مضحك تعبير جلسة انتخاب، وكان من الافضل القول بجلسة تنصيب العماد سليمان رئيسا للجمهورية اللبنانية. لكن المهم في كل الاحوال ان الجلسة حصلت وان ميشال سليمان رجل الوفاق الوطني والشخصية القوية بفعل وقوف الجيش وراءه والمقاومة الى جانبه، قد استوى على المقعد الذي ظل شاغرا لمدة اشهر مهددا لبنان كله بالانزلاق الى الهاوية. وعلينا ان نعترف جميعا بان هذا المسار قد اثبت لنا اننا عاجزون عن الاحتكام الى الديمقراطية الغربية، وان شكل الديمقراطية الذي يناسب تطورنا الاجتماعي والسياسي هو شكل الديمقراطية التوافقية. شكل يحتل فيه الرئيس موقع الحكم وموقع القاسم المشترك في بلاد فقدت قواسمها المشتركة.
لكن المعركة التي تم توفير حدتها في رئاسة الجمهورية، ويبدو انها لن تكون ايضا حادة في مسالة رئاسة الوزراء لان هذه الاخيرة قد حلت في الدوحة، ستكون حادة في الانتخابات التشريعية بعد عام. المعركة الحقيقية التي ستقرر مستقبل لبنان ومستقبل حكم الرئيس العتيد هي معركة البرلمان القادم التي ستعود الى قانون الستين. احصائية سريعة اجرتها صحيفة السفير اللبنانية لنتائج الانتخابات السابقة، واعادة توزيعها على مستوى القضاء ( اي قانون الستين ) دلت على ان تلك النتائج كانت ستقلب معادلة الاكثرية والاقلية فيما لو وزعت كذلك. بحيث كانت المعارضة ستحصل على 65 نائبا والموالاة على 61. هذه الحقيقة لا يجهلها انصار الاكثرية الذين يريدون بالطبع الحفاظ على كونهم كذلك، ولا انصار المعارضة الذين يعرفون ان بامكانهم التقدم لموقع الاكثرية والتحكم اكثر بالقرار السياسي. يضاف الى ذلك عامل رئيسي هو ان الاكثرية قد افادت بشكل كبير من التحالف الرباعي الذي جمع حزب الله وامل الى تيار المستقبل والقوات في الانتخابات السابقة، وهذا ما انقلب كليا في المرحلة الحالية، مما يجعل التحالف المؤكد بعد سنة هو ذلك القائم بين حزب الله وامل والتيار الوطني الحر وسائر قوى المعارضة التي تبدو متماسكة تماما، فيما لا يبدو امر 14 اذار واضحا من حيث ثبات التحالفات او تغيرها.
المهم انه من الان وحتى تلك الانتخابات سيبقى العماد ميشال سليمان رئيسا حياديا على مسافة واحدة من الجميع، ولن يتجه اي فريق او اية ادارة حاكمة الى اتخاذاية قرارات مصيرية. فيما سيكون هذا العام كله ساحة معركة انتخابية حامية وحادة سيوظف فيها كل شيء: المال والعلاقات الخارجية واللعب على العواطف والخدمات من اجتماعية وسياسية وتوظيفية وغيرها. ولا شك في ان قضية سلاح المقاومة ستكون القضية المحورية في هذه المعركة. مع ما ينعكس على ذلك من تطورات المفاوضات السورية الاسرائيلية، التي لا يتوقع لها باية حال الانتهاء الى نتيجة قبل ذلك التاريخ. مما سيجعل الانعكاس المذكور متبادلا، بمعنى ان المفاوضات ستتاثر بنتائج الانتخابات كما ستؤثر فيها، وفي الحالين يظل الرهان على المقاومة.