كان التعتيم اقوى منه في اية حرب سابقة في المنطقة، ولكن حرارة الدماء وهول المذبحة كان على ما يبدو اقوى من كل التعتيم.
فللمرة الاولى تدور حرب في المنطقة ولا ترسل التلفزيونات الغربية الرئيسية، والصحف مراسلين لتغطية الحدث بشكل مباشر، حتى السي ان ان التي بنت مجدها على تغطية حرب العراق لم يكن لها مراسل في غزة.
ومن جهة اخرى تجنبت وسائل الاعلام الاجنبية نشر الصور، عندما اضطرت لنشر الاخبار. بل ان ابلغ شهادة على عدم مصداقية التغطية الاعلامية لهذه المحرقة جاءت على لسان مدير البي بي سي نفسه، مارك تومسون، عندما حاول تبرير رفض هيئة الإذاعة البريطانية الـ ” بي بي سي ” بث نداء للجنة الإغاثة ضد الكوارث في بريطانيا للتبرع لصالح غزة بقوله: إن بث نداء الإغاثة كان من الممكن أن يسبب فقدان الثقة في نزاهة تغطية البي بي سي لما يجري في غزة” ويبدو انه انتبه الى خطورة تصريحه فعاد يضيف: الاذاعة رفضت لأنها لا يمكنها التأكد من أن تلك المعونات والمساعدات الإنسانية سوف تصل إلى مستحقيها في قطاع غزة.”
لم يكن يراد للناس ان تفهم ان هذا الشعب المحاصر المذبوح بحاجة الى الاغاثة، ولذلك كان المراسلون الاجانب ياتون الى الجانب الاسرائيلي ويقفون عند الحدود الشمالية ويتحدثون عن غزة من هناك.
في المقابل كانت اسرائيل قد اعدت خطة اعلامية دقيقة، وحددت النقاط التي يجب التركيز عليها، وكما التزم بها الاعلام الاسرائيلي فقد التزمت بها وسائل الاعلام الغربية نفسها.
لكن الجريمة كانت اكبر من العتمة، ووجود وسائل اخرى لتوصيل الخبر، حاصة مواقع الانترنت، واقبال الجاليات العربية والمسلمة عليها، جعل الصورة تصل الى الراي العام، الى حد ان باحثا صهيونيا كبيرا كتب يقول: ” الحذر، الحذر، فما هذه إلا حلقة من حلقات الحرب الإعلامية والدعائية التي لم نعد نملك ترف خسارتها.”
ومن هنا اطلق الكيان الصهيوني، عبر اذرعه حول العالم حملة نشطة لما بعد غزة تنفذ عبر وسائل الاعلام، و الانترنت و مراكز الابحاث الستراتيجية التي تؤثر في صانع القرار الغربي، وتقوم كلها على عدد من النقاط التي يبلورها كل طرف وكل وسيلة بحسب خطابه وادواته، وتتلخص فيما يلي:
1- مسؤولية حماس عما يجري في غزة
2- حق جيش الدفاع في القيام بعملياته ضد الإرهاب وضد كل ضالع فيه، بما في ذلك من يدعمه أو يأويه، و اصراره على سحق أولئك المتورطين بشكل مباشر وغير مباشر في هجمات ضد مواطنين إسرائيليين.
3- تسفيه الجانب الأخلاقي أو القضائي وأتهام المحللين الذين يركزون عليه بانهم غير مؤهلين وغير ضالعين بفقه قوانين الحروب
4-ان إسرائيل لم تخرق قوانين الحرب و ألا قوانين و لا أحداث تاريخية سابقة تمنع إسرائيل من الإستخدام المفرط للقوة
5- حرص جيش الاحتلال على الحد من الخسائر المدنية وتفادي تدمير البنية التحتية: لقد اتخذنا كل التدابير اللازمة بناء على خطط وتقديرات مسبقة لحجم الخسائر كما حيدنا المقرات الحساسة مثل المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس وغيرها من الأماكن المقدسة!!!
- التقنية العالية لجيش الدفاع في مقابل “الدروع البشرية” التي تؤشر على “تخلف” حماس و”همجيتها.
- إمكانية سوء استخدام، 20 قذيفة فوسفورية بمناطق آهلة بالسكان
بنود معركة انتهت على الارض لتبدا بشكل اعنف سياسيا واعلاميا.