من منظمة ارهابية وعدوانية، الى حزب سياسي غير مرغوب فيه، وتعهد بعدم مصافحة احد من صفوفه، الى دعوة الى ستراتيجية لبنانية دفاعية تحل مشكلة سلاح حزب الله. هكذا تطورت مواقف الرئيس الفرنسي الجديد نيقولا ساركوزي ازاء المقاومة اللبنانية وجناحها الرئيسي حزب الله. تطور قد يقول لنا اشياء كثيرة اذا ما اردنا الغرق في التحليل السياسي الموضوعي للتطورات المحلية والاقليمية والدولية، ولكن اهم ما يقوله هو درس بسيط، جوهري وابدي، في قدرة القوة على ان تكون القول الفصل في تقرير مصير الامم، وبالتالي في تقرير مواقف الاخرين من اية قضية سياسية.
ففي البلد الصغير، تمكن صمود المقاومة من انتصار التحرير الى انتصار تموز، وصمود المعارضة في وجه جميع التدخلات الاميركية والاوروبية والاسرائيلية، التي كانت تعمل كلها على الغاء خيار المقاومة عبر ثلاثة مسارب اساسية: نزع سلاح حزب الله ومن معه، تغيير عقيدة الجيش من مقاومة اسرائيل الى مقاومة الارهاب، وتغيير تركيبة الحكم بحيث يستاثر فريق واحد بالقرار السياسي متسلحا بدعم اميركي لا محدود. وكذلك صمودها في اطول اعتصام عرفه بلد لاجل اقرار ديمقراطية تمثيلية. بحيث تمكنت الحنكة والوعي من رفد هذا الصمود الموقفي، بوجه اخر من وجوه الصمود وهو الحؤول دون تنفيذ مخطط ضرب اللبنانيين بعضهم ببعض لتجديد الحرب الاهلية حجة لتدخل عسكري وديبلوماسي اجنبي يقوم بالمهمة التي لم يستطع انصار اميركا في الداخل القيام بها.
لم تؤخذ المقاومة بالعزة في القوة ضد الداخل، حتى حينما اخذت العزة بالاثم هذا الداخل الى التامر عليها، ولكنها قدمت برهان قوتها، الذي اخاف الجميع، عبر التصدي الرهيب للخارج المعتدي. وعندما وصلت الامور الى الحد الذي كان لا بد معه لحسم الامور حتى لا تنجح العناصر الماجورة في تفجير الوضع لصالح الاجنبي، عرفت الحكمة كيف تحسم بواسطة الحلفاء العلمانيين، لتفشيل محرقة الصراع المذهبي الذي كان يراد له ان يشعل المنطقة.
وهكذا استطاعت القوة، مقرونة بالحكمة ان تحسم على الحدود، ان تحسم ضد العدوان، ان تحسم في نهر البارد، ان تحسم اخيرا في بيروت والجبل. فتقود الى الحل، وتجبر من يريد الدخول عبر البوابة اللبنانية الى مصالح ما، ان يصافح من تعهد بالا يصافحهم، وان ينتقل من النعوت بالارهاب الى الدعوة الى ستراتيجية دفاعية. ومن جهة اخرى سمحت لقائد الجيش السابق الرئيس التوافقي الحالي ان يرد بقوة: السترايجية الدفاعية بعد تحرير مزارع شبعا!!
كثير من العذاب والالم والموت وحان الوقت ابنوا معا هذا اللبنان