سواء كان صحيحا ان الشاب الذي مثل دور الرسول في اللقطات المبعثرة في الشريط السيء الذكر الذي اسموه فيلما، هو مصعب ( جوزيف) حسن يوسف ام لا بحسب ما اعلنه الشاب من انكار لمشاركته وتهديده بمقاضاة من يتهمه. فان ورود اسمه في القصة هو مؤشر ذو اهمية من حيث علاقة القضية باسرائيل او باللوبي الصهيوني المسيحي في الولايات المتحدة، فمصعب هو ابن القيادي في حماس حسن يوسف، جندته المخابرات الاسرائيلية لسنوات، تسبب خلالها في مقتل عدد من القياديين وفي اعتقال مروان البرغوتي وحتى اعتقال ابيه نفسه، كما روى في الكتاب الذي اصدره بعد هروبه الى اميركا وكشفه عن سيرته، واعتناقه المسيحية باسم جوزيف. ونقول “المسيحية” مجازا لان ما اعتنقه هذا هذا الولد المختل الخائن ليست المسيحية الكاثوليكية او الارتوذوكسية وانما هي المسيحية الصهيونية المنتشرة في الولايات المتحدة، والتي تشكل امتدادا لاسرائيل، بل لليمين الاسرائيلي.
ليست مشاركته في الشريط هي الاهم، فهو مختل ذهنيا وعاطفيا، جرّه الشاباك خلال اعتقاله الى التعامل ومن ثم الى الجهر. ومن قرا كتابه اكتشف كم غسل الدماغ الذي تعرض له، الى حد افتقاره الى ابسط المشاعر الانسانية ( على سبيل المثال يروي كيف سهل قتل احد القياديين ثم ذهب مع ابيه الى المستشفى للتعرف الى جثته.)
المهم هو ضلوع الصهيونية في هذا العمل الاستفزازي، وربما استعمل اسم هذا الشاب لاثارة ردات فعل كثيرة محسوبة. هذا الضلوع اشار اليه الكثير من الباحثين والاعلاميين الاميركيين، اضافة الى ان نشر الصور في صحيفة ناشيونال ايبدو الفرنسية، وهي صحيفة مرتبطة باللوبي الصهيوني، كانت هي نفسها من نشر الرسوم المسيئة قبل سنوات. وهنا لا بد من طرح الاسئلة المنطقية حول الاهداف التي ارادتها من ورائه. فهي تعرف طبيعة العرب والمسلمين، وطبيعة الانفعالية التي تحكم ردات الفعل. فماذا تريد؟
العودة الى قضية الرسوم المسيئة، قد تقود الى تبين عناصر تحليل. فقد تبين في حينه ان احد اهداف ترتيب هذا الامر في الدانمرك بالذات، كان يهدف الى اثارة ردات فعل تساعد في تحريض الدانمرك على عدم سحب وحدتها العاملة في العراق. حيث كان هناك تياران في البرلمان وعندا وصل التيار المطالب بالانسحاب الى تحقيق الاغلبية اثيرت قضية الرسوم، واتضح فيما بعد ان من كان وراءها هو دانيال بايبس، الستراتيجي الاميركي – الاسرائيلي الذي يعمل في فريق ريتشارد بيرل وولفويتز. وقد يقول البعض: ما اهمية الوحدة الدانماركية؟ ولكن عندما يعرف انها كانت المكلفة بتقنيات الاتصال بين جميع وحدات الاحتلال، وان الدنمرك هي واحدة من اكثر الدول تقدما في هذا المجال، يفهم الامر.
اما ذكر ريتشارد بيرل فيذكرنا بقضية اخرى هي قضية الشيخ ابو صهيب الاميركي الذي ادعى انه يمثل القاعدة وراح يبث فيديوهات، تسجيلات ورسائل في كل انحاء اميركا والعالم، تهدد الشعب الاميركي بطريقة مقززة في تطرفها ثم تبين انه ليس سوى ادم بيرل ابن ريتشارد بيرل، انتحل اسما عربيا واطلق لحيته وفتح حسابا على الانترنت… وكفى.
المقارنة بين الحادثتين، او بالاحرى الثلاث، تقول لنا انه لولا الخطاب المتطرف المبالغ الذي ينتهجه بعض العرب والمسلمين، والدعوات التكفيرية التي تصل حد العنف بل القتل، التي يطلقونها حتى بحق اهلهم، لما استطاعت مخابرات اسرائيل وجواسيسها على الساحة الدولية من تشويه صورة الاسلام، وبالتالي صورة بلاد المسلمين بمن فيها من مسلمين وغير مسلمين، وفي مقدمتها العالم العربي، ومن تعميق الشرخ الذي يسمى صراع الحضارات وهو لا يعني في الواقع الا صراع العالم الاسلامي مع الغرب.
انه مسلسل لم يبدا مع الفيلم ولن يتوقف معه، وسيبقى عصاة تحرك النار كلما قاربت من الانطفاء، او كلما احتاجت اسرائيل ولوبيهاتها وحلفاؤها لتاجيجيها.
انها رسالة صهيونية لا تجوز مواجهتها بالصمت، على ان يكون الرد مدروس الاهداف والتاثيرات كما كانت الصياغة.