسية القادمة في تركيا. وربما ليؤكد دون ان يقصد على انها معركة في السياق الاميركي على ارض الدولة الاطلسية الوحيدة في الشرق الاوسط. وبالتالي هي معركة الاسلام الاطلسي الذي اكده حضور الرئيس محمد مرسي والخطاب الذي القاه، وتعمد خالد مشعل ان يقف – بدون مناسبة – ليلوح بالتحية، اجتذابا للكاميرا ( وهذا ما نجح فيه) وتاكيدا على ولائه ( هو الذي لم يكن وفيا لمن يدفعون فيما يدفعون ثمن فاتورة واحد من بنودها انهم اووه هو ومكاتب تنظيمه ودعموهما بدون تحفظ ) وربما تقديم شهادة حسن سلوك للاطلسي والمرشح للحلول مكانه هو رجل جيد العلاقة مع الولايات المتحدة، وطنه الثاني الذي يحمل جوازه.
ومن هذه التركيبة كان صوت اعلان الحرب على سوريا وحكومتها وجيشها يرتفع مدويا، فيما تصدر ثلاثة اصوات ذات دلالة في الغرب: الاول من صحيفة الاندبندنت، والثاني من بانيتا والثالث من راسموسن.
فوزير الدفاع الاميركي يؤكد ان السلاح الكيماوي السوري في مامن وتحت سالسيطرة الكاملة للدولة، وامين عام حلف شمالي الاطلسي يؤكد ان لا نية لدى الحلف في التدخل العسكري في سوريا. والاندبندنت تكشف عن قطر وتركيا اقفتا توزيع شحنات الاسلحة بما فيها الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، على الجماعات المسلحة في الداخل السوري وتحتجزانها في الأراضي التركية بسبب الخلافات بين هذه الجماعات. وانها لن تحصل على هذه الاسلحة ما لم تتفق على تشكيل قيادة موحدة.
الخبر قد يبدو مطمئنا لمن يريد هدوء الحال في سوريا، ولكنه في الواقع غير ذلك: انه اعادة تنظيم مدروسة وصارمة لهذه الجماعات بما تضمه من سوريين ومرتزقة ( يفوق عددهم عدد السوريين في هذه الجماعات )ـ وتاهيلها بشكل افضل لواحد من خيارين: اما دور الطابور الخامس في تدخل عربي يحل محل التدخل الدولي الذي بات مستحيلا، بحيث يلتقي الطرفان النظامي من الخارج والكوماندوس من الداخل، واما لتفعيل حرب العصابات ولكن باسلحة اكثر قوة، وقيادات اكثر انضباطا موحدة تحت قيادة مرتبطة مباشرة بقطر وتركيا، كما ذكرت الصحيفة. التي اوضحت ان اجتماعا حصل مع مندوبي قطر وتركيا، اللذين طالبا ممثلي المعارضة السورية المسلحة بتشكيل مجالس عسكرية منظمة واعداد خطة عملياتية منسقة خاصة في المدن الرئيسية، بدءاً من حلب، وحجة القطريين في ذلك ضمان التوزيع العادل بين الجماعات، وضمان استعادة الاسلحة الثقيلة بعد انتهاء العمليات العسكرية.
غير ان ثمة مسكوت عنه في هذه التصريحات، فبانيتا، اذ يطمئن يضمر تهديدا، لانه يؤكد ان الاسلحة الكيميائية بامان ولكنه بذلك يؤكد وجودها، ومجرد عودته عن طمانته يصبح تقديم مبرر للحرب. اما تاكيد راسموسن باسم الاطلسي، فلا يعني ان الاطلسي نفسه لن يترك العرب والاتراك يقومون بالمهمة. وهنا يحتاج الامر الى الكثير من النقاش. فالرغبة ولا شك موجودة وبتلّمظ، ورغوة الريق لا تخرج فقط عن حقد وعن اصطفاف وعن عقد نفسية تاريخية، وانما عن صراع بات صراع بقاء بالنسبة لسلطات معينة، منها سلطة اردوغان الذاهب الى الانتخابات على سطح تركيا تضج بالتهديدات بالتفجر، وسلطة قطر في مواجهة سوريا وغيرها اولا وفي مواجهة السعودية في الخليج ثانيا وفي مواجهة اعتراضات داخلية قد تخرج الى العلن ثالثا، وسلطة محمد مرسي الذي يعرف النسبة التي حملته الى حكم مصر، والنسبة التي تعارضه فيها، وما يحتاجه للانتصار على هذه المعارضة. واخيرا الصراع على السلطة بين الاسلاميين انفسهم من سلفيين واخوان وقاعدة وغيرها. مما جعل احد قادة المعارضة المسلحة السورية يعترف للاندبندنت قائلا: “حاولنا تشكيل المجالس العسكرية كما ارادوا، لكن هناك بعض الصعوبات تتمثل في أن الكثير من الأفراد الذين نصبوا أنفسهم قادة للكتائب المقاتلة لا يريدون التخلي عن السلطة”.
من هنا نرى ان لا اثر في هذا التلمظ للاشفاق على المعارضة السورية، ولا مانع عند احد في جعلها وقود النار. او قطع اذن من يبقى في الخارج ويكتفي برقص الجواري، اما من يتمرد على كل هذا ويصر على المعارضة بفخر ثائر سوري ينتفض ويضحي لاصلاح بلاده ودفعها الى الافضل بكل الطرق، فله من هؤلاء، عداء لا يقل عن العداء للنظام.