اعلام يصنع الحرب

سوريا، 11-06-2012

المعرفة الاكاديمية بجيوبوليتيك الاعلام العربي  تقود الى تحليلات معقدة بشان طرد سوريا من القمر العربي عربسات والمصري نايل سات، وهذا ما حاولت تناوله بعلمية  في هذه الزاوية  اول من امس. لكن معطيات جديدة  ظهرت على الساحة عبر باحثين سياسيين اوروبيين، كان اكثرهم تفصيلا وتوثيقا هو ما نشره موقع موندياليزاسيون. ( العالمية وهي بالفرنسية غير العولمة: غلوباليزاسيون ) وموقع شبكة فولتير. حيث يقول الموقع ان  السي اي ايه قد اعدت محطات بديلة للبث على الترددات ذاتها التي  تبث عليها الفضائيات السورية، بحيث ان المشاهد يفتح على الفضائية السورية فيجد الاخرى وقد لا ينتبه الى التغيير. ويتوقع ان يحصل ذلك قريبا جدا.

وتقول الوثائق المذكورة انه قد تم تحضير افلام واخبار وتقارير مفبركة  تم تركيبها في الاستوديو او في عمل ميداني او عبر مونتاج لصور موجودة سابقا. وهي عبارة عن اخبارا كاذبة وصورمجازر جماعية ومظاهرات كبيرة في وسط المدن السورية، و ظهور مفبرك ايضا لوزراء وجنرالاات يقدمون استقالاتهم.  وكذلك تم اعداد فيلم يصور الرئيس وهو يهرب من القصر الجمهوري  وتحل حكومة ثورية مكانه ، في حين يحتل الثوار ساحات المدن الرئيسية. وعلى ذمة الوثائق فقد اعدت لذلك استوديوهات خاصة في واشنطن وفي مناطق عربية، تضم نسخا من القصر الرئاسي السوري ونسخا عن المواقع الرئيسية في حلب حمص ودمشق. اما الهدف من هذه الحرب الاعلامية فهو تحطيم معنويات الشعب والجيش السوري مقدمة لعملية انقلاب عسكري. انقلاب يمكّن  حلف الناتو من تجاوز الفيتو الروسي الصيني والسيطرة على سوريا بدون هجوم عسكري غير شرعي. كما يتكفل بوضع حدا لاي خطوة باتجاه الاصلاح والديمقراطية.

يشرف على هذه العملية من واشنطن مباشرة بن رودس مساعد مستشار الامن القومي الاميركي. ( بن رودس هذا هو من كلفته ادارة بوش بكتابة تقرير لجنة كيت /هاميلتون حول احداث 11 سبتمبر). ويساهم فيها عدد من الخبراء والسياسيين، الذين عقدوا حتى الان عدة اجتماعات دولية لتنظيم هذا العمل بدءا من اجتماعين تقنيين في الدوحة.

يقول تييري ميسان ان الاجتماع الاول ضم ضباطا في الحرب النفسية في عدة فضائيات: العربية، الجزيرة، بيبي سي سي ان ان فوكس فرانس 24 المستقبل وام تي في.  ومن المعروف انه منذ عام 1998 ادخلت اميركا ضباطا من وحدات العمليات النفسية في الجيش الاميركي على فريق تحرير سي ان ان، وقد تم توسيع هذا الاجراء ليشمل المحطات الاخرى.  وقد اعد هؤلاء المادة الاعلامية المذكورة اعلاه وفق توصيات فريق بن رودس في البيت الابيض، وبعد تحريرها عرضوها على الفريق من جديد للموافقة عليها وتعميمها على المحطات جميعا بحيث ياتي بثها على الجميع تاكيدا لمصداقيتها لدى المشاهد.  ولم تكتف اللجنة بهذه المحطات بل تم تجهيز 40 محطة وظيفتها التحريض المذهبي وصولا الى الحرب الاهلية.

في حين ضم الاجتماع الثاني  مهندسين ومخرجين لتصميم وتنفيذ واخراج المادة المذكورة وتناول الثالث تنسيق عمل هذه الحملة الاعلامية مع عمل الجيش السوري الحر.

واذا كان البند الاول من العملية هو  ضخ الاخبار الكاذبة المبرمجة فان الثاني هو منع بث ما يكذبها.    علما بانه لا يوجد في سوريا شبكة ارضية للبث التلفزيوني بل ان جميع التلفزيونات السورية تبث عبر الاقمار الاصطناعية. دون ان يعني ذلك عدم امكانية استبدال الاقمار العربية باقمار اخرى.

هل ستصدق هذه المعلومات؟ سوابق الناتو تؤكد هذا الاسلوب، من راوندا الى فنزويلا الى حرب العراق الى حرب ليبيا، وليس اقلها الفضيحة الشهيرة التي ظهرت في رومانيا بعد القضاء على تشاوشيسكو، حيث اتضح ان ما عرف بمذبحة تيموسورا، والتي استعملت راس الرمح لادانة نظام تشاوشيسكو انما نفذتها الكاميرات الاطلسية بجثث سحبت من المقابر. غير ان اعتراف العالم بالكذبة، بالتزوير التاريخي لم يغير شيئا بعد ان سبق السيف العزل، كما ان الاعتراف بكذبة اسلحة الدمار الشامل لم يعد العراق عراقا.

ملاحظة: يمكن الاطلاع على قصة مذبحة تيموسورا على موسوعة ويكيبيديا: http://fr.wikipedia.org/wiki/Affaire_des_charniers_de_Timi%C8%99oara

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون