في الغرب , خاصة فرنسا ليس هناك من لا يعرف من هو برنار هنري ليفي , ذاك ان الرجل لا يخفي شيئا من انتماءاته وقناعاته, بل يتبجح بها. لكن لدينا, خاصة في المشرق العربي, جهل بذلك يجعل الصحف العربية تورده كمجرد فيلسوف فرنسي. ليفي هو يهودي فرنسي,من مواليد الجزائر من اكثر المتحمسين للصهيونية, ورغم انه دَرَس الفلسفة ودرَّسها الا انه عُرف اكثر كناشط سياسي صهيوني وكصحافي , خاصة عندما كان مراسلا حربيا في بنغلادش خلال انفصالها عن باكستان, وعندما برز كداعية لتدخل حلف النيتو في يوغوسلافيا, وللدور الذي لعبه في ايران, دارفور, افغانستان وجورجيا. اسس ليفي الذي ورث مئات الملايين عن ابيه, معهدا لفيناس في القدس المحتلة في اواخر التسعينيات. حيث يعتبر هذا الفيلسوف الصهيوني مرجعا يشرح به عداءه للاسلام ولليسار.
بعد ازمة الرسوم الدنماركية وقع ليفي مع احد عشر مثقفا بينهم سلمان رشدي بيانا بعنوان : ” معا لمحاربة الشمولية الجديدة”, اي الاسلام.
في 16/9/,2008 نشر برنار هنري ليفي كتابه “يسار في أزمنة مظلمة.. موقف ضد البربرية الجديدة” الذي يزعم فيه أن اليسار بعد سقوط الشيوعية قد فقد قيمه واستبدلها بكراهية مرضية تجاه الولايات المتحدة و”إسرائيل” واليهود, وأن النزعة الإسلامية لم تنتج من سلوكيات الغرب مع المسلمين, بل من مشكلة متأصلة, وأن النزعة الإسلامية تهدد الغرب تماماً كما هددتها الفاشية يوماً ما وأكد أن التدخل في العالم الثالث بدواع إنسانية ليس ” مؤامرة إمبريالية” بل أمرا مشروعا تماماً.
خلال افتتاح مؤتمر “الديمقراطية وتحدياتها” في تل أبيب, في أيار ,2010 تغزل برنار هنري ليفي ب¯ “جيش الدفاع الإسرائيلي” معتبراً إياه أكثر جيش ديمقراطي في العالم. وقال: “لم أر في حياتي جيشاً ديمقراطياً كهذا يطرح على نفسه هذا الكم من الأسئلة الأخلاقية. فثمة شيء حيوي بشكل غير اعتيادي في الديمقراطية الإسرائيلية”.
استغل ليفي الازمة الليبية فزار بنغازي مرارا ويقول انه من اقنع ساركوزي بالاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي, ثم رتب له لقاء معهم في الاليزيه في 4-3-2011 , وبعدها اقنع ديفيد كاميرون. وقد كادت تنفجر ازمة حكومية في فرنسا عندما اصطحب ليفي ممثلي المجلس الى الاجتماع الاوروبي في بروكسل, من دون علم وزير الخارجية الان جوبيه. نجح الناشط الصهيوني اذا, ولا شك بتنسيق مع المنظمات والدولة التي يتبع لها بمصادرة الثورة الليبية, حيث استقبل بعد سقوط طرابلس وكأنه هو البطل المحرر, مع كل ما يترتب على ذلك في المرحلة اللاحقة من ترتيب للمصالح الاسرائيلية والصهيونية في ليبيا.
في بداية الحراك السوري, حاول ليفي تلقف الامر بالطريقة ذاتها, لكن ثلاثة مثقفين من المعارضة السورية في باريس اصدروا بيانا قالوا له فيه بصراحة نحن لسنا بحاجة الى خدماتك. غير ان ” الناشط” الذي لا يكل لم يستسلم , واستطاع ان يجد ضالته, واختار ان يعلن نجاحه في مهرجان كان الاخير. حيث قدم فيلما وثائقيا عن دوره في ليبيا يتضمن لقاءاته مع من اصبحوا المجلس الانتقالي ومقابلات مع ساركوزي وكاميرون ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. والاهم انه اصطحب معه الى حفل الافتتاح مجموعة من المعارضين السوريين. بينهم اثنان لم يكشفا عن وجهيهما بحجة انهما وصلا للتو من سورية ويخافون على اهلهم هناك ( فيلم اخر!!!)
لماذا يستعرض ليفي عضلاته بهذا الشكل? هو نفسه يجيب في صحيفة الغارديان قائلا: ان لفيلمه الجديد رسالة سياسية عاجلة تتعلق بسورية. وان الهدف هو اولا “ان يبين ما يمكن ان يفعله الفرد” وثانيا ان “البشر كثيرا ما يصابون باليأس من وجود شيء يمكن عمله حين يواجهون وضعا مريعا لكن من الممكن دائما عمل شيء ما”.وثالثا “انه يريد ان ينظر العالم الى ما حدث في ليبيا على انه دليل يؤكد ان التدخل الخارجي ممكن في سورية مشيرا إلى” أن حمص اليوم هي بنغازي أمس”.
اخيرا لا بد من التوقف عند الاسم الذي اختاره ليفي لفيلمه وهو ” قَسَم طبرق”, وهو القسم الذي قطعه جنود فرنسا الحرة عندما حققوا نصرهم الأول على الألمان في ليبيا وأقسموا بألا يلقوا السلاح حتى تحرير فرنسا من النازيين. معادلة بسيطة تقول ان العرب الذين يحاربهم ليفي هم كالنازيين,وان اول انتصار عليهم بدأ في ليبيا, مع ما يعنيه ذلك, لاي يهودي وللصهيونية, وما يفسر مضمون حقده والمخطط الذي ينفذه.
لا يجهل اقطاب المعارضة السورية ذلك, ولا شك ان بينهم عملاء لليفي ومن ورائه. لكن بينهم وطنيون حقيقيون لا يعميهم عداؤهم للنظام عن محاولة اللوبي الصهيوني الالتفاف عليهم. ولذلك فهم مطالبون باصدار موقف واضح من هذه المحاولات ومن العملاء. والا فالسكوت علامة الرضا وهذا ما نربأ بهم عنه.