من بين التبريرات التي يسوقها المدافعون عن سياسة الاستجابة للستراتيجيات الاميركية والاسرائيلية، القول بان سياسة ابو مازن قد اسقطت برنامج اليمين الاسرائيلي، التي ينتهون الى انها تتماهى مع برنامج حماس. ويبدو ان هؤلاء من الذين تنطبق عليهم مقولة : ان كنت لا تدري فتلك مصيبة، او كنت تدري فالمصيبة اعظم !! ذاك ان برنامج اليمين الاسرائيلي يتلخص، افضل ما يتلخص في كتاب بنيامين نتنياهو : استئصال الارهاب، الذي صدر بالانكليزية ومن ثم الفرنسية وبعدها العربية ( ترجمة الكاتبة ) وهو برنامج عاد نتنياهو فلخصه مرة اخرى في خطابه امام الكونغرس بعد احداث 11 سبتمبر. واذ لا مجال لاستعراض كتاب كامل في مقال محدود، فان التذكير باهداف وشروط استئصال الارهاب بحسب الستراتيجية الليكودية، قد يفي بالغرض : القضاء على اي احتمال قوة نووية اسلامية، بدءا بضرب العراق وتدميره وانتقالا الى نزع التسلح النووي الليبي، فتحييد سوريا، ووصولا الى ما يسميه القوة النووية السنية اي باكستان، ووضع اليد عليها. وعلى سياق اخر : شيعي كما يقول : ضرب ايران ومنعها من امتلاك قوة نووية. هذا على صعيد الدول، اما على صعيد التنظيمات فالقضاء على حزب الله وعلى جميع المنظمات الفلسطينية المصرة على المقاومة، واخيرا في الداخل الفلسطيني : الغاء اوسلو، وارساء حق ملاحقة المقاومين ( يسميهم الارهابيون بالطبع ) داخل الاراضي الفلسطينية وحتى في الدول الاخرى، عدم التعامل مع ياسر عرفات باعتباره ارهابي هو الاخر. ثم عزل غزة كجيب ارهابي ( وهذا ما خصص له عنوانا مستقلا ) تمهيدا لخنق المقاومة فيها، واعادة نشر الجيش الاسرائيلي في الضفة. وعدم قبول التفاوض في موضوعي القدس واللاجئين ويهودية الدولة. هذا هو البرنامج الذي عالجه نتنياهو في ثلاثمئة صفحة لخصها في النهاية ببنود مرقمة، هي ما اوردناه اعلاه. واذ نتساءل عما لم ينفذ بعد من هذه البنود. لانجد شيئا الا ضرب ايران وعدم التمكن من تطويع سوريا كليا ( فيما يخص الدول ). اما فيما يخص القوى الشعبية، فهناك حزب الله وحماس وغزة والفصائل الاخرى التي تقف في الوسط.
بذا يكون ما حصل قبل انابوليس، وخلالها وبها هو مساهمة فعلية في تحقيق البرنامج الاسرائيلي الذي قد لا يختلف بين يمين وعمال الا في الظواهر والاساليب. وتكون اولى خطوات الالتفاف على هذا البرنامج هي استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وفك عزلة غزة، والالتزام بثوابت القدس واللاجئين وعدم الاعتراف بيهودية اسرائيل.
هذا عدا عن المساهمة في كل جهود تحول دون ضرب ايران، وتساعد قوى الممانعة اللبنانية، من المقاومة الى من حولها، على الثبات والنجاح. دون ان ننسى دعم المقاومة العراقية التي من شانها اذا حققت التحرير ان تغير وجه خارطة المنطقة كلها.