توفيق عابد-عمان
(سياسيون وإعلاميون ورجال فكر حضروا الأمسية الثقافية)
نظمت لجنة الحريات برابطة الكتاب الأردنيين أمس الأربعاء أمسية ثقافية بعنوان “الفضائيات والتغيير” وذلك بحضور نخبة من السياسيين ورجال الفكر والإعلام.
وخلال هذه الأمسية أشارت الكاتبة حياة الحويك، الحائزة على درجة الدكتوراه في الاتصال الجماهيري، إلى أن القنوات الفضائية تجسد في وقتنا الراهن صراع أربع دوائر أساسية هي العالمية والإقليمية والعربية والمحلية.
وقالت حياة الحويك إن الأميركيين يشجعون إنشاء محطات فضائية لتسويق تكنولوجيتهم المتقدمة وإشعال الحروب لتشغيل مصانعهم.
وأضافت أنه عندما أنشأت السعودية إمبراطوريتها الإعلامية ودخل العراق الكويت وأطلقت يد سوريا في لبنان بموافقة أميركية، أحس القطريون بالخطر من قيام السعودية بضمهم فاستعانوا بقاعدة أميركية لحمايتهم وأنشؤوا صوتا إعلاميا قويا يغطي الوطن العربي.
(الحويك (يسار): البرامج الحوارية مدخل للديمقراطية)
البرامج الحوارية
وتساءلت حياة “هل الفضائيات قادرة على لعب دور يختلف عن أسباب تأسيسها اقتصاديا وثقافيا وسياسيا؟”، وتجيب بأنه لا يمكن أن يكون متناقضا فهي تسوق العقلية الاستهلاكية (American style) والمذهبية والطائفية وتقيم ما أسماه النقاد “زواج بن لادن مع مادونا” لتكسير القيم السياسية وإنشاء قيم مبعثرة.
وتطرقت في حديثها للبرامج الحوارية دون التلميح إلى واحد بعينه، وقالت إنها مدخل للديمقراطية والمفروض أن تساعد على بناء عقلاني لكنها في الحقيقة تثير المشاعر وليس العقل ولا تنشئ الفضاء العام الذي يشكل رأيا عاما بالمعنى السياسي، “إنها تخلق شيزوفرينيا”.
ومن وجهة نظرها فهذه البرامج لم تتنبه لقضايا البطالة والمخدرات والفساد والقواعد العسكرية الأميركية والتدمير الثقافي “لم نرها على الشاشة.. ولا كلام عن السيادة بأوامر أميركية”.
المرأة دمية
وقالت إن بعض الفضائيات الخليجية حولت المرأة من فاعلة إلى دمية، همّها الماكياج وإعادة إنتاج عقلية الجواري والبنات اللائي تمردن وأجبرن على الاستقالة.
وتساءلت مجددا أين قوى التغيير في المجتمع العربي كالأحزاب القومية واليسارية؟ وأين إعلامها ودوره في تصحيح الوضع؟
فالأحزاب -حسب رأيها- تعيد بناء المواطن وإذا غابت فكيف لا ينجر وراء الانفعالات ويذهب للنعرة الإقليمية والمذهبية وتغيب الـ”نحن” الوطنية.
وأعربت عن اعتقادها بأن الحل لا يبدأ من وسائل الإعلام بل من المدرسة والعائلة بهدف تغيير عقلية الناشئة لمقاومة الدعايات المخزية والمسلسلات التافهة.
إعلام حديث
بدوره رأى نقيب الصحفيين الأردنيين طارق المومني أن الإعلام ليس متلقيا بل يجب أن يكون مؤثرا وينتقل من مرحلة تلقي الخبر إلى صناعته، وهذا ما تقوم به بعض الفضائيات في المرحلة الحالية واصفا إياها بالإعلام الحديث الذي يؤدي “الدور الجديد” للإعلام والصحافة.
وقال ردا على سؤال للجزيرة نت “أعتقد أن الفضائيات ظاهرة إيجابية فهي تنقلنا من مرحلة إعلامية إلى أخرى في ظل ثورة المعلومات والاتصالات، ومن هنا فالمطلوب من كل وسائل الإعلام عدم الاكتفاء بتلقي الخبر بل صناعته”.
وحول ما يشاع بأن بعض الفضائيات تبالغ في نقل الأحداث كما في الحالة السورية، قال المومني “أعتقد أن دور الإعلام أن ينقل الحقيقة من موقع الأحداث ولكن منع الصحفيين خلق ما أطلق عليه الصحفي المواطن الذي تطوع بتزويد الفضائيات بتقارير مصورة عن الأحداث”. وقال إنه إذا كانت هناك مبالغة فالدول التي تحجب المعلومات وتضع قيودا على تدفقها وتمنع الصحفيين من تغطية الأحداث مسؤولة عن أية مبالغات قد تحدث، وبدل كيل الاتهامات يجب السماح لوسائل الإعلام بالتحرك ونقل الصورة كما هي ثم نقيم أداءها إذا كان موضوعيا أو محرضا مفبركا.
(ليلى الأطرش: الثوار والمعارضة في حاجة للفضائيات غير الرسمية)
دور مؤثر
وقالت الروائية ليلى الأطرش إن الفضائيات احتكرت أدوار النخب والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الأخرى ولعبت الدور المؤثر والأكبر في نقل الأحداث -بل وأحيانا في توجيهها- لأنها كانت الوسيط بين الثوار والمعارضة والجماهير والعالم، وأضحت النافذة الوحيدة للمشاهدين.
وتضيف ليلى الأطرش أن الثوار والمعارضة في حاجة للفضائيات غير الرسمية خاصة وأن الثوار فاجأتهم سرعة تهاوي الأنظمة دون أن يكونوا مستعدين للبدائل.
(عايدة النجار: دور النخبة لا يزال مهما في تحليل الخبر والتعليق عليه)
وهنا برز دور الفضائيات أكثر وبدأت منظمات المجتمع المدني تلتف حول الثورات وتندس بينها بأجنداتها المختلفة وبدأ التراشق بين الفضائيات والحكومات والمنظمات الأهلية.
من جهتها ترى عايدة النجار أن الفضائيات تتشارك مع طبقات المجتمع في نقل الخبر بالكلمة والصورة في الميادين التي تمنع الحكومات وسائل الإعلام من الوصول إليها ولا يزال دور النخبة والمثقفين مهمّا في تحليل الخبر والتعليق عليه.
وقالت عايدة النجار التي تحمل درجة الدكتوراه في الاتصال الجماهيري للجزيرة نت إن الإعلام هو الوجه الآخر للسياسة ورغم الدور الشعبي لا تزال النخبة مسيطرة، بطريقة واضحة أو مخفية، على تغطية الخبر وتحليله، و”الفضائيات والنخبة يقومان بدور مشترك في حركة التغيير العربية”.
المصدر: الجزيرة نت