نصف قرن على عملية “خليج الخنازير”

الربيع العربي، 18-06-2012

هل يشهد العالم عملية خليج خنازير جديدة؟

لم تنصب صواريخ نووية روسية في مواجهة الارض الاميركية كما حصل قبل اكثر من نصف قرن، ولكن شيئا شبيها يحصل على الاراضي السورية، بل وعلى اراضي الشرق الاوسط. فالاميركيون نصبوا درعهم الصاروخي في تركيا وفي اكثر من نقطة في المنطقة، والروس بدؤوا يعودون الى ساحة  التواجد العسكري واخر ما عرف هو نصب محطة رادار في كسب لمراقبة  التحركات الاميركية والغربية.

كل ذلك يذكرنا بعملية خليج الخنازير ضد كوبا في الستينات، يوم  جمع الاميركيون لديهم المعارضين الكوبيين ونظموهم باشراف جورج بوش الاب، وهددوا بمهاجمة الجزيرة ونصب خوشوف صواريخه معلنا ازمة كادت تودي بالعالم الى حرب نووية. فشل هجوم المعارضة عبر خليج الخنازير وتمت تهدئة المواجهة الساخنة التي استمرت باردة الى ان قضت على الاتحاد السوفييتي.

غير ان الامر هذه المرة يختلف، فالمواجهة الساخنة غير مطروحة بالمعنى الدولي النظامي، والمواجهة الباردة اكثر من باردة لانها تسخن استخباراتيا وفي مواجهات داخلية مسلحة تحول البلاد الى حرب اهلية. والمعركة لا تسير باتجاه اضعاف الاتحاد السوفييتي بل باتجاه منع روسيا والصين من العودة الى الساحة الدولية كلاعب اساسي ينهي التفرد الاميركي. لكن هذه العتبة نفسها قد تم تجاوزها وانتهى الامر وفرضت الدول النامية نفسها الى جانب واشنطن لا بديلا عنها ولا تابعا لها. فالى اين تسير بنا لعبة الامم؟ سؤال لا بد من طرحه ولكنه ايضا مؤلم لان اللعبة تسير بنا دون ان نكون لاعبين  حقيقيين فيها. فالمعارضة السورية، خاصة المسلحة منها، هي مجرد ميليشيات تاتمر تفصيليا بقوى خارجية قادرة على خنقها بشحطة قلم ولحظة تخل. والحكم السوري غير قادر على مواجهة الازمة الا بالحماية الروسية الصينية، والعالم العربي الرسمي الذي كان يفترض به ان يقدم حلا عربيا لم يقدم الا تنفيذا حرفيا مفضوحا – مكما لم يكن يوما- لاملاءات غربية.

وعليه يبحث الحل بين اوروبا وروسيا من جهة وبين روسيا وواشنطن من جهة ثانية، بعيدا عن الساحات العربية. بحث يبدو انه وصل الى مراحل متقدمة لكنه لم يزل بعيداعن النضج. فالاوروبيون قد قدموا تنازلا امام الروس بالتخلي عن الكلام عن ذهاب النظام، والحصول على جائزة ترضية هي ذهاب الرئيس، ولم يات تراجعهم هذا الا بعد الاقتراح الذي قدمه مساعد مستشار الامن القومي الاميركي بذهاب الرئيس وبقاء العامود الفقري للنظام. والروس الذين ما يزالون يتمسكون في العلن ببقاء الرئيس، اصبحوا اكثر مرونة في هذا الامر – على ما يبدو- ولكن الخلاف الرئيسي يتركز في رغبة الاوروبيين في حصول ذلك مع بدء العملية السياسية واصرار الروس على ان يكون التغيير الرئاسي نتيجة للعملية السياسية التي تؤدي الى ادارة جديدة هي عبارة عن خليط من عناصر في النظام الحالي وعناصر من المعارضة، وفي الحالين من الذين لم يدخلوا لعبة الدم السوري. على ان يظل الجيش هو القوة التي تمسك بالامور وتضمن  الحفاظ على مؤسسات الدولة.

تضارب التصريحات بين وزير الخارجية الفرنسية والروسية، والمعلومات الواردة من العواصم الغربية تؤكد على هذه المعادلة، واتجاه الاحداث يؤكد ان الروس لا ينوون التراجع، في حين يستد عض الاصابع اذ يعلن الفرنسيون انهم سيزودون المجموعات المسلحة باسلحة جديدة ومتطورة، ويرتفع مستوى الضغط الاعلامي في كل الاتجاهات.  تصعيد اصبح يهدف الى تحسين شروط التفاوض بعد ان اصبحت الاهداف التي رفعت في البداية وراء الظهر، اذ اتضح انه بالامكان تاجيج حرب اهلية ولكنه ليس بالامكان تكرار واستنساخ تجارب اخرى بشكل يؤدي الى  تدمير الدولة.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون