هل جاء وفد التيار الصدري الى باريس، في اطار جولة اوروبية للحشد الدولي ضد الاحتلال الاميركي، وتصعيد الحملة في سبيل اخراجه من ارض الرافدين؟ ام انه سعي من كل جماعة عراقية على حدة لاثبات وجودها على الساحة، واظهار قوتها، في سبيل الحصول على حصة اكبر في المفاوضات السياسية التي لا بد وانها قادمة حول المعاهدة وحول سواها؟
خبير فرنسي سياسي علق: كل يبحث عن دوره في عراق الغد!!
والزميل باتريك سيل تساءل: يعقدون هدنة طيلة اشهر، تعطي المحتل فرصة التقاط انفاسه، خاصة اذا صدق تقدير الناطق الرسمي باسم التيار ان انخفاض العمليات ضد الاحتلال يعود في 60 بالمئة منه الى الهدنة الصدرية. ومن جهة ثانية يرفضون التفاوض، اذن فكيف سيحررون البلاد ان لم يكن لا بالكفاح المسلح ولا بالديبلوماسية؟ وعليه جاء رد من الناطق الرسمي باسم الوفد: نحن اعلنا الهدنة لنعطي فرصة للحكومة كي تفاوض دون ضغوط. واذا لم تات النتائج كما نريد فلن نتوقف عن السعي بالطرق الديبلوماسية. اما الكفاح المسلح، فصمت مطبق بشانه حتى عند السؤال.
لن يكون من الخطا ان يبحث الصدريون عن دورهم – فذاك حق لكل فريق، ولكن هذا يذكر بجواب سيدة فرنسية على سؤال: هل تعجبك كارلا بروني كسيدة اولى لفرنسا؟ اذ قالت: الا يجب ان تكون المعنية اولا سيدة ليصح الحديث عن سيدة اولى؟
وعليه افلا يصح السؤال عن اي عراق غد نتحدث، لنبحث عن الادوار فيه؟
او وبالاحرى: هل سيكون هناك عراق حقيقي في الغد القريب، ليكون لكل فيه دور؟
فاذا كان عراق الغد هو عراق الخضوع لمعاهدة تجعل الاحتلال غير المشروع، وجودا قانونيا مبنيا على معاهدة دولية معترف بها، فانه سيبقى بالتالي عراق الاميركيين والاسرائيليين، ولن يكون فيه دور الا لطرفين – ولو تنوعت مكونات كل منهما – واحد يخدم الخطة الاميركية للبلاد، واخر يقاومها. ولن تكون فيه الا حكومة تابعة للاميركيين، تقمع المقاومين، وحين تعجز بمفردها تستدعي القوات الاميركية الجاهزة في القواعد، وعندها تكون هذه القوات متمتعة بحصانة كاملة ازاء القوانين العراقية والدولية. حصانة تمتلكها تماما وهي في قواعدها. كما انه لن يكون من المحظور عليها ان تخرج لمهمات بدون طلب الحكومة، مع فارق بسيط انها في هذه الحال تفقد الحصانة، ويمكننا ان نتخيل استكمال السيناريو، بان المعتدى عليهم سيشتكون عندئذ امام الحكومة المنصبة بحماية اميركية، تشكل شرط بقائها.
اذنهذا هو عراق الغد القريب، وهذان هما الدوران الوحيدان المطروحان فيه، اما عراق الغد البعيد، المستقبلي، البلد المحرر السيد، فهو ذلك المرهون بانتصار اصحاب الدور الاول: دور المقاومة. وهنا لا شك ان حصة كل فيه ستكون بقدر مساهمته في هذه الاخيرة.
مساهمة لا نقول ابدا انها لا تتضمن الشق الديبلوماسي، والسعي باتجاه الخارج العربي والاقليمي والدولي، لكسب الدعم او التاييد او على الاقل التحييد، وتلك معركة قد تفوق بصعوبتها المعركة المسلحة. لكن اضطلاع فريق دون الاخر بهذه المهمة، يكون مقبولا عندما ياتي في اطار وحدة فصائل المقاومة وتنسيق الادوار بينها، بحيث يوظف السياسي ما يحققه العسكري، ويخدم العسكري مخطط السياسي. وهذا ما يزال وللاسف حلما بعيدا، لا ندري ما يؤوب العراقيون الى رشدهم ويحققوه: على اختلاف مذاهبهم واتنياتهم.
وبغيره سيظل السعي الى دور هو سعي كل فريق لتحقيق مكاسب تجزيئية للوطن، على حساب الاخرين من مكوناته،وتعميق للشروخ القائمة لا في جسم الوطن فحسب بل في جسم الامة كلها، وما من خدمة اكبر تقدم للمحتل الاميركي والاسرائيلي، في حين يؤكد الصدريون صراحة انهم معادون لهذين الاحتلالين، فكيف؟