ما ان اعلن وزراء الخارجية العرب بالاجماع قرار مشاركتهم في مؤتمر انابوليس حتى اطلت تسيفي ليفني من نافذة القطار الاسرايلي، ملوحة بيدها ان اصعدوا بسرعة….وفيما كان وزير الدولة الاهم يبرر الموافقة بان الراي العام الاميركي والاسرائيلي مهتم حاليا بقيام سلام في المنطقة، كانت المظاهرات الحاشدة تخرج في فلسطين معترضة على المؤتمر والمشاركة فيه. فيما لم يكن للجماهير العربية في الدول الاخرى راي فيما يحصل، وكانها صم بكم لا حول لها ولا…
تذكرت حلقة نقاش في ” الدائرة الجمهورية ” التي يديرها الوزير الفرنسي السابق جان بيير شفينمان في باريس، شارك فيها خمسة باحثين ومسؤولين، وبينهم وزير الخارجية الروسي، الذي قال في معرض كلامه ان بلاده قررت طرح مبادرة بشان فلسطين، وقد حصلت على موافقة الولايات المتحدة واسرائيل والمجموعة الاوروبية، وعندما سالته مستغربة عن تجاهله الكامل للطرف الاساسي في هذه المسالة، اي الفلسطينيين، اجابني بشكل ملتف ذي اوجه انهم لا بد موافقون.
كان هذا قبل سنتين، وها هو يتكرر في جوهر دلالته اليوم : اعتبار الراي العام الاسرائيلي وعدم اعتبار الراي العام العربي او الفلسطيني. مع فارق ان هذا التجاهل ياتي هذه المرة من طرف العرب انفسهم، حكامهم ازاء شعوبهم. واذا قلنا بان هذا بحد ذاته ليس جديدا، فان ثمة سؤال قد يبدو مشروعا : وهل ان لدينا راي عام ؟ هل ان هذه القوة البخارية التي تشكلت في الغرب واكتمل مفهومها منذ القرن الثامن عشر قائمة عندنا بشكل فاعل ؟
لقد طرح هذا المفهوم في اوروبا بدءا من بريطانيا ثم فرنسا الثورة، وبينما كان البعض يؤيدون بحماس سلطة الراي العام الحر، كان الاخرون يطرحون السؤال التالي :
هل ان الراي العام هو النتيجة الطبيعية لردات فعل المكونات المتعددة لشعب معين، ام ان هناك من يتحمل مسؤولية تشكيله وتوجيهه ؟ سؤال يبدو في ظاهره منطقيا موضوعيا ولكنه استغل للقول بان ثمة نخبة معينة يجب ان تضع الخطوط الاساسية وعلى العامة ان يتبعوها، بل ان روسو مضى الى حد القول بان الفلاسفة والكتب هم وحدهم من يحق له تشكيل الراي العام. والنتيجة ان هذه النظرية لم تؤد الا الى تضاعف نشاط المقصلة. ليعود المجتمع بعد استقرار حركته الى تبني مفهوم الراي العام بحيث اصبح منذ منتصف القرن الثامن عشر، ” المحرك الاساسي للتاريخ”. كما كتبت عنه احدى الباحثات في المئوية الثانية للثورة الفرنسية.
استعراض بسيط، يقول : اما زال حكامنا فيما قبل منتصف القرن الثامن عشر ؟ ام انهم بدورهم يحملون منظارين : منظار حديث ينظرون به الى اسرائيل والغرب، ومنظار من بواقي ماقبل الثورة الفرنسية ينظرون به الينا ؟ واذا ما كانت هناك مقولة معروفة بان الاتحاد ضد… هو اسهل من الاتحاد مع…، فيبدو ان ما هو اسهل من الاثنين هو الاتحاد وراء… بصرف النظر عن الراي العام.
الفكر ا بالمشاركة في لعام والراي العام
الفكر العام فكر النخبة الذي يوصل الىقمع الحريات
المقصلة كانت تعمل دون كلل