فرنسا والتدخل العسكري (3)

السياسة العربية الأوروبية، 30-08-2012

بعد دعوة برنار هنري ليفي، ورد الفيلسوف والحقوقي فيلمر عليه أمس حول موضوع التدخل العسكري في سورية. نورد اليوم رد رئيس هيئة أركان سلاح الجو الفرنسي السابق جان فلوري. يكتب فلوري:

” كثيرون يدعون الى اتخاذ كل التدابير العسكرية كما حصل عام 1990 لتحرير الكويت. ولكن:

كي يستطيع الطيران تدمير الدبابات والمدرعات لا بد له من السيطرة على الجو، خارج الصواريخ المضادة للطائرات والطائرات المعادية. في الحالة الليبية لم يكن ذلك صعبا، لأن الوسائل الدفاعية كانت ضعيفة. أما بالنسبة لسورية فالموّال يختلف. حيث يضم سلاح الجو السوري حوالي 500 طائرة مقاتلة أي ما يساوي ضعفي سلاحنا الجوي. من ناحية ثانية فإن هذه الطائرات ( حتى ما هو غير حديث منها ) هي في حالة تدريب مستمر، مما يعني طياريها أيضا. وعليه ليس بامكاننا مواجهتها.

وعندما حاول الأتراك في حزيران الفائت اختبار قدرة سلاح الجو السوري جاءت النتيجة غير متوقعة. لذلك فان مواجهة سلاح الجو السوري الآن تقتضي استعمال سلاح الجو الأمريكي وقاعدتي اليونان وقبرص اضافة الى قواعد الشرق الأوسط. وهذا يختلف عن ليبيا حيث بدأنا العمل بمفردنا وقمنا بثلث المهمة قبل أن ينضم الينا الأمريكيون للمساعدة، وبهذا استطعنا أن نتصدر التحالف. في حين أننا لن نكون في سورية، وللأسباب التي ذكرت إلا قوة صغيرة تعمل تحت امرة واشنطن.

أما بالنسبة للمناطق العازلة التي يقترحها بعضهم فانها تطرح الاشكالات نفسها لأنها تقتضي أيضا السيطرة على الجو، وبشكل أفضل.

في عام 1991 كان سلاح الجو الفرنسي يملك 450 طائرة مقاتلة اضافة الى 32 ميراج 4 من القوات الاستراتيجية. أما اليوم فقد انخفض هذا العدد الى 230 طائرة مقاتلة (ميراج ورافال بما في ذلك النووية ) وكذلك حصل التخفيض نفسه على القوات البحرية. أما الميزانية العسكرية فقد انخفضت من 3%من الدخل القومي الى 1,3%. غير أن السلطات الرسمية لا تجرؤ على إعلان حقيقة ما أصابنا من ضعف عسكري، لأن ذلك سيقتضي فورا رفع الميزانية العسكرية وهذا ما يتناقض مع الوعود التي قطعها الرئيس هولاند على الصعيد الاقتصادي المعيشي. ومن هنا كان أسلوب فلاديمير بوتين عمليا، عندما زارنا، لانه تجنب طرح الاسئلة الحقيقية”.

انتهى تلخيص المقال – ولم ألخصه كثيرا لأنه كما لغة العسكريين قصير.

أما خلاصة ما أوردناه في المواقف الثلاثة وعلى مدى ثلاثة أيام، فهي أن لا تدخل فرنسي أو أوروبي، عسكريا في سورية ( لأن ما كتب عن فرنسا ينطبق على الجميع، بل انها الأحسن حالا في القارة العجوز ) – لا تدخل إلا تحت الراية الامريكية. وهذا ما يبدو مستبعدا الان لثلاثة أسباب: الانتخابات الامريكية، الأزمة المالية، وما لاحظناه ونعرفه من حساسية الكثير من القوى الفرنسية خصوصا والأوروبية عموما من التبعية الذيلية لواشنطن. الوعود الروسية الاقتصادية والتي بدأت تنفذ، هذا عدا عن النفوذ الاقتصادي الصيني.

غير أن ذلك لا يعني ان ضغوط اللوبي الصهيوني ستتوقف، ولنعد الى مقال برنار هنري ليفي – الاول في هذه السلسلة – خاصة اذا ما أسفرت الانتخابات الامريكية عن فوز رومني. كما أن هذه الضغوط، لن تتوقف عن الدفع باتجاه تدخل اقليمي تشارك فيه إسرائيل والجامعة العربية والدول الافريقية خارج اطار مجلس الأمن – على حد تعبير ليفي – فهل يبدو ذلك ممكنا؟ والا فما البديل؟

هذا ما سنناقشه غدا.

 

http://www.lemonde.fr/idees/article/2012/08/23/syrie-pas-d-intervention_1749082_3232.htm

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون