“الارض تحفظ الذكرى، لها روح، لها مشاعر، لها طاقة لانها الارض المقدسة”
اوليس من الغريب ان تكون صاحبة هذه العبارة هي فنانة تشكيلية اسرائيلية تدعى غالينا بليخ؟
بل ان تكون هذه الاسرائيلية واحدة من المهاجرين الروس الذين لا تعدو علاقتهم بارض فلسطين عمر ولد يافع ؟
غير ان الاغرب هو ما تقصده المهاجرة الروسية بهذه العبارة، انها تقولها معلقة على فعالية فنية اعدتها هي وزميلة لها، مهاجرة روسية مثلها اسمها ” ليليا شاخ” تناولتا فيها لوحات تاريخية شهيرة للعذراء مريم، لكل من رافايل، بلليني، بوتيشيللي اعادتا رسمها كما هي تماما باستثناء الوجه حيث رسمتا مكانه وجود شهيدات فلسطينيات قمن بعمليات داخل فلسطين المحتلة بين عامي 2002 و 2004. والى جانب اللوحات السبع التي تمثل الشهيدات ( الارهابيات بحسب تعبير الرسامة ) رسمت المراتان ايضا سبع لوحات لمكان العمليات التي قمن بها، اجتهدتا في ابراز الخراب واشلاء النساء والاطفال – على حد تعبيرهما – وقد اعطتا لمعرضهما هذا عنوان: ” امراة، ام، قاتلة، بورتريه للسيدة فيررور” وكلمة فيرور تعني كما تقول الارهاب النسائي.
هذا المعرض اعد للعرض في القدس، لكن احتجاجات ما اجبرت المراتين على العدول عن ذلك مؤقتا، ولكنهما تهيئان لنقله الى العواصم الاوروبية والى نيويورك حيث ستنظم له حملة اعلامية ضخمة.
حلمة بداتها صحيفة لوموند الفرنسية في عددها ليوم الجمعة، والملفت انها اوردتها كالول خبر في صفحتها الدولية، واوردت ضمنها، داخل اطار صغير خبر تعثر المفاوضات بين ميتشل ونتنياهو، بسبب رفض هذا الاخير وقف الاستيطان، فيما يجعل القارىء يركز على التقرير الاول المصاغ باسلوب مؤثر، ويجد عذرا لما ورد في الخبر الثاني المصاغ بلغة خبرية صرفة.
غالينا بليخ تعلق على لوحاتها بالقول اردنا ان نقول للعالم ان الطفل الذي تحمله هؤلاء العذراوات في خطر، والغريب اننا عندما استحضرنا وجوه الارهابيات لرسمها وجدناهن جميلات بشكل خطير.
هذا الكلام لا يمر عبورا. انه يقدم الصورة التي يريدها الغرب لاطلاق صفة الارهاب على المقاومة وعلى كل عملية ضد اسرائيل، ويؤكد الفكرة على ان الاستشهاديين هم مجرد ناس مضللون او مرضى او مغسولو الدماغ. كذلك تخاطب اللوحات الوعي الجمعي التارخي للغرب الذي تعود ان يرى في هذه اللوحات المعروفة جدا جدا… صورة السيدة العذراء بكل ما تمثله من امومة وسلام وحنان. كما انه يلعب من ناحية ثالثة على مسالة تم تسويقها دوليا بشكل واسع وهي مسالة دور النساء في صنع السلام وكان المجازر الاسرائيلية قد فرقت يومابين رجل وامراة او ان الطائرات الاسرائيلية كانت تفرز النساء عن الرجال قبل مباشرة قصفها.
واذا كان الحديث عن ذاكرة الارض ومشاعرها وروحها، خاصة فيما يخص المجازر واعمل العنف والقتل، امرا يتصور البعض منا ان اخر من يجروء على طرحه هم اليهود المحتلون، فان تطور وقاحتهم الى حد مصادرة ذلك، ان هو الا دليل على تخلفنا نحن العرب، وربما ايضا الفلسطينيين، من يملك منهم القدرة على الحركة، عن مواجهة هذا العدوان الاسرائيلي على الذاكرة والمشاعر والروح.
انها دعوة للتشكيليين العرب، ولمن يملك القدرة على تمويل حملات فنية مقابلة وحجز القاعات ومسحات الاعلام لها في الغرب.