دولة طالبان جديدة

الربيع العربي، 11-06-2012

قبل ثلاثة اشهر كتبنا في هذه الزاوية بعنوان “ازودات”، حيث لم يكن من الصعب على اي مراقب ان يرى في اعلان انفصال ازواد عن مالي على خلفية عرقية اصولية، بداية لتفتيت معين مصمم للقارة الافريقية، خاصة في جزئها الشمالي، العربي منه وغير العربي. كان من المعروف ان المستهدف الاول هو الجزائر التي لم يخف وزير خارجية قطر، في اجتماع وزراء الخارجية العرب في مصر، انها على القائمة الغربية-الخليجية بعد سوريا. خاصة وانها تملك اطول حدود مع مالي 1300 كلم.

لكن ثمة امر قد تغير بين ذلك التهديد، وبين ما هو الحال عليه الان، خاصة فيما يخص العلاقات مع فرنسا. اذ باتت حكومة فرانسوا هولاند تشعر ان تمركز الاسلاميين في هذا الجزء من افريقيا يهدد مصالحها في القارة السمراء، خاصة وانه لا وجود هناك لاي جيش يمكن ان يواجه هذا الانتشار، ولذلك طلبت باريس من الجزائر التدخل، غير ان حكومة بوتفليقة لاترى ان ذلك مناسب لان من شانه ان يفجر الاوضاع الامنية داخل الجزائر نفسها.

هذا ما نشرته مجلة لو كانار انشينيه في الاسبوع الماضي تحت عنوان ساخر: ” صديقنا القطري”، معبرة عن غضب فرنسا من قطر التي تمول هذه الجماعات الاصولية، ومنهابوكو حرام. “استنادا لمعلومات جهاز الإستخبارات العسكرية، فإن الثوار الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وحركة انصار الدين والقاعدة في المغرب الإسلامي وحركة الجهاد في غرب إفريقيا قد تحصّلوا على دعم بالدولار من قطر “. وكانت الصحيفة نفسها قد كشفت في في 26 مارس الماضي، نقلاً عن “الإدارة العامة للأمن الخارجي” (جهاز الاستخبارات الفرنسي)، تمويل قطر للجماعات الإسلامية في القرن الإفريقي ومنطقة السّاحل الإفريقي. وهذا ما أكدته الإستخبارات العسكرية بوصفها لتلك المنطقة الشاسعة بـ’ملاذ جديد للإرهاب”.

قبل شهرين نشرت لو كانار ان الامور توترت كثيرا بين ساركوزي وقطر على خلفية اتهام الاول لوزير خارجية قطر بانه قد خدعه بشان سوريا، حيث قال له ان الامر لن يحتاج الى اكثر من اسابيع قليلة لانهيار النظام، وعليه رمى ساركوزي بكل اوراقه مكشوفة، في عز المعركة الرئاسية املا في ان النجاح في سوريا سيعيده الى الاليزيه، غير ان ما حصل كان العكس تماما.

غير ان الامر ليس جديدا، حيث كان ساركوزي نفسه قد اعلن في 26 اب عام 2009 امام الاجتماع السنوي لسفرائه، بان بلاده لن تسمح باقمة ملاذ للقاعدة “قريبا منا في افريقيا”

كل هذا يثير التساؤل: كيف ينسجم هذا الموقف الفرنسي مع تدخل باريس في ليبيا ومن ثم في سوريا؟ وهل ان ما يعرفه وزير الدفاع الحالي جان ايف لو دريان هو غير ما كان يعرفه الان جوبيه؟ اوليس جهاز الاستخبارات نفسه هو الذي يزود الاثنين بالمعلومات والتقديرات؟ اوليس برنار باجوليه الذي عينه ساركوزي في منصب المنسّق الوطني للإستخبارات، هو السفير السابق مع الان جوبيه وزير الخارجية ن في عدة دول من ضمنها العراق، وهو الذي صرح  عام 2001 أمام أعضاء لجنة القوات المسلحة بالبرلمان عن ‘خطر تحوّل منطقة الساحل إلى أرض جهاد جديدة”؟ وهل حقا ان المشكلةهي مع قطر التي تتهمها فرنسا بالبحث عن مصادر للنفط في الساحل الافريقي؟  ولماذا والحال هذه كانت قطر تجري مفاوضات مع توتال الفرنسية للاستثمار النفطي في الساحل الافريقي؟ فهل فشلت هذه المفاوضات ام ان فرنسا تريد ممارسة ضغوط فيها؟  ام ان الانتشار الاصولي كان اوسع مما توقع الاميركيون حيث تحولت ازواد الى دولة طالبان جديدة يؤمها متطوعو ومدربو القاعدة من باكستان والصومال اضافة الى جماعة بوكو حرام.

 

ام ان الامر ابعد من ذلك فالمشكلة الحقيقية هي الولايات المتحدة التي تضع قطر في الواجهة مستفيدة من اموالها، وذلك ما لا تجهله الامارة الصغيرة التي تشتري به دورا ومشروعية؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون