اذا ما اعتبرناه خطوة اولى، قلنا حسنا. واذا ما اعتبرناه بروفة قلنا حسنا. اما اذا اعتبرناه مؤتمرا للمعارضة السورية لتوحيد الصف النظيف والخروج ببرنامج واضح، بخطة عمل للتعامل مع الازمة وللتفاوض على اساسه مع الحكم، فان علينا ان نقول انه غير كاف.
غير كاف في تمثيليته، غير كاف في تنظيمه كما بدا لنا على الشاشات، غير كاف في خطابه الذي لم يخرج عن العموميات ولم يبلغ حتى الخطوط العريضة.
بدءا من التمثيل. لا شك ان التنسيقيات هي الفصيل المعارض الاكبر على الارض، وعندما نقول الارض نقول الداخل لان الداخل هو الاهم ولا قيمة للخارج الا بقدر انتمائه الى الداخل، ايا يكن الفصيل، وبقدر تقديمه للداخل على ذاته التي في الغربة، فالحرب بالنظارات سهلة يقول المثل الشعبي، خاصة اذا كانت هذه النظارات من ماركة دولتشي اند غابانا، التي جعلت اموال النفط ثمنها الباهظ متاحا للجميع، بل ومبلغا زهيدا لا يستحق التعليق بالمقارنة مع الشقق الفخمة في عواصم الغرب وفنادق الخمس نجوم والسيارات الفارهة. اغراءات يسجل لعدد من الرموز في الخارج تعاليهم فوقها الى مستوى الوطن، خاصة هيثم مناع.
نقول الداخل، ولكن اين اهل الداخل؟ اين لؤي حسين، اين فاتح جاموس؟ اين علي حيدر؟ اين قدري جميل؟ اين احزاب الشباب الكثيرة التي لا نحفظ اسماءها جميعا؟ وهذا على سبيل المثال لا الحصر. وذلك دون اخذ المسلحين الجماعات التكفيرية والعنفية بالحساب طالما ان المؤتمر كله ينعقد تحت العنوان الثلاثي الاصلي للحراك الشعبي: لا للعنف، لا للطائفية، لا للتدخل الاجنبي.
وبالعودة الى مناع فقد كان حضوره سيشكل دون شك حدث المؤتمر ورصيدا كبيرا لنجاحه ونجاح سوريا، لكن السؤال عن تغيبه في اللحظة الاخيرة يقود الى مسالة الخلافات الداخلية من جهة والى مسالة اختطاف الدكتور عبد العزيز الخير ومرافقيه من جهة ثانية. وهنا لا بد للعقل وان يقول، منذ اللحظة الاولى ان مسالة الاختطاف عمل مشبوه بدليل الاسئلة المنطقية: لماذا تاخر خروجه من المطار عن خروج سيارة حسن عبد العظيم ورجا الناصر؟ لماذا لم يكن الجميع في سيارة واحدة؟ لماذا خطف الخاطفون الثانية وليس الاولى؟ الذلك علاقة بافشال المؤتمر، او بالخلافات الداخلية ضمن الهيئة، وقد اعلن عنها صراحة منذ ايام؟
فسواء كان من خطفهم هو المخابرات الجوية او حاجزا طيارا من الجماعات المسلحة، النتيجة واحدة وهي ابعادهم عن المؤتمر وابعاد اطراف اخرى عنه، وفي مقدمتها المنّاع رئيس الهيئة، والذي كان قد اعلن للتو عن حضوره، مع معرفة الجميع بان حضوره على ارض دمشق، بما له من شعبية ومن رصيد سيبتلع الجميع. وسيؤدي الى بلورة برنامج واققعي لمسيرة المعارضة وللحوار مع الحكم في نهاية الامر، بشكل مباشر او غير مباشر.
اما التنظيم، فقد نقول انه بداية قد تتطور في لقاءات قادمة، خاصة اذا ما تطورت المشاركة، والا فان هذه الفوضى لا تليق ابدا بمجموعة تريد ان تقود تغييرا وان تبني دولة افضل من الدولة القائمة.
اخيرا الخطاب: مبدئيا التزم الخطاب الرسمي الذي تلاه رجاء الناصر بالاسس الثلاثة التي ذكرنا: العنف الوطائفية والتدخل الاجنبي وهذا جيد. لكن الرجل بدا لنا اقرب الى تقديم اوراق اعتماد شخصية منه الى تمثيل جهة. اضافة الى ان تهديده المتكرر للاعلام بالطرد من القاعة لا ينم عن رجاحة رجل دولة ولا رجل ثورة، ويثير الابتسامة حول الثقافة الديمقراطية التي يحملها. ولا تذكرنا الا بتعامل بثينة شعبان مع الاعلاميين، رغم ان المستشارة تعلمت من النصائح وعدلت اسلوبها لاحقا. فهل كلنا في الهم شرق؟!!
بالمقابل جاء الخطاب الضيف المصري محمد الدسوقي متماسكا، واعيا، واضحا في قوميته وفي ثوريته وفي الدرس العملي الذي اشار اليه حول توحد القوى الناصرية في مصر، بعد ان علمتها الصفعة ان التشرذم يشطب. وربما هو درس على جميع القوى القومية واليسارية ان تتعلمه. والاهم ان الدسوقي كان حاسما في مسالة ثبات الموقف من اسرائيل. هذا في حين نقلت رسالة ليث شبيلات خوف كل مخلص على سوريا، في اطار خوفه الحقيقي على سوريا الكبرى وربما على العالم العربي.
يبقى الخطاب الروسي، ولا يقال عنه الا انه خطاب راع… يترك السؤال حول حقيقة وجود اتفاق ما بين اوباما وبوتين