الثقافة الديمقراطية في خطاب الفضائيات العربية

محاضرات - ندوات، 30-12-2011

محاضرة في جامعة فيلادلفيا حول «الثقافة الديمقراطية في خطاب الفضائيات العربية»

عمان – بترا

استضافت كلية الآداب والفنون بجامعة فيلادلفيا أمس الاول الخميس الدكتورة والإعلامية حياة الحويك عطية في محاضرة عن «الثقافة الديمقراطية في خطاب الفضائيات العربية».
وتحدثت الدكتورة عطية عن «علوم الاتصال الجماهيري والإعلام» التي تشمل -حسب رأيها- جميع دراسات علم النفس وعلم اجتماع الاتصال، الاقتصاد السياسي للميديا والصناعة الثقافية وخاصة «التأثيرات السوسيو ثقافية للتلفزيون».
وأضافت أن تأثير وسائل الاتصال الجماهيري يتأتى من كل هذه المجالات ويؤثر على تطور كل منها.
وتناولت المحاضرة نموذج الفضائيات العربية لتجد أنها ولدت من تقاطع حاجتين: مقتضيات النظام العالمي الجديد والعولمة، وحاجة منشئي الفضائيات إلى تدعيم العقائد والقيم التي تعطي المشروعية للنظام السياسي القائم.
واشارت إلى أن بناء الثقافة الديمقراطية يبدو أصعب بكثير من بناء الأطر الديمقراطية، حيث يمكن أن تنشأ الثانية بقرارات فوقية وهمية شكلية فيما تحتاج الثانية إلى تصحيح منظومة قيم وبناء أخرى.
وأدارت المحاضرة أستاذة الفكر والحضارة المساعدة في الكلية الدكتورة سلوى العمد.

التاريخ : 31-12-2011

ملخص

الثقافة الديمقراطية في خطاب الفضائيات العربية

اذا كانت علوم الاتصال الجماهيري والاعلام تشمل جميع دراسات علم النفس وعلم اجتماع الاتصال، الاقتصاد السياسي للميديا والصناعة الثقافية كما يقول علماء التلفزيون وتاثيراته خاصة “التاثيرات السوسيو ثقافية للتلفزيون” فذاك لان تاثير وسائل الاتصال الجماهيري يتاتى من كل هذه المجالات ويؤثر على تطور كل منها. فالميديا تشكل بحسب هؤلاء نظام باطن خاص يتفاعل مع بقية الجسم الاجتماعي في عملية تبادلية بين القطبين.

واذا ما اخذنا نموذج الفضائيات العربية نجد انها ولدت من تقاطع حاجتين: مقتضيات النظام العالمي الجديد والعولمة وحاجة منشئي الفضائيات الى تدعيم العقائد والقيم التي تعطي المشروعية للنظام السياسي القائم.

لذا فان السؤال يطرح حول تقاطع وافتراق هذين الهدفين . فاذا كانت وسائل الاتصال اداة ضبط تمارسه تجمعات القوى المهيمنة على المجتمع ..، مما يجعل منها انماطا متعددة لتطبيق قانون اقتصاد السوق في مجال الافكار فما هي المفاهيم والقيم التي تهيمن على خطابها وتتحدد بالعلاقة مع بقية الجسم الاجتماعي؟ سؤال يحيلنا الى الرهان على طبيعة التغيير الذي يمكن لها ان تحدثه . رهان ينطلق من مساهمتها في تشكيل الفرد المواطن، كعنصر اول في اساس التغيير العميق، في رؤية هذا المواطن لمنظومة القيم ولهويته. ذاك ان الفرد يتلقى ويتشكل في اطار السياق الاجتماعي، السياسي، الاقتصادي والثقافي الذي يعيش فيه وينتمي اليه. سياق يمارس تاثيره على الفرد، على المجتمع وعلى الميديا في عملية تبادلية معقدة.

من هنا السؤال حول التاثير الذي يمارسه الخطاب التفزيوني، بشكل مقصود او غير مقصود، على الفرد، على بلورة ” الانا”، على المجتمع، على بلورة النحن، وعلى تاثير مسيرة الاحداث المحيطة على الاثنين، خاصة عندما يتعلق الامر بمجتمعات تعاني من الافتقار الى الديمقراطية الاجتماعية والسياسية، الى السيادة، وبالتالي من شعور عميق بالظلم وبعدم الامان يجعل الافراد تهرب الى الهويات الجزئية (الاتنية، العرقية ،الدينية،المذهبية والمناطقية) في عملية بحث غير واع عن “نحن” بديلة تعالج كما يقول فرويد “ماساة الانسان الوجودية المتمثلة في حاجته الى حماية النحن”. هذه الهويات التجزيئية التي يصفها امين معلوف بالهويات القاتلة، تتشكل على اسس غير عقلانية، بمعنى انها لا تتشكل بخيار واع يتخذه العقل النقدي الحر ازاء قضايا الحياة بكل تفرعاتها ، وانما بناءا على انتماءات غير مختارة وغير عقلانية يصفها ريجيس دوبريه بقوله” اللاعقلاني يكتل بصلابة” وبذلك تقطع الطريق على أي مفهوم معمق للحرية الفردية الحقيقية وللخيار الذي يقع في اساس الديمقراطية.

من جهة ثانية يشكل عجز هذه الكتل عن الحلول محل النحن العامة الوطنية، بفعل غياب السيادة الوطنية، احساسا بالحاجة الى الاستنجاد باخر من الخارج، او لخلق بيئة حاضنة تتجاوز الامة وسيادتها ، وذاك ما تؤمنه العولمة بشكليها الايديولوجيين: عولمة السوق وعولمة الدين.

كل هذه السياقات المشوهة تخلق علاقات شبيهة فيما يتعلق بصراع المصالح مع العدالة، وصراع قوى السلطة (بانواعها) مع قوى المساواة (وفق مفهوم السلطة لدى فوكو) فيما ينعكس على كل القضايا الاجتماعية.

ومن هنا فان بناء الثقافة الديمقراطية يبدو اصعب بكثير من بناء الاطر الديمقراطية، حيث يمكن ان تنشا الثانية بقرارات فوقية وهمية شكلية. فيما تحتاج الثانية الى تصحيح منظومة قيم وبناء اخرى، تشكل المواطن اولا وصولا الى دولة المواطنة دولة القانون والسيادة ثانيا.

تطبيقيا نبدا تتشكل قائمة من الاسئلة يدور حولها البحث:

هل ان برامج الحوار والمواجهات الحوارية يمكن ان تؤدي الى انشاء فضاء عام ومن ثم راي عام بالمعنى العلمي؟ أي خطاب تقدمه هذه البرامج وسواها حول علاقة الفرد بالمجتمع والدولة؟ أي توازن او عدم توازن تفرضه علاقات القوى وشبكات السلطة بين المصالح والعدالة بين السيادة والحريات؟

ومن هنا ما هي القضايا التي يتم التركيز عليها وبالمقابل القضايا المهمشة والقضايا المقصاة (من الاقصاء الفوكوي) من التناول؟

واخيرا أي حظ يتركه خطاب الصراعين: صراع الحضارات عالميا، وصراع الاتنيات والطوائف والمذاهب داخليا، لتشكل رؤية واضحة مواطنية ديمقراطية تتعلق بالمفاهيم المذكورة؟

أية “انا” واية “نحن” يعززها خطاب الفضائيات العربية، غير تلك المجموعات من “النحن” اللاعقلانية التي تكتل بقوة التجمعات وتفسخ المجتمع والدولة؟ اية ثقافة ديمقراطية تبنى من خلال البرامج التلفزيونية التي سنعالجها كنماذج؟

(البقية نماذج تطبيقية)