العائلة الواحدة

الشرق الأوسط، 21-01-2010

المصطلحات! ان هي الا تعبير عن الواقع، فاذا كان واضحا كانت واضحة ودقيقة، وان كان غائما جاءت على غراره. او جيء بها بحيث لا تزرع الا البلبلة.

في الخطاب السياسي باللغة العربية، قد نفهم مصطلح: العائلة الواحدة، كتعبير عن الوطن العربي، وقد نتواضع اكثر فنفهمه تعبيرا عن مجلس التعاون الخليجي او بلاد الشام او وادي النيل او الاتحاد المغاربي، وقد نخضع خانعين لمفروض الاستعمار القديم فنعني به كلا من الدول العربية الحالية التي انشاها قلم فرنسي او انكليزي.

ومن جهة ثانية قد ننظر الى البعد الديني ونقول ذلك وعيننا على العالم الاسلامي، هذا بعد ان انتهت مقولة العالم الاممي الماركسي، ولم تنجح مقولة العالم العولمي الليبرالي في الدخول الى القلوب والاذهان رغم دخولها الى دوائر الاستثمار حيث دمرتها.

لكن واقع الامر ان مصطلح العائلة الواحدة هو اخر ما سمعناه من الوزير التركي داود اوغلو  ردا على مقولات التنافس بين بلاده وايران على مد النفوذ في المدى العربي. هذا في حين تتحول  العائلة العربية  الى فتات من العوائل الهجينة التي تقتسم جسد الوطن بمشرط اين منه مشرط سايكس بيكو او مشرط الانكليز في الخليج ومصر. لم يعد الاستفراد مقصورا على دول محلية ( وطنية)  كنا نطالب بالغائها ثم باتحادها لصالح الدولة القومية، فصرنا نطالب بالحفاظ عليها خوفا من التفكك العرقي والطائفي والمذهبي. اصبح الاستفراد امرا لا يحتاج الى اكثر من مجموعة معينة – مهما كان عددها- تجد لنفسها رابطا ما، من ذلك الذي يصنع جماعات لا مجتمعا، ويكفيها ان تجد لنفسها رابطا اخر – هو الاهم – مع دولة اجنبية لتمارس استقلالا لا يجروء احد على اتهامه بالانفصالية، طالما انه لا يطالب بادراجه بين دول الامم المتحدة، ويحتمي بحقوق الاقليات او حقوق الاكثريات.

واذا كان تفتت القنبلة العنقودية  في العراق يمضي الى مدى لا يمكننا التكهن بنهايته،ولا يخفى على احد ان من يسمى وزيرا للخارجية لا يمثل باية حال العلاقات الخارجية لكل القبائل الطائفية والعرقية، لا امام الاميركيين ولا امام سواهم، فان غرائب الخطاب السياسي تظهر في وسائل الاعلام اللبنانية اذا ما نظم سفير جولة زيارات ” تشاورية!!؟” حيث يزور على التوالي زعيم كل قبيلة بمفرده، وبحضور من تسميه الانباء: مسؤول العلاقات الخارجية لدى هذا الزعيم. اما  وزير الخارجية، فليس حظه اكثر من المجاملة الديبلوماسية.

غرائبية تمتد  الى الخطاب اليمني، والمصري والجزائري والفلسطيني    الخ…

في جو هذا الفراغ المشحون بالموت والدمار، تغيب الوساطات العربية الحقيقية، وان اطلت فعلى استحياء وربما بقدر بسيط من الفعالية. ويتسابق الجاران: التركي والايراني للتغلغل في منطقة استقال قادتها من حل مشاكلها.خاصة وان طهران وانقره بحاجة الى هذا النفوذ، توظفه الاولى في عملية الردع والتفاوض، والثانية لزيادة الحجم امام الحليف الاميركي والجار الاوروبي.

واذ يريد الوزير التركي ان يغطي على هذه المنافسة يصرح بان لا خلاف داخل: ” العائلة الواحدة “، بل تعاون.  ليتركنا نسال اين هي العائلة العربية الواحدة؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون