لماذا سيناء؟

الربيع العربي، 09-08-2012

لن نلجأ الى التحليل والتنبؤ ولكننا سنكتفي بطرح السؤال البديهي في أحداث كهذه. من المستفيد؟ ومن الخاسر؟

بعد التطورات المصرية ووصول حزب العدالة الى الحكم كان لا بد من استحقاقات تؤديها الطبقة السياسية الجديدة إزاء جمهورها الإسلامي في مختلف القضايا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتحديدا قطاع غزة. استحقاقات تبدأ بفتح المعابر وتحديديا معبر رفح، حيث ان اغلاقه من قبل سلطات حسني مبارك كانت واحدا من اهم المآخذ التي استعملت ضد النظام المخلوع. وترتبط مسألة الأنفاق ارتباطا وثيقا بالمعابر، بل ان أهمية الأنفاق أصبحت تفوق أهمية المعابر بعد أن تمكنت من تشكيل بديل لها. بديل لا يخضع لسلطة التفتيش والجمارك. وبديهي ان ما يحصل في العتمة وتحت الأرض اشد خطرا مما يجري في الضوء وفوقها.

خطر على من؟ خطر أولا على إسرائيل، من دون شك، وخطر ثانيا على مصر حيث يحد من سلطتها على حدودها ويحرجها في التزاماتها إزاء إسرائيل والولايات المتحدة، وخطر ثالثا على السلطة الوطنية الفلسطينية لانه يؤمن لحماس أسباب الاستمرار والتفوق في غزة.

لم يكن بد لمحمد مرسي ألا يفتتح عهده بالوفاء بوعد فتح المعابر خاصة رفح، من دون قيود، إلا القانوني منها. سواء كان ذلك عن قناعة او عن فرض المصداقية. ولكن هل كانت الأطراف الاخرى راضية عن ذلك؟

خارجيا إسرائيل ومن يقول إسرائيل يقول الولايات المتحدة وقدرتها على الضغط على مصر، ومن يقول الولايات المتحدة يقول بعض الدول العربية وقدرتها هي أيضا على الضغط على مصر الرسمية، من جهة، ومن جهة ثانية، قدرة هؤلاء جميعا على تحريك بعض الجماعات التكفيرية، إما بالتحريض وإما عبر الاختراقات الأمنية التي يشير إليها أهل سيناء وأجهزة الأمن المصرية والغربية بوضوح. أما على الصعيد الداخلي فان بعض هذه الجماعات لا يمكن أن ترضى عن التحالف الذي بات واضحا، خاصة بعد تشكيل الحكومة الجديدة، بين الاخوان المسلمين والمجلس العسكري، ولم يترك للآخرين إلا فرصتين إما ان يضعهم جانبا وإما تحت الوصاية، وذاك ما يفسر عدم مشاركتهم في الحكومة.

على مستوى اكبر وأوسع ثمة مستقبل يرسم للمنطقة ولا شك ان سيناء جزء منه، خاصة في ضوء عدم التوازن بين مساحتها الجغرافية وكثافتها السكانية، وفي ضوء إهمال الحكومة المصرية لها اعمارا واستثمارا وتنمية.

الخاسر الأول في احداث سيناء هم اسر الجنود المساكين، ولكن منذ متى يؤخذ هؤلاء في حساب السياسيين؟ الخاسر الثاني هو قطاع غزة الذي عاد بسرعة لم يتوقعها الى الحصار، وربما الى ما هو أسوأ من إقفال المعبر، تدمير الأنفاق.

واذا كان المستفيد الأول هو بالتأكيد إسرائيل، فان الثاني هو المجلس العسكري الذي مكنه الحادث من إحكام قبضته أكثر على سيناء وعلى الحياة السياسية والأمنية في البلاد، المستفيد الثالث هو الإسلام الحاكم لان ذلك اعطاه فرصة التخلص من التزاماته الفلسطينية دون حرج، ولكنه خسر في الوقت نفسه نقاطا لصالح الحليف العسكري في حكم البلاد، ووسع الفجوة بينه وبين الحليف الآخر الإسلامي السلفي. خاصة وان مراكز الدعم الخارجي، خاصة العربي الخليجي للاخوان هي غير مراكز دعم السلفيين، خاصة التكفيريين. اضافة الى انه خسر نقطة في استهلال حكم مرسي بهذه الهزة الامنية قبل ان يجتاز المئة يوم الموعودة للحساب.

أما الذين نفذوا العملية، وهم كما اكّدت جميع الجهات الأمنية من داخل سيناء ( مما لا يعني بالضرورة ان يكونوا جميعا من أهل سيناء ) فهم مجرد ادوات في لعبة تجاذب القوى ضمن لعبة الأمم.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون