ستنقل الصحافة كل اخبار التحقيقات الجارية في لندن حول عدم قانونية الحرب على العراق . سسنسمع اصوات معارضي الحرب الذين حجبت اصواتهم قبل الحرب وفي بداية الاحتلال،وربما عقدت المحاكم وصدرت الاحكام بحق طوني بلير وحكومته.
وماذا بعد؟
شهادة جديدة على التحضر الغربي الانكلوساكسوني، وعلى قانونية الدولة العظمى، تزيد من انبهارنا نحن المنبهرين اصلا، وتغيير في اشخاص الحاكمين في بريطانيا، ان هو الا في طبيعة الاشياء وتلقائيتها. والاخطر من ذلك تقبل نفسي لبريطانيا لدى كل من كان يناهض الدور البريطاني، حتى في العراق.
وماذا بعد؟
تجربة تذكرني بكتيب صغير ترجمته عن الفرنسية بعد ان نقل اليها من العبرية وهو عبارة عن حديث بين الصحافي الاسرائيلي زئيف شيف وشارون اثر مذبحة صبرا وشاتيلا وتشكيل لجنة التحقيق، حيث يقول شارون لشيف ساخرا: دعوني اقتل وافني الفلسطينيين عن وجه ارض اسرائيل لكي اجعلها لكم نظيفة، فلو فعل الصهاينة ذلك في ال48 لما كنا نواجه مشاكل اليوم، دعوني اقوم بالعمل القذر وبعد موتي بسنوات اكتبوا عني انني كنت مجرما، وانكم تتبرؤون مني وتدينون كل ما فعلت، واحصلوا بعدها على جائزة نوبل للسلام وخذوا موقعكم بين اخلاقيي العالم.
اذا سيفعل القضاة البريطانيون ذلك، وماذا بعد؟
هل ستسحب القوات البريطانية تماما، بما فيها القواعد والخبراء؟ هل سيحدد الوجود البريطاني بما فيه الاتفاقيات الاقتصادية المنتقصة من سيادة البلد؟
هل سيعاد تركيب الجيش العراقي بعدته وعداده وعقيدته العسكرية السابقة؟
هل سيعود النفط العراقي الى صناديق الدولة العراقية، ام سيستمر تدفقه في جيوب الشركات البريطانية والاميركية وسائر اخواتها الغربية والمتعددة الجنسيات، فيما يقف المواطن العراقي على الطابور لشراء صفيحة باهظة الثمن على بلد نفطي؟
هل سيعيد سحر ما رماد مكتبة المخطوطات الى ثمانمئة مخطوطة نادرة على الارفف، ومثلها مكتبة جامعة الموصل وعشرات تليها؟
هل ستعاد موجودات المتحف الوطني العراقي الحافظة لقصة الانسانية منذ صرخة باب الرحم؟ هل ستبتسم من جديد فتاة اور، وهل سيعاد تركيب جمجمة الفية نشرت الصحافة الغربية صورة الجندي الاميركي وهو يسحقها ببسطاره ويمضغ العلكة، في رمزية بليغة الدلالة الى ما تسحقه بسطاير هذا الاحتلال الذي لم يكن ليتحقق لولا بريطانيا؟
هل ستعاد مؤسسات الدولة الى وحدويتها ووزنها الدولي؟
هل سيعاد ملايين المهاجرين الموزعين على اصقاع المعمورة وفي مقدمتهم الكفاءات العلمية والكوادر التي بنيت باموال الدولة العراقية؟
عل ستعاد الحياة الى الاف العلماء والاكاديميين الذين اغتالتهم عصابات الاحتلال والموساد؟
هل ستسحب حقن السم الطائفي والمذهبي المغروسة في كل ذراع عراقية؟
هل سيتوقف نهر الدم الحار عن التدفق كما تكاثر الخلايا السرطانية؟
هل ستذهب مع طوني بلير السيارات المفخخة والعصابات المجرمة والمافيات العابثة فسادا في البلاد؟
هل ستدفع بريطانيا نصيبها من التعويضات عن تدمير البلاد ودم العباد؟
اسئلة لا نستطيع طرحها طالما اننا قبلنا بان نضع في يدي جلاد العراق مصير فلسطين، قبل ان يجف الدم العربي عن تلك اليدين.