ستراتيجية ام رسالة؟

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 19-01-2009

” قليلة هي الدول التي تسمح لنفسها ان تتدخل خارج حدودها دون ان تخشى العقوبة، فلو كانت روسيا او الصين هي التي فعلت لسارع الجميع الى الاستنكار، اما هنا فصمت مطبق. لنتوقف عن الكلام عن الاخلاقيات السياسية  الدولية وعن القانون الدولي لنعترف ان القانون المعترف به هو قانون الاقوى. ان اعترافا كهذا يوفر علينا كلفة العدد الكبير من السفراء والمبعوثين الدوليين.”

الطريف ان كاتب هذه السطور هو رجل فرنسي وعلى الصفحة الاولى لصحيفة لو موند، وذلك في زاوية مخصصة ( على الموقع الالكتروني )  لردود القراء الفورية على الاخبار المنشورة، حيث جاء هذا التعليق بتوقيع صاحبه  الى جانب خبر الهجوم الاسرائيلي على القافلة السودانية، بحجة انها كانت تحمل اسلحة لحماس.

بالمقابل ماذا سيقول الزعماء العرب الذين سيجتمعون في الدوحة، وفوق رؤوسهم سيف مذكرة محكمة العدل الدولية بحق الرئيس السوداني؟ هل سيعلقون كقارىء فرنسي عادي في صحيفة يومية؟ ام سيتجاهلون ويصمتون؟ ام سيوجهون رسالة واضحة للعالم  من بنودها التاكيد على الحقوق السيادية للدول، وعلى التمييز بين المقاومة والارهاب. هل سيطلبون تحقيقا دوليا في الحادث، وذاك اول البديهيات؟

فطالما ان القوى المتكالبة على السودان  تلجا الى  مؤسسات القضاء الدولي فلماذا لا يكون الرد في هذه المؤسسات نفسها؟ خاصة وان اسرائيل لم تنف، ولم تدار، بل انها على العكس زاودت على التلفزيون الاميركي سي بي اس الذي اعلن خبر هجوم 16 يناير، وعلى السلطات السودانية التي اكدته، اذ خرجت القناة العاشرة الاسرائيلية لتقول ان الطيران الاسرائيلي نفذ ايضا  هجوما ثانيا  في بداية فبراير، وان الحصيلة كانت 39 قتيلا و تدمير 17 شاحنة تحمل  اسلحة خفيفة وصواريخ فجر الايرانية  الى المهربين في سيناء، الذين ينقلونها الى غزة عبر الانفاق.

في حين جاءت تصريحات ايهود اولمرت نموذجا للتبجح والتباهي بقوله: ” ما من مكان لا تستطيع اسرائيل التدخل فيه. هذا غير موجود”، تبجح لا يغفل ان يعطي التبرير الاساس: ” ملاحقة البنية التحتية للارهاب”.

هذا التبجح الاسرائيلي  جاء مصحوبا بالتاكيد الاميركي في مقابل التحفظ السوداني، والصمت العربي،   كما ان تاريخ الغارة العدوانية جاء موازيا لتاريخ  توقيع تسيفي ليفني وكونداليزا رايس على بروتوكول منع تدفق الاسلحة والمتفجرات الى غزة، فيما يقول الخبراء العسكريون ان الغارة الجوية  التي تمت على بعد 1400 كلم من حدود اسرائيل  كانت تحتاج الى التحليق فوق البحر الاحمر بين المجالين المصري والسعودي، وان الطائرات المنفذة تحتاج للتزود بالوقود في الجو. فما الذي يقوله لنا كل ذلك؟ وما الذي سيقوله للزعماء المجتمعين في الدوحة؟ بل ما الذي سيترك لهم ان يقولوه؟ وهل سيرضيهم عن هذه المهانة تحليلات الاعلاميين والسياسيين الغربيين بان هذه الغارة انما هي رسالة موجهة لايران؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون