نحو نظام إعلامي عربي جديد

دراسات - أبحاث، 01-07-2007

 نحو نظام إعلامي عربي جديد

 

– بحث مقدم من: حياة الحويك عطية

 

كل تحول تاريخي كبير قد شهد ترجمته المباشرة في وسيلة الإعلام التي رافقته.

في العصر الحديث تكرر تحول النظام العالمي، وما نتج عنه من نظام إقليمي وترجمتهما عبر وسائل الاتصال، ثلاث مرات جسدت ثلاثة مفاصل تاريخية:

الحرب العالمية الأولى، نظرية الحرب النفسية، و توازيها مع نمو الحس التحرري العربي مع نهاية المرحلة العثمانية؛ ولادة الصحافة المحلية خاصة في مصر، والمهاجرة في أميركا الجنوبية.

ما بعد الحرب العالمية الثانية، مرحلة حرب الأفكار وتوازي الحرب الباردة مع مرحلة الثورات والانقلابات العربية خاصة ثورة يوليو، في مقابل الأنظمة العربية الأخرى الموالية للاطلسي، مرحلة خطاب موجه، وزعامة الراديو.

هكذا نظم مكتب البث الإذاعي الدولي الاميركي بحثا استطلاعيا نفذه ألف وستمئة باحث في ستة دول من دول الشرق الاوسط لمقارنة فعالية الدعاية الأميركية التي يبثها صوت أميركا مع فعالية صوت موسكو والبي بي سي، في المنطقة، وعليه بنى دانيال ليرنر كتابه “The passing of the traditional sosciéty- modernizing the Middle East “[1]

2- لماذا الشرق الأوسط ؟ لماذا وسائل الاتصال الجماهيري؟

لأنها تمثل “قطاعا حساسا” بحسب تعبير ليرنر، أما عناصر هذه الحساسية فهي برأيه:

  • الحدود مع الاتحاد السوفييتي
  • الصراع العربي الإسرائيلي
  • النفط
  • نمو المد الثوري

أما الأهداف التي يحددها فهي:

– الأمن في المنطقة

– إلحاقها بالمعسكر الغربي

 

“في هذا المشروع تلعب الميديا الوطنية والدولية (الباحث لا يميز بينهما بوضوح) وخاصة الراديو والسينما، دورا أساسيا، لأن بإمكانهما أن يمسا المشاهد الأمّي”[2].

 

لقد لاحظ ليرنر احتضار المجتمعات التقليدية، فحاول ان يدفع تحديثها ليأتي منسجما مع المصالح الأميركية. لكن رجل السيكولوجيا وقع في خطا سيكولوجي كبير إذ أهمل السياق المحلي، مقاومة الجمهور التلقائية والمنظمة، كما أهمل دور القوى السياسية التي تعي مخططه وترفضه على الساحة. لذلك لم تستقر الهيمنة للخط الاميركي إلا بفعل سقوط الاتحاد السوفييتي.

 

في كتابه “الميديا والمجتمع” يعتبر فرانسيس بال ” أن القرن العشرين قد انتهى قبل نهايته الفعلية بعشر سنين مع سقوط جدار برلين، وبهذا غير العالم اتجاهه، وعلى ما يبدو الميديا أيضا” [3] هذه البداية المبكرة التي يرى بال أنها شكلت بداية لعصر إعلامي جديد، تجد التعبير الأكثر وضوحا في تطور الميديا العربية، فعام 1989 هو تاريخ نهاية حرب الخليج الأولى
( الحرب العراقية الإيرانية) و1991 هو تاريخ حرب الخليج الثانية. و نجد أن تاريخ 1991 هو أيضا تاريخ بداية انطلاق ظاهرة الفضائيات العربية.

 

في نفس العام 1989 دعا منظر آخر في الميديا هو هيربرت شيلر إلى إعادة تأسيس مفهوم الإمبريالية الثقافية والإعلامية الأميركية. و ذلك بإعادة تشكيل قواعد المُشاهدة السمعية البصرية الوطنية التي لا تؤدي فقط إلى دورة متنامية للمنتجات الثقافية الأميركية، بل إنها تجتاز ذلك إلى حركة خصخصة واتجار تساعدان على احتواء الأفق المعلوماتي والثقافي “لبلدان الشمال كما لبلدان الجنوب، بواسطة نظام محدد (system)”[4]. ما ينتج عنه “ظهور تكتّلات ثقافية ضخمة مندمجة تقدم بيئة ثقافية كاملة لسوق عولمي”[5].

وهي ثقافة أشبه بسلَطة “مروية بصالصة الأسلوب العملي الأميركي في مجال الميديا”[6]. إن تأثير وسائل الإعلام العولمية على المستوى الدولي لم يكن يوما على هذا القدر من القوة خاصة مع انتصار الثقافة التجارية والقيم الإعلامية الأميركية، فيما كان يشكل سابقا دائرة الهيمنة السوفييتية ” [7]

 

هكذا فهم الستراتيجيون أن الأفضل لهم هو الاعتماد على وسائل إعلام عربية، وأخذ مقتضيات السياق بعين الاعتبار. ولما كان أفق العلاقات مع الصحف العربية القائمة محدودا فإنهم راحوا يشجعون على إنشاء الفضائيات العربية.

 

في هذا الواقع تتنامى الثورة الإعلامية العربية. ويبرز السؤال عما إذا كانت هذه الثورة ستوظف لصالح هذه الثقافة العولمية التي تخدم بدورها الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، وضياع القضايا الوطنية؟ وعما اذا كانت المبالغة في التسويق الإعلامي للاستهلاك وقيمه في منطقة تتميز بغياب فاقع للعدالة الاجتماعية، ستؤدي إلى انفجارات اجتماعية وسياسية؟ وعما اذا كان الرهان المتمثل في الوصول الى الشرائح الأُمية في المجتمع سيقع في صميم تقوية منطق الانفجار هذا ؟ خاصة في أجواء مصادرة الحريات الوطنية والفردية.

أم أن هذه الثورة تشكل، بالرغم من كونها موسومة بالاحتوائية، انطلاقة انفتاح، حرية تعبير، تعددية، تروي هذا التعطش للحرية، للمعلومة، للجدل الحر، كي تعبر إلى تفعيل حركة تغيير تاريخي، في فضاء إعلامي لم يعرف حتى التسعينات إلا الخطاب الرسمي الدعائي والرقابة. هل سيستطيع ضغط الجمهور، وقناعات قطاع كبير من الإعلاميين أنفسهم، ان يجبر الفضائيات نفسها على تعديل خطابها؟

وهل يمكن بالتالي للقوى الفاعلة في المجتمع ان تعمل على إطلاق نظام عربي إعلامي جديد يستوعب تطورات العالم ويحقق مصالح الأمة؟

سؤال لا بد لتبين الإجابة عليه من تبين السياق. ولذا فإن التاريخ والجغرافيا هما عاملان لا مجال لتجاوزهما. وذلك ضمن ثلاثة دوائر تضم كل منها الاخرى :

السياق الدولي فالاقليمي فالمحلي ودور وسائل الإعلام في كل من هذه السياقات.

مع التركيز اكثر على الإعلام المرئي، وتحديدا الفضائيات، نظرا لتنامي تاثيرها وذلك في سعينا للإجابة على السؤال موضوع هذا البحث: أي نظام عربي إعلامي جديد؟

 

  1. الفصل الأول

الدائرة الاولى :

النظام العالمي الجديد وترجمته الاعلامية

 

خلال المؤتمر الذي عقد في باريس حول الأمن والتعاون، في 22 أكتوبر 1990 أعلن الرئيس الاميركي بوش الأب: “لقد انتهت الحرب الباردة”. بعد ذلك بشهر واحد، في نوفمبر 1990 ألقى خطبة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول أزمة الخليج تحدث فيها عن “عصر جديد” وصفه ب “الأمن والتعاون والحرية”.[8]

نهاية وبداية:

بعد ذلك بثلاثة أشهر، في 15 يناير 1991، اندلعت المواجهة على حدود العراق، “حرب دارت أمام كاميرات التلفزيون كما دارت على الأرض، ومثلها مؤتمر مدريد الذي نتج عنه”[9]. وبحسب تعبير جان بيير شوفينمان فإن “حرب الخليج قد ساهمت في إرساء وتمتين الحدود (أسوار الامبراطورية) “Limes” و ما إن انتهت حتى استقر نظام عالمي جديد حدده الشمال”.[10]

 

1 – تثبيت الامبراطورية

أ- الحاجة إلى عدو و صراع الهوية:

ما جدوى روما بدون أعدائها، بدون “عدو يستطيع أن ينافسها كوحدة وكقوة” ؟ [11] هكذا تشكل تجربة الانتصار “تجربة خسارة”[12] في الوقت ذاته، خسارة التوازن وخسارة السبب المبرر، خاصة عندما تجد نفسها “عاجزة عن تمويل عجزها في مجالي الاقتصاد والثقافة”[13] إذاً لا بد من إيجاد، أو اختراع، إمبراطورية أخرى، إمبراطورية الشيطان.

 

جاءت الأحداث تقدم لجورج بوش “عدواً على طبق من ذهب”[14]: عراق صدام حسين. قبل أن تشكل 11 سبتمبر الهدية الكبرى ومعها الإرهاب، والإسلام.

  • في كتابه الذي صدر في نيويورك عام 2004[15] ونقل الى العربية تحت عنوان “من نحن؟ تحديات الهوية الأميركية”[16] اعتبر صاموئيل هنتغتون أن العداء للإسلام يعمق الهوية الأميركية.

إذن ثمة سيناريوهات ثلاثة، كلها خطيرة تطرح للمستقبل، والحل لها جميعا يكمن بحسب الكاتب في “صراع الحضارات” الذي يتطور في اتجاهين راديكاليين: العودة إلى الأصولية البروتستنطية، وتأطير عدو جديد هو الإسلام. من هنا فإن نمو الحس الديني المتطرف على المستوى الدولي يمكن أن يخدم هذين الهدفين معاً.

هنا تضطلع وسائل الإعلام بالدور الرئيسي في ترسيخ حوار أو صراع الحضارات، في تفعيل العداء للإسلام وعداء الإسلام للاخرين، ولنقل في إرساء عولمة إسلامية توازي العولمة الاميركية، على أنقاض الدولة القومية أو حتى الخصوصية القومية.

ألا يتساءل المتلقي: كيف تبث الفضائيات التي تنتمي إلى جهات قريبة من الأميركيين الصور الأكثر قسوة والرسائل والتصريحات الأكثر تطرفاً وأصولية من مثل رسائل وخطابات بن لادن، وتتبنى نبرة بالغة العداء للأميركيين؟

قد تبدو سياسة كهذة جذابة بالنسبة للجماهير غير الواعية والتي تشعر بالكثير من الكبت والظلم، والنتيجة أنها تندفع أكثر في منطق الصراع، الذي يشكل عندما يرتبط بالدين خطراً كبيراً داخل مجتمعاتنا نفسها، كما داخل كل مجتمع متعدد الأديان، متعدد الثقافات كما هو حال معظم مجتمعات العالم.

 

  • التماهي بين أصحاب السلطات الاقتصادية وأصحاب السلطات السياسية، و التحالف بين المتعددة الجنسيات والرساميل المحلية

 

ج- نظام إعلامي عولمي جديد : سوق واحد واعادة توطين المؤسسات

وهكذا فإن النظام الإعلامي العولمي الجديد هو ترجمة هذه الحالة ووسيلة تطبيقها. “العالم سوق واحدة” ذاك هو شعار دعاة “العولمة” الإعلامية. وهم يعودون في ذلك إلى سياسات تتمثل في تشجيع “إنشاء محطات خاصة تتحدى محطات الدولة، وتشجيع تعددية القنوات لتعزيز قيم السوق التأسيسية: الخصخصة والاتجار، الاستهلاكية، حرية تدفق المعلومات، المنافسة. لكن تضاف إليها قيم تتأتى من نمط حياة الأفراد والجماعات.” نظام قيم جديد يشكل مشروعاً “يؤدي على المدى البعيد إلى إنشاء سوق تلفزيوني دولي… تختفي فيه الحدود وتصبح بدون فعالية”.[17] ولا شك في أن هذا المشروع يقوي تبعية معظم دول العالم للولايات المتحدة، سواء عن طريق:

– عائدات بيع البرامج “لقد تضاعفت عائدات الشركات الأميركية التلفزيونية الكبرى ثماني مرات بين عامي 1980 و 1993”[18]

– أو عن طريق بيع التكنولوجيا،

– أو أخيراً عن طريق بيع (الفورمات). حيث يلاحظ الباحثان ديفيد مورلي وكيفين روبنس أن “أميركا قد كتبت قواعد التلفزيون الدولي، حيث أن الفورمات التلفزيونية التي طورت في الولايات المتحدة قد حددت الأطر التي تنتج ضمنها البرامج في أكثر الدول الأخرى”.[19]

– وأخيراً عبر تفرع الشركات التلفزيونية الاقليمية والمحلية عن الشركات الأميركية الكبرى.

 

2– تحديات مستقبل الامبراطورية : تثبيت الهيمنة

المسألة تتعلق هنا بألا يكون ثمة “اعتراض يواجه الهيمنة الأميركية ويهدد بالتالي بقلبها”[20]. وهو خطر يمكن أن يصدر من الخارج كما يمكن أن ينبت من الداخل. هنا تبدأ من جديد حرب الأفكار، الإرادات، والأنماط.

 

أ- على الصعيد الخارجي : المنافسون والمقاومون

ليس الشمال واحداً موحداً وكذلك الجنوب. ففي الأول هناك قوتان حيتان متحركتان: الإمبراطورية التي تبذل جهدها لتدعيم هيمنتها، وهناك القوى الأخرى التي تحاول أن تمنع هذه الأحادية: أوروبا، روسيا، والقوى الصاعدة في آسيا.

وفي الثاني أي الجنوب هناك أيضاً قوتان حيويتان: التابعون والمؤيدون، والمعارضون الذين يقاومون هذه الهيمنة الجديدة سواء في الشرق الأوسط أو في آسيا أو في أفريقيا دون أن ننسى أميركا اللاتينية.

في هذين المعسكرين تتجمع قوى لا تمتلك بالضرورة الملامح ذاتها، لا ولا المصالح ذاتها. مما يجعل مستقبل الامبراطورية متوقفاً على نجاحها في الالتفاف على البعض واستيعابه وخنق البعض الآخر. وهذا أيضا ما تترجمه وتحققه وسائل الاتصال. وبالنسبة لوسائل الاعلام العربية يكفبها ان تدعم المشروع الاميركي عالميا بتشويه كل خصومه، وتسويق الدعاية الاميركية ضدهم، مستغلة في ذلك عدم معرفة المتلقي بحقائق وظروف تلك الساحات. اما بالنسبة للساحة العربية نفسها فان التهديد الذي تتوجب مواجهته للحفاظ على الهيمنة الأميركية يتمثل في مشروعين: المقاومة بكل أشكالها والتغيير الداخلي.

 

 

إذا ما هو الدور الذي يراد لوسائل الإعلام أن تلعبه كي تواجه ” قوى الاعتراض” هذه؟ إنه دور يتلخص في نشر روحية تحبط روح المقاومة (بمعناها الشامل)، ونشر اهتمامات بديلة وقيم لا تتوافق معها. ومن جهة ثانية الالتفاف على التغيير غير المرغوب فيه، عبر اللجوء إلى إحداث تغيير مناسب للأمركة وللأنظمة القائمة. وهنا يبرز سؤالان مهمان :

 

– هل تعكس وسائل الإعلام الصراع القائم بين مشروعين متناقضين للتغيير، ومن ثم تناقضهما مع مشروع آخر لا يريد إلا الجمود أو العودة الى الوراء؟ أم أنها ستخدم استراتيجية السلطات المرتبطة بالنظام العالمي الجديد وما انبثق عنه من نظام إقليمي وعربي جديد؟

– هل سيلعب الجمهور دور السلطة المضادة في حال تخلت وسائل الإعلام عن هذا الدور؟

وهل من وسيلة للتوفيق بين الدور الشعبي، ودور المثقفين، ودور وسائل الإعلام ؟

 

 

  • على الصعيد الداخلي :

1)- عدم التأثر، مصدر تدفق واحد، لغة واحدة:

أحد الشروط اللازمة لاستقرار امبراطورية ما هو عدم تعرض مواطنيها لتأثير خارجي وعدم اهتمامهم بالأحداث التي تجري خارج حدودهم. فلا يجب أن تتكرر تجربة حرب فيتنام، لذا فإن صور ما يحدث في العراق، في فلسطين، في أفغانستان لا يجب أن تصل إلى المتلقي الأميركي إلا بعد مرورها بالمصفاة. كذلك يجب ألا تتعرض الجاليات ذات الأصل العربي والإسلامي إلى تأثير بث باللغة العربية، وهذا ما عبر عنه هنتنغتون عندما كتب بأن البث باللغات الأجنبية يعيق عملية الاندماج في المجتمع الاميركي.[21]                                في السياق ذاته لا بد من إقناع الرأي العام الأميركي بالمهمة الرسالية، التحريرية، الديمقراطية، التي تقوم بها إدارته وجيشه. مما يفسر إمتناع الفضائيات العربية الخاصة عن البث باللغات الاجنبية أو إذا ما فعلت، تمييزها الكبير بين طبيعة البرامج والأخبار والتغطيات التي تبث بالعربية وتلك التي تبث بالإنجليزية.

 

(2 – الرفاه الاقتصادي المرتبط بالنفط ،و الهيمنة على مناطق أنتاجه، الخليج العربي. 

  1. الفصل الثاني

الدائرة الثانية

النظام الإقليمي الجديد وترجمته الاعلامية

التقاطع العالمي -الشرق أوسطي

لا ينفصل النظام الإقليمي ( ومن ضمنه العربي ) الجديد عن النظام العالمي الجديد، كما يلتقي في هذا محمد حسنين هيكل مع الجابري في تحليل ينتهي فيه إلى دور الميديا حيث يكتب: ” لقد ارتكبنا قطيعتين:

 

  • فصل السياسة عن الأمن
  • فصل السياسة عن الاقتصاد…

ليأتي النظام الإعلامي فيكمل المهمة .”[22]

 

هل يشكل هذان الرأيان تشاؤماً مبالغاً فيه؟ أليس لوسائل الإعلام الجديدة هذه من تأثيرات إلا تلك السلبية؟ حتى ولو كانت هذه المحطات الخاصة في الواقع، ترجمة لهذا النظام؟ أسئلة يتدرج القاء الضوء عليها من قراءة الخطاب الاعلامي السياسي والاقتصادي الى الثقافي.

 

1- الشرق الأوسط، السلام، التطبيع:

في نهاية حرب الخليج عام 1991 كان شيمون بيريز هو الذي نصب نفسه منظراً للشرق الأوسط وذلك بسبب “فراغ الهوية” كما قال. “وبما أن الطبيعة لا تحتمل الفراغ، فقد كان لدى الإسرائيليين ولدى الأميركيين ما يملؤونها به، هوية تتعدى القومية”[23]. في حين لا تقبل إسرائيل إطلاقاً التفاوض وتحت أي ظرف حول طبيعتها القومية، فهي “دولة اليهود” “الدولة الصهيونية”. كذلك فإن الدولتين الأخريين اللتين تدخلان ضمن خريطة الشرق الأوسط أي إيران وتركيا، هما دولة/أمة مؤكدة. مما يجعل العرب وحدهم هم المقصودون والمهددون في هذا السياق. وبالتالي فإن ضرب الخطاب القومي في الخطاب الإعلامي العربي، هو ضرب و تفتيت للكيان العربي وحده ضمن هذا المشروع.

لذا كان من الطبيعي أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطها، خاصة بعد حرب 1991، لتسويق فكرة سلام وهمي لا وجود له على الأرض، ولفرض تطبيع واقعي، تشكل وسائل الإعلام، خاصة السمعية البصرية أفضل وسائل ترويجه.

2– التغيير: من التنمية إلى الدمقرطة، وعبقرية الأنظمة في تكييف الإعلام :

في عامي 1990 و 1991، قدمت الشوارع العربية مشهداً أسال الكثير من الحبر، سواء في الصحافة أو في كتب الباحثين.

ما الذي عاد فجمع هذه الجماهير التي غرقت طويلاً في خلافاتها، هذا العالم العربي الممزق جغرافياً منذ عقود والمتفرق طائفياً واثنياً وقبلياً وثقافياً؟ ما إن انتهت الحرب حتى عكفت باحثتان تونسيتان على دراسة ميدانية تحاول البحث عن تفسير لتحرك الجماهير الشعبية إزاء العراق بما فيها أولئك الذين كانوا حتى اندلاع الأزمة معادين لنظام بغداد ؟ نتائج الدراسة نشرت في جريدة لوموند دبلوماتيك وتلخصت في الاستنتاج التالي: ثلاثة أسباب كانت في أساس هذا التحرك الشامل: إحساس الكرامة الذي نجح صدام حسين في إحيائه لدى الجماهير، وربط القضية العراقية بالقضية الفلسطينية والمرارات المتراكمة لدى فقراء العرب ضد ثروات البترول الضخمة أو بتعبير آخر غياب العدالة في توزيع الثروة وفي طريقة تبذيرها.[24] استنتاجات ثلاث تشكل تحديات كان من شأنها أن تعيق المشروع الاقتصادي السياسي المرسوم لما بعد الحرب. كما كان من شأنها أن تؤدي إلى إحداث تغييرات كبرى في المنطقة.

 

المفاجأة الثانية تمثلت في الانتفاضتين الفلسطينيتين اللتين كادتا أن تربكا المشروع الإسرائيلي. ليس في فلسطين فحسب وإنما في العالم العربي.

 

أما المفاجأة الثالثة والخطيرة فهي تحرير جنوب لبنان، وإعادة إحياء نموذج المقاومة، ومن ثم انتصار تموز 2006. فيما يشكل الخطاب الإعلامي السياسي لحسن نصرالله رافعته الأساسية. وأخيرا لا آخرا تأتي المقاومة العراقية.

هذا المأزق الذي قد يؤدي الى زعزعة النظام العالمي الجديد كله وبالتالي كل ما توالد عنه إقليميا وعربيا وقُطريا.

 

ومنذ التسعينات تمثل الالتفاف على كل هذه المخاطر في رفع شعار دمقرطة النظام السياسي العربي. ديمقراطية مشوهة يطرحها الأميركيون تبريرا للاحتلال، وطريقا للمحاصصة الطائفية، أو لمقايضة مع الأنظمة القمعية. ديمقراطية تغيب عنها الأحزاب السياسية، الحرية السياسية، وبالتالي الصراعات الفكرية المؤسسة للمواقف. كما تغيب عنها بلورة شخصية المواطن بعيدا عن الانتماءات الفئوية.

 

هنا كان التحدي بين من يريدون توظيف وسائل الاعلام لتفعيل التغيير باتجاه العقلية غير الاستهلاكية والانتاجية ، وباتجاه مجتمع المقاومة و إحياء الحس القومي وإحداث تغييرات جذرية أو تدريجية ديمقراطية واقتصادية واجتماعية وسياسية، وبين من يريدون تحويل الأمور كي لا يحصل ذلك.

هنا تجلت عبقرية الانظمة في التكيف وابتكار الحلول، عبر اللجوء الى خصخصة الإعلام، عبر نوعية المالكين وعبر نوعية المادة والخطاب الإعلامي.

 

3– الخصخصة

  • الخصخصة تستدعي بالضرورة الصفة التجارية وبالتالي الاعتماد على الإعلان والعلاقات العامة وترويج الاستهلاك. فإن كان لا بد لهذه أن تعزز حركة المجتمع لكنها في الوقت نفسه تشكل خطر تدمير منظومة القيم الاجتماعية ونشر الفساد وتعميق غياب العدالة الاجتماعية.

 

في حالة وسائل الاعلام العربية فإن احتمالية أن تكون الخصخصة وسيلة لتفعيل التخلص من الرقابة الحكومية والدعائية الفارغة وتحوير المعلومات واحتقار ذكاء المتلقي، ومن المعايير غير المهنية في اختيار القائمين عليها، قد تعثرت دائماً لسببين:

 

  • طبيعة مالكي المحطات الخاصة الذين يتشكلون بغالبيتهم من أعضاء من الأسر الحاكمة أو المقربين منهم.

العلاقة بين المالكين ورأس المال الدولي، العولمي، من جهة. وارتباطهم بالسياسات الأميركية والغربية التي يعتمد عليها بقاء النظام المعني، وطبيعة خلافاتهم الداخلية من جهة أخرى.

 

لذا لم تؤد تركيبة الرسالة الإعلامية، خاصة تلك المرئية المسموعة الى ما يصبو اليه المواطن من تفعيل حراك ديمقراطي حقيقي، سواء على المستوى السياسي او على المستوى الاقتصادي. ولذا تغيب عن الصحافة المكتوبة الطروحات و الصراعات الفكرية الحقيقية والجدل السياسي غير الحدثي، كما نرى برامج المواجهات التلفزيونية تدور، في غالبيتها بين أشخاص يمثلون أنفسهم لا أحزابهم السياسية.

كما أن الفورما المعتمدة (ومقتضيات الطابع التجاري) تقتضي أن يقطع البرنامج عدة مرات بالإعلان، وإذا ما أضفنا ذلك إلى طبيعة الرسالة الشفوية التي لا تترك مجالاً للتفكير العميق فإن النتيجة هي الحؤول دون تعميق الصراع الفكري حول الفكرة المطروحة وتثبيته إن لم نقل عدم الوصول إلى نتيجتها. من جهة ثانية تأتي الملاحظات الإخبارية المكتوبة والمتحركة باستمرار وبسرعة أسفل الشاشة لتشتت المشاهد وتمنع التركيز.

  

iii. الفصل الثالث

الدائرة الثالثة : التعقيدات والمنافسات العربية

  • التطورات الجيوسياسة
  • التاريخ:

اتسمت الخمسينات والستينات في العالم العربي بالظواهر التالية:

  1. التوزع بين أنظمة ملكية أو تقليدية مرتبطة بالاميركيين والبريطانيين وبين أنظمة ثورية مرتبطة بالإتحاد السوفيتي باستثناء النظام اللبناني الجمهوري الذي كان يتمتع بتداول في السلطة وحرية في المجال الصحافي دون أن يحميه ذلك من التوزع الطائفي.
  2. المنافسة، الخصومة التي تصل حد العداوة بين الإسلاميين والقوميين.
  3. العداء بين القوميين الموحدين وبين التيارات الانعزالية أو الإنفصالية على أساس طائفي أو إثني.
  4. الخصومات الواضحة داخل الخط القومي.

أما القاسم المشترك بين هؤلاء جميعاً على الصعيد الاعلامي، فهو خطاب مرحلة الحرب الباردة، خطاب ملتزم يملي جميع علاقات الإنسان بالعالم، ويفرض عبر رقابة شديدة لا تعرف المرونة وتربط الإعلام بالأجهزة الأمنية. علماً بأن الحملات الإعلامية خاصة الإذاعية كانت طوال سنوات الخمسينات والستينات والسبعينات سلوكاً يومياً حاداً ومبتذلاً من سلوكيات دعاية الدولة و العداء بين هذا النظام العربي وذاك.

 

  • الجيوسياسة: المركز والأطراف

على خارطة كل أمة، في كل فضاء جيوسياسي هناك دائماً مركز وأطراف، لا تكون مواقعها بالضرورة ثابتة دائماً.

 

3) المنافسات المعاصرة (ضمن السياقين الأولين):

أ- الزعامة المصرية. لا ناصر بدون الراديو:

في سياق سنوات الحرب الباردة كانت وسائل الإعلام المصرية تتمتع بميزة الانتشار على امتداد العالم العربي رغم كل المنافسين. ولم تكن زعامة مصر موضع نقاش في مرحلة عبد الناصر لانها تخاطب النقاط الاساسية الثلاث في الوعي الجماهيري العربي : الوحدة – العدالة الاجتماعية – وفلسطين . فخطب “الريّس” الطويلة “ابن الشعب” تنشر على مدى العالم العربي نوعاً من منع التجول.

لكن هذه الزعامة الممتدة لم تكن بدون منافسين، بل بدون أعداء، داخل العالم العربي. ولعل ابرز مثالين سياسيين يجسدان ذلك ويرتبطان بما سوف تمثله الفضائيات العربية فيما بعد هما :

  1. حرب اليمن.
  2. أزمة الكويت من عام 1961 الى عام 1991

واذا كانت المنافسة دائمة بين ناصر والعربية السعودية فان معطيات جيوسياسية منها التوتر بين إيران والدول العربية، قد ساهمت في جعل هذه الدول تتطلع منذ نهاية الستينات نحو الملك فيصل الذي كان يريد أن يثبت دوره كمدافع عن العروبة،[25] وعن الخليج “دون أن يتخلى عن مشاريعه القديمة حول الوحدة الإسلامية”.[26]

إذا كان النفط يعزز دور العربية السعودية كمركز اقتصادي للمنطقة العربية فلماذا تكتفي بذلك؟ لماذا لا تطالب بقيادة العالم العربي، وبالسيطرة على وسائل الإعلام العربية؟

 

ب – كامب ديفيد: إقصاء مصر، العراق والعربية السعودية يتنازعان دور المركز: الإنعكاس الإعلامي.

كان الطوفان الجماهيري الذي سار في جنازة عبدالناصر يشهد على نهاية المرحلة.

وتتجمع عوامل كثيرة لتبلور قرار السادات بالذهاب إلى كامب ديفيد. وهكذا خرجت مصر من العالم العربي وها هي بغداد تعطي نفسها لقب “عاصمة الرفض” وتستضيف القمة التي قررت عدم الاعتراف بكامب ديفيد، “وبرفض جميع نتائجها”.[27] وتتبنى عقوبات ضد مصر تتضمن إخراج بلاد النيل من مشروع القمر الصناعي العربي “عربسات” الذي كانت تتولاه “A.S.P.U“. وكان استعمال هذا القمر يقتصر في مرحلته الأولى على نقل الاخبار والقضايا العامة بين التلفزيونات الوطنية والعربية القائمة. [28]

 

وهكذا جاء “غياب مركز حقيقي ليلعب دور المحرك”[29] وليسمح بظهور “صراعات على الزعامة”. حيث لم يكن للعربية السعودية أن تنافس على ساحة الرفض لأنها كانت دائماً على رأس المعتدلين. “كان صدام حسين يحلم بتجميع ما تبقى من العرب بعد إنسحاب مصر حول قيادته” [30] هكذا كانت القمة “خطوة على طريق صعود العراق على الساحة العربية، صعود يندرج أيضاً ضمن منطق سلطة النفط”. [31] سلطة جعلت المنافسة السعودية العراقية تتصدر المشهد و تتجسد إعلامياً خاصة في مجال الصحافة المهاجرة، التي تعززت بسبب حرب لبنان.

 

ج – حرب لبنان: الصحافة المهاجرة والتمويل

في سنوات الخمسينات والستينات أصبحت الكويت هي التي تجتذب بدولارات البترول وبسقف عالٍ نسبياً من الحرية، الصحفيين العرب خاصة اللبنانيين والمصريين.

أما حرب لبنان 1975-1991 فقد دفعت الصحافة اللبنانية إلى الانتقال إلى المهجر الأوروبي. بحثاً عن الحرية أو عن التمويل ؟

الواقع أن هذه المؤسسات لم تكن تحيا في أوروبا إلا بتمويل الأنظمة العربية خاصة عراق صدام حسين والعربية السعودية ومن ثم الآخرون كليبيا وغيرها. مما اعطى خطابها في الغالب طابعا دعائيا غير موضوعي إن لم يكن غير أخلاقي. وعليه يمكن القول ان ما بحثت عنه الصحافة العربية في أوروبا كان التمويل وليس الحرية.

د- الحرب العراقية الإيرانية: تأجيل المنافسات.

جاء شبح الخميني ليجبر العراق والسعودية ومعهما جميع دول الخليج على تأجيل خلافاتها ومنافساتها. من ثم انفجرت الحرب العراقية الإيرانية التي “مولتها العربية السعودية بخمسين مليار دولار”[32]

وكان من المعروف أنه أياً يكن المنتصر، العراق أم إيران، فإنه يشكل خطراً على الممالك والإمارات الخليجية التي تشعر منذ 1970 بأنها “مهددة بخطر مزدوج”.[33] كذلك لم تكن إسرائيل والمصالح الأميركية لتطمئن في النهاية إلى أي من الاثنين حتى ولو كانت الدولتان الأهم في المنطقة من الناحية الديمغرافيةً والاقتصادية تتبنيان أيديولوجيتين منتاقضتين.

في حين كانت الحرب العراقية الإيرانية تشرف على نهايتها وبالتالي فإن التحالفات أخذت ترتسم بشكل آخر، ومثلها المنافسات.

 

و – أزمة الخليج: التقاطع بين العالمي والإقليمي.

في عام 1990 انفجرت حرب الخليج، فالعراق الذي وجد نفسه محصوراً بين المأزق الاقتصادي الذي يعيق مشروع إعادة الإعمار والمأزق السياسي اختار الهروب إلى الأمام. الديون تعيق مشروع إعادة الإعمار، والدول الخليجية التي اعتبر العراق أنه دافع عنها طوال ثمان سنوات ترفض شطب هذه الديون، بل أن الكويت والإمارات عمدت إلى رفع مستوى الإنتاج النفطي الذي تسبب في خفض الأسعار.

في موازاة ذلك يرتفع التوتر مع إسرائيل والغرب “إن العنصر الأول الحتمي هو إسرائيل: فالترسانة العسكرية العراقية تهدد التفوق الإسرائيلي في المنطقة والهدف الرئيسي للخيار الأميركي هو تدمير هذه الترسانة باعتماد الحجة المثالية التي قدمها غزو الكويت”. [34]

لم تفد اتفاقية عدم الاعتداء بين العراق والسعودية، حيث لم يكن السعوديون قادرين على رفض طلب الأميركيين بإنزال قواتهم على أراضي المملكة.

وفي هذا الصراع لأجل لاجل استيعاب او تحفيز الرأي العام، يلعب الإعلام بكل أشكاله دورا أساسيا، ويترافق المد الشعبي المؤيد للعراق مع المد الإعلامي المعبر عنه. في حين تجند الدول الخليجية الوسائل المرتبطة بها لمقاومة الحرب النفسية العراقية، ولتبرير وقوفها الى جانب الاميركيين. وتستعد السي ان ان لولوج المنطقة.

ز- مصر تحاول استعادة دور المركز:

إطلاق الفضائية العربية الأولى، والحرب الاعلامية

من جديد يعود دور مصر: الجيش المصري يتدرب مع قوة التدخل السريع الأميركية منذ سنوات، الأميركيون يريدون منع حصول حل سياسي للأزمة.[35] لذلك عمد الرئيس مبارك في مؤتمر القمة في 10 آب 1990 إلى “منع كل مناقشة لأساس المشكلة وفرض التصويت على إرسال جيوش عربية إلى العربية السعودية تحت راية الأميركيين”[36] كأن مصر التي كانت مركز العالم العربي مع ناصر الثوري والقومي تريد أن تستعيد دور المركز “في إطار الاعتدال”[37]. وإذ حظي مبارك بدعم سوريا التي ضحى رئيسها بشعاراته القومية والمعادية للأميركيين في مساومة حول وضعه في لبنان وبدافع هاجس التخلص من الشقيق العدو.

 

مع اندلاع الحرب الدبلوماسية ومن ثم العسكرية اندلعت الحرب الإعلامية بشكل أعنف. صحيح أن عناصر دعاية الحرب كانت في يد العراق: فالشوارع العربية تشتعل إذ لا علاقة للشعوب بمنطق الأنظمة. أما منطق القانون الدولي فإنه يصطدم مباشرة في ذهن المواطن العربي بتاريخ الصراع مع إسرائيل، في حين أن منطق المساعدات المالية يصطدم بدوره بإحساس الكرامة الوطنية من جهة وبحسابات واعية لدى البعض: إن تكاليف الحرب التي ستتحملها الدول الخليجية النفطية ستتجاوز بكثير مبالغ المساعدات وقيمة الدين العربي. كذلك يصب في خدمة دعاية الحرب الكبت الذي يستشعره الفقراء إزاء الأغنياء الفاسدين، إحساس “العداء للغرب الناجم عن مواجهة طويلة مع إسرائيل”[38] وعن دعم هذا الغرب للأنظمة الأقل شعبية والاكثر قمعية. يضاف إلى ذلك الأحساس الديني الذي أهين بوجود الجنود الأميركيين قرب مكة والمدينة. مما جعل “صدام حسين البعثي العلماني يتحول فجأة إلى مدافع متشدد عن أماكن الإسلام المقدسة”[39] كل هذه العناصر تقود إلى ملاحظة مفادها أن تخلف العراق عن إنشاء قوة إعلامية حقيقية قد قلل من فرص الإفادة من كل هذه العناصر. كما يقود الى السؤال المتعلق بتأسيس الفضائية العربية الأولى وهي الفضائية المصرية. فهل أُسست لمواجهة دعاية الحرب هذه؟ أم أن إطلاقها جاء ضمن منطق وعناصر استعادة دور المركز؟

 

ح- من عربسات ما قبل 1990 الى استراتيجية ما بعد الحرب

كان البث التلفزيوني بين الدول العربية قبل الفضائيات، محصوراً بنوعين من التبادل:

  • البرامج والمسلسلات التي يشتريها الجميع من مراكز الإنتاج نفسها. وفي هذا كانت مصر تحتل، قبل كامب ديفيد، الموقع الأول.
  • البرامج والأخبار التي يتم تبادلها في إطار مشروع التعاون عبر عربسات “وهو تبادل لا يحقق إلا الحد الأدنى من التأثير”[40] لأنه كان إنتقائياً ومراقباً.

مع إندلاع أزمة الخليج يمكن تحديد عدة مؤشرات:

  • “قبل الأزمة بقليل وضعت الحكومة المصرية قانوناً يسمح باستيراد اللواقط. في حين بدأت مصانع محلية في العربية السعودية وفي سائر دول الخليج بتصنيع لواقط تنافس الماركات المستوردة”.[41]
  • في حزيران 1990 وافقت سلطة الاستثمار المصرية على تشكيل (CNE) المكلفة بإعادة بث الـN.N. ذلك قبل شهر واحد من غزو الكويت.
  • في ديسمبر 1990 أطلق التلفزيون المصري السبيس نت المصرية (ESN)، البث المباشر. وذلك قبل شهر من إندلاع “عاصفة الصحراء”. وكان التبرير الرسمي المصري بحسب أمين حسين، هو مواجهة الحرب السيكولوجية المكثفة التي يشنها العراق، وتأثيرها على القوات المصرية والعربية المتمركزة في العربية السعودية.

ما أن انتهت الحرب حتى اشترت الفضائية المصرية موقعاً في القمر الصناعي الأوروبي (EUTEL SAT 2 F3) وبذلك استطاعت أن تصل بسهولة إلى جمهور الخليج وأن تجتذبه بفعل شعبية الأفلام والمسلسلات المصرية كما استطاع أن يصل إلى الجمهور في كل العالم العربي.

هذه الاستعادة للجمهور تبرهن على أن الاستراتيجية المصرية تمضي حداً أبعد من مقاومة الحرب النفسية التي أطلقها العراق ولذلك فهي تشكل تحدياً مقلقاً بالنسبة للسعودية. كما تفسر السباق على احتلال الموقع الأول في النظام الإقليمي الجديد.

كل هذا يفسرالرد المتمثل في الاجتياح الإعلامي السعودي الذي لم تكن MBC إلا نقطة البداية والإنطلاق فيه.

ط – الرد السعودي، إنشاء الـ MBC والباقات الفضائية.

فصل تأسيسي في الإمبراطورية التلفزيونية:

أول سبتمبر 1991 أطلقت من لندن الفضائية السعودية الخاصة الأولى. “MBC هي الطبعة العربية لمحطة أميركية أو أوروبية تجارية” كما حددها مديرها العام عند اطلاقها إيان ريتشي.[42] إذن: خصخصة، تجارية، واندماج في صلب النظام العولمي.

 

ي – رؤيتان متناقضتان: الخصخصة والتجارية- المجال العام.

رؤيتان متناقضتان تطرحان نفسيهما: الأولى تعود إلى فلسفة الاتصال، والثانية لرؤية معينة لدور الدولة.

الفلسفة المصرية للاتصال تختلف عن الفلسفة السعودية بظاهرتين متناقضتين:

لا يميز المصريون بين البث الموجه للجمهور المحلي والبث الموجه للعالم العربي كما إنهم لا يمارسون الرقابة بنفس النسبة التي يفعلها السعوديون، حتى “خلال الحرب، كان التلفزيون المصري والتفزيون السعودي يعيدان بث أخبار الCNN. كان المصريون يفعلون ذلك بشكل مباشر بينما كان السعوديون يعملون المقص في المادة”.[43] كذلك فإن الرقابة الاجتماعية والدينية على وسائل الإعلام هي أكثر تشدداً من ذلك إذ أن القراءة المصرية للإسلام تشكل خطورة على القراءة الوهابية والذي يراقب الإنتاج الدرامي المصري منذ بداية القرن يلحظ كمّ الانفتاح والحداثة اللذين وسماه وكيف تراجع بشكل كبير استجابة لمتطلبات السوق السعودي.

والمفارقة أن السعوديين الذين يطبقون أكثر قواعد الرقابة على الصعيد الإعلامي الداخلي، هم الذين يسمحون في برامج التسلية التي تبثها القنوات التابعة لهم خارجياً بتجاوز الخطوط الحمر.

شيزوفرينيا تسمح بها الخصخصة والصفة التجارية. مما سمح بمحلل إعلامي غربي أن يلحظ بدوره أن الفضائيات السعودية قد تفوقت على المصرية لأن “الفضائيات المصرية ما تزال تخضع لتأثير الأخلاقيات الإسلامية المحافظة، نسبياً إن لم يكن قطعياً. فليس في بثها مساحات (للبورنو)”. [44]

أما الرؤية الثانية أي تلك المتعلقة بدور الدولة فإنها تقع في عمق مبدأ العولمة. فالفضائيات السعودية كلها ملكية خاصة، تبث من الخارج ويمتلكها أفراد في الأسرة الحاكمة. وهي مؤسسات متكيفة مع منطق اقتصاد السوق المتمثل في الخصخصة والتجارية. في حين أن الفضائيات المصرية ما تزال ملكية عامة وكأنها لا تجاري روح العصر. حتى في الخط الجديد الذي انتهجته في تبويب بثها التلفزيوني على (النايل سات)، فتلفزيون النيل متخصص بباقة الفنون الدرامية (أفلام، مسلسلات ومسرح) أما النيل للاخبار، النيل للثقافة، والنيل للأطفال فهي محطات إخبارية أو تربوية كما تم التعاون الانتاجي بين التلفزيون ووزارة الثقافة، في مجلس التخطيط للمحطة المخصصة للفنون (ERTU).

في عام 1996 كتب عبدالله شليفر “أن من يحرك هذه الفلسفة الإعلامية هو وزير الإعلام صفوت الشريف الذي يدعو إلى نظرية السيادة الثقافية”.[45] رؤية تجتذب الحس الشعبي المصري، “ذاك أن الدولة هي التي تمتلك العدد الاكبر من المواهب: الممثلين، الراقصين، الموسيقيين، المنتجين، الصحفيين، المخرجين وحتى المقرئين. كما تمتلك الصناعة الأكثر ازدهاراً أي صناعة السينما”. [46]

في عام 2004 اضطر صفوت الشريف إلى الاستقالة قبل تشكيل الحكومة الجديدة؛ وأكد راديو الشرق في نشرته الإخبارية على أن سبب هذه الاستقالة الإجبارية يعود إلى التناقض بين سياسة الوزير وخط الانفتاح الذي يتبناه جمال مبارك الوريث المتوقع لوالده.

ك – مفاجأة الجزيرة والتداعي الخليجي :

عندما أعلن البريطانيون تقسيم الامارات والمشيخات، ظل إعلانهم “من جانب واحد”. ثلاثة اطراف رئيسية لم تعترف به: السعودية، العراق، وايران . لذلك لم يكن لاجتياح العراق للكويت، وإمكانية امتداد النفوذ الايراني اذا ما سقط نظام صدام حسين، كما لإطلاق يد سوريا في لبنان، إلا وأن تجعل كل الجيران الصغار يخافون من أن تسري العدوى إلى الجيران الكبار؟ ولماذا لا تحمي قطر نفسها باكثر من أمر على راسها محطة فضائية استثنائية ؟

هكذا نشأت مفاجأة العصر الإعلامي العربي: الجزيرة القطرية. ومن المهم ملاحظة تاريخ نشوئها، بعد أزمة الحدود مع العربية السعودية، وبعد الانقلاب السياسي داخل الأسرة الحاكمة القطرية، وبعد بروز أهمية الغاز القطري ضمن منظومة القوة الغازية الدولية المرشحة لموازاة القوة النفطية التي تتزعمها السعودية، وبشكل مواز لإقامة قاعدة السيلية التي سحبت البساط من تحت القواعد السعودية، حيث لعبت في حرب 2003 الدور الذي لعبته قاعدة حفر الباطن في 1991. وبعدها تتاللت الفضائيات الخليجية الاخرى .

تعدد يلتقي مع الأهداف الأميركية العولمية، خاصة المجمع الصناعي العسكري. وأولها بيع التكنولوجيا الإعلامية، ثم نشر ثقافة السوق والاستهلاك، تسويق المخططات الأميركية، ومنها خلق الاجواء المناسبة لصفقات الاسلحة، لتفعيل صراع الحضارات، ومشروع السلام العربي الاسرائيلي. وتفعيل الخلافات العربية/العربية، والخليجية/الخليجية، ومن ثم الطائفية والمذهبية. إضافة إلى تركيز مخطط إعطاء الأهمية للدول الصغرى (الميكرو دولة) على حساب الدول الكبرى (ماكرو دولة) في العالم العربي، وأخيرا لا آخرا التغطية على قواعد أميركية عسكرية.

في سبيل ذلك لا بأس من السماح بسقف ما من الحريات والتجروء يُترك على غاربه ولكن بطول حبل القيد المرسوم له.

غير أن هذه المحطات الخليجية التي تبدو مشابهة لشقيقاتها السعودية، قد اختلفت عنها في أمرين: الأول أنها أطلقت بثها من أرضها. والثاني وهو مرتبط بالاول، أنها حملت اسم مقرها. باستثناء الجزيرة التي منحت نفسها إسما جغرافيا شاملا مع الحرص على تكرار: “محطة الجزيرة في قطر”، فيما يشكل دلالة سياسية بالغة الاهمية. ربما شكلت سببا أساسيا إلى جانب السبب الاقتصادي، في إعادة توطين الفضائيات السعودية في العالم العربي خاصة في المدينة الحرة في دبي وفي مصر.

ولكن بالرغم من هذه التعددية، فقد ظلت الجزيرة، حتى عام 2003 (تاريخ إنشاء العربية) ظاهرة فريدة في اقتصارها على البرامج الاخبارية والحوارية السياسية، وقد تمكنت من إثبات نفسها موازيا عربيا للسي ان ان الأميركية، وذلك بفضل عدة عناصر :

  1. المهنية العالية العائدة بالبدء لاستقدام فريق عمل كامل من البي بي سي.
  2. الطاقم الواسع من المراسلين المنتشرين في كل انحاء العالم، وخاصة في كل المواقع الساخنة.
  3. سقف الحرية العالي، وبشكل غير مسبوق.
  4. التنوع السياسي الكبير للإعلاميين الرئيسيين فيها (بما يمثل مختلف التيارات الموجودة في العالم العربي)
  5. الجهود البحثية القديرة القائمة وراء البرامج.

 

غير أن الطابع العام لبرامج المحطة يؤكد السمات التالية، من إيجابي وسلبي:

  1. ففي الإيجابي، نجد ان فتح الساحات الحوارية بشكل لم يسبق له مثيل هو تدريب على التعددية وحرية التعبير.
  2. كما نجد أن تفعيل عمل المراسلين كما أسلفنا قد خلخل مبدأ التدفق الواحد للمعلومة وللرسالة الإعلامية.
  • كذلك نجد أن فتح ملفات كانت تبدو محرمات سياسية فيما مضى، والكشف الوثائقي عن قضايا وأمور كثيرة، بشكل علمي إلى حد كبير، يفتح بدوره المجال لتكوّن المعارف لدى المتلقي، مما لا يلبث ان يتحول مع الوقت الى سلطة مضادة[47]، كما يساهم في تكوين الفضاء العام، ومن ثم الرأي العام.

 

غير أن هذه الإيجابيات تظل مشوبة بعدد من السلبيات :

  • تفعيل وتأجيج صراع الاديان، ومن ثم صراع الحضارات، مما يصب في مسربين: مسرب خدمة الحاجة الأميركية الى عدو، وإلى الصراع بين الحضارات. ومسرب زرع بذور الشقاق بين الطوائف والمذاهب والأعراق التي تؤسس لكل الصراعات التي تحقق نظرية التدمير الذاتي، والمبررة لوجود المشروع الصهيوني القائم على العنصرية الدينية.
  1. توجه عام لتحطيم الفكر القومي، فكرا وتيارا وتجربة سابقة، وبالتالي تحطيم الهوية القومية لصالح عولمتين: غربية وإسلامية.[48]
  2. تسريب التطبيع مع اسرائيل، تحت غطاء الرأي و الرأي الآخر.
  3. الاقتصار على صورة محدودة للمرأة العربية، لم تسمح حتى ببرنامج ك: “للنساء فقط”.
  4. الافتقار إلى برنامج فكري يؤسس للصراع السياسي، ويضيء الطريق أمام فرص الاختيار غير الاعتباطي والسطحي.

 

 

 

.iv الفصل الرابع

الدائرة الرابعة : التداخل الإقليمي المحلي: المحطات اللبنانية نموذجاً ( السعودية – اسرائيل- ايران )

تاريخ من التعقيدات

أ- الحرب الأهلية:

انطلاقاً من عام 1985، تاريخ إنشاء LBC على يد القوات اللبنانية، تتالت المحطات التلفزيونية.

ولم تحصل المحطة الأولى التي أنشأت كأمر واقع على إذن قانوني من مجلس الوزراء إلا بعد اثنتي عشر سنة من إنشائها (1985-1996).[49] اثنتا عشر سنة كانت المعسكرات تتشظى خلالها وتغرق في صراعات أخوية مما ترجم نفسه بعدد متشظ من الإذاعات والتلفزيونات؛ أكثر من أربعين محطة تلفزيونية خاصة تنطق كل منها باسم مليشيا، حزب. اثنتا عشر سنة شهدت أحداثاً خطيرة؛ أبرزها الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، قيام المقاومة اللبنانية، والحضور السوري الذي أقرته الجامعة العربية ثم ارتباطه بإيران، ونشوء حزب الله. مما رسم تقاطعات بين خطي نفوذ إقليمي بامتدادات محلية: الخط الإسرائيلي- القوات اللبنانية ، وخط إيران- سوريا- حزب الله، وذاك ما ترجم تلفزيونياً بمحطتي LBC والمنار (وبينهما محطات أخرى تمثل التيارات الأخرى الأقل أهمية). وكما في المشهد السياسي حيث تضاءل نفوذ القوى القومية واليسارية لصالح القوى الطائفية على اختلافها، كذلك في المشهد الإعلامي غابت أصوات هذه القوى عن الشاشات الصغيرة.

ب- النفوذ السعودي: الطائف- المستقبل.

بعدها انضم إلى المعادلة امتداد ثالث، حيث كان من الطبيعي ألا توفر العربية السعودية، راعية اتفاق الطائف، الإعلام اللبناني من نفوذ إمبراطوريتها. فبعد أن اشترت حصتها من الصحافة المكتوبة دخلت ساحة التلفزيون بإنشاء رفيق الحريري لتلفزيون المستقبل وفي نوفمبر 2001 تم الإندماج بينها وبين الـMBC وأطلقت بذلك قنوات جديدة مشفّرة. ومن ثم بشراء الوليد بن طلال عام 2002 49% من أسهم LBC. فيما يترجم من جهة، التنافس بين الوليد بن طلال ورفيق الحريري (عبد العزيز بن فهد) ومن جهة اخرى التقارب بين خط القوات اللبنانية وبين الخط السعودي ومن جهة ثالثة ترجمة لتحضيرات الحرب على العراق. التي ترجمت ايضا في 13 اذار 2004 بتوقيع “صحيفة الحياة السعودية، التي تصدر من لندن اتفاقاً مع محطة الـLBC اللبنانية، وذلك لبث ثمانِ ساعات إخبارية يومياً موجهة لمجمل العالم العربي.”[50]

  1. وهكذا ترجم الاصطفاف الاعلامي اللبناني الاصطفاف الاقليمي والدولي، بين جبهة لبنانية – سعودية ، وجبهة لبنانية – سورية –ايرانية.

من هنا موقع التطورات اللبنانية في السياق العربي ليس فقط بين خط ما يسمى بالاعتدال وخط الممانعة بل داخل خط المقاومة بين العلمانيين و الإسلاميين. وهكذا عرف تلفزيون المنار نفسه : “”كمحطة تلفزيونية لبنانية تعمل على الحفاظ على القيم الإسلامية لتطوير الدور الحضاري للجماعة العربية والإسلامية”[51].. رغم انه استطاع أن ينتقل من كونه صوت إحدى شظايا الحرب إلى أن يصبح صوت المقاومة ومن ثم إلى أن يكتسب الشرعية القانونية “كإحدى أفضل الوسائل في الصراع مع اسرائيل”[52].

 v. الفصل الخامس تقاطعات وتناقضات الهيمنة عبر التجليات الإعلامية

السيادة :

لم يعد من مصلحة الكثير من حكومات النظام الإقليمي الجديد إبراز فكرة السيادة الوطنية. حيث بات هذا المفهوم يتناقض مع كثير من حقائق الأمر الواقع على الأرض. مما يرسخ الحاجة الى الرقابة، خاصة بالنسبة للعربية السعودية. واذا كان الحل قد تمثل كما اسلفنا في الخصخصة في الخارج، فإن هذا الحل لا يكتمل الا بمضمون البرامج السياسية والتربوية التي تتجاهل مفهوم السيادة الوطنية بكل تجلياته.

  1. الصورة الجمعية

القومية، الاستهلاكية، والإسلامية:

الطبيعة لا تحتمل الفراغ لذا لا بد أن يؤدي تدمير الصورة الجمعية القومية إلى أن تحل محلها صورة أخرى. الهوية الدينية العابرة للأمم، أو هوية المستهلك بدلاً من المواطن. هذا ما تطرحه ثقافة السوق حيث تحل “صورة الانتماءات والتحديدات على شكل جماعات متخيلة من المواطنين ومن المستهلكين” محل صورة الجماعة الوطنية. كما أنها تتحدد أيضاً بفعل “تسهيل المبادلات بين أشخاص يشتركون، على المستوى الشخصي، سواء في استهلاك المادة الإعلامية أو في تحصيل قدرات التفسير التي توحد الناس كجماعة”.[53]

غير أن تصنيفاً ثانياً يطرح نفسه أيضاً بين ثلاث فئات من المتلقين: غني يمكن أن يشتري ما يريد وينسلخ عن أي التزام تحت تأثير الإغراء الترفي، ابن الطبقة المتوسطة الذي يجد نفسه مجبراً على أن يركض ليل نهار ليلبي حاجة هذا الخيط الاستهلاكي. وأخيراً فقير (وهذا هو وضع الأغلبية الساحقة من شعوب العالم العربي) [54] يتعمق لديه الكبت فيلجأ إما إلى الاغتراب السلبي وإما إلى الأصولية والتطرف بأشكالها الدينية وغير الدينية.

وكما ان الحس القومي يشكل عائقاًَ لكل مشروع هيمنة خارجية، فانه يعيق هيمنة السعودية، إذ أن لكل من المنافسين الأشقاء (مصر، سوريا، العراق) ميزات تتفوق بها على العربية السعودية، في حين أن التفوق السعودي يرتكز إلى النفط والدين. من هنا فإن للسعودية إذن مصلحة في أن تكتسي الصورة الجمعية ملامح “الإسلام السعودي” بالتحديد. وفي الوقت ذاته فإن هذه الصورة المتشددة دينيا التي تشكل مصدر المشروعية للأسرة المالكة تلبي أيضاً حاجة القوة العظمى إلى عدو، عدو تجسده الآن في الإسلام . دون أن ننسى أن سياقات الحرب على الارهاب قد أفرزت ضرورات اخرى.

 

  1. 3. روح المقاومة:

إن جميع المقاومات العربية للاحتلالات تشكل في أحد وجوهها مقاومة للعولمة ولسياسة السوق، وبالتالي فإن هذه التيارات لم تكف يوماً عن إظهار عدائها للأميركيين، للإسرائيليين وللأنظمة العربية، والتعبير عن هذا الموقف عبر وسائل الإعلام. لذلك فإن ثمة رهانا على ساحات الإعلام: إما ان يبرز خطاب هذا التوجه واما ان يخنق واما أن تترك هذه الأصوات تعبر عن نفسها من حين لاخر ولكن صوتها يختفي في ضجيج وتمييع الصفحات والشاشات.

 

  1. 4. البرامج : خليط غير متجانس، التسلية كسياسة.

“زواج بين مادونا وبن لادن” على حد تعبير الصحفي الأردني رامي خوري. زواج قسري يترجم نفسه مثلاً في أمسية على MBC تتضمن برنامجاً دينياً وبعده برنامج تسلية من الأكثر تجرؤاً إن لم نقل إباحة، ومن ثم برامج الربح والمضاربات أو برامج المرأة التي تعمق التتفيه. وهي المحطة التي كانت تتمتع بالدعم المباشر للملك فهد كونها ملك لولده عبدالعزيز. وإذا كانت محطة ART تبدو محافظة بالنسبة لشقيقتيها المنافستين حيث تدعي أنها “تلتزم بالحفاظ على مصداقية القيم التقليدية والثقافة العربية”[55] وتجسد هذا الإلتزام بشكل خاص على قناة (إقرأ) إحدى محطات الـART كما على مجمل قنواتها. فإن صالح كامل الذي كان مالكها الاساسي كان في الوقت نفسه واحد من اكبر المساهمين في محطة LBC اللبنانية[56] التي تعتبر الأولى في مجال برامج التسلية المعروفة بأنها الأكثر ليبرالية، وأحيانا الأكثر سطحية وصدما للرأي العالم .

  1. الانتاج الدرامي:

غير ان بروز الانتاج العربي في مجال المسلسلات يعود فضله الى الفضائيات، بكل الميزات الجديدة التي حملتها: من اتساع السوق الى الاستثمارات الكبرى، لياتي هذا الانتاج نفسه معبرا عن اكثر من خط تلتقي بمجملها في سياقين :

خط يكرس مظاهر التخلف والردة والتتفيه ، وخط يكرس الثقافة التراثية الحضارية او الاجتماعية الهادفة او ثقافة المقاومة بكل اشكالها من المقاومة السياسية الى مقاومة قيم السوق ، وهكذا تبلورت عدة ظواهر:

  • المسلسلات الضخمة، والدراما الوثائقية المستوحاة من التاريخ القديم والمعاصر.

أما تفسير التزام عدد من رموز الطبقة السياسية بتمويل إنتاج هذه الأعمال الضخمة (البند الأول) فيجد تفسيره في جانبين: جانب اقتصادي، وجانب سياسي سيكولوجي:

اقتصادياً: هذا الاستثمار هو استثمار مربح، فبـ350 ألف ساعة بث سنوياً،[57] وبالمنافسة التي يقوم عليها السوق يمكن بيع مسلسل جيد عدة مرات مما يحقق أرباحاً كبرى. كما أن منطق التكامل بين المستثمرين في الإنتاج والمستثمرين في المحطات يلعب دوراً محرضاً.

أما سياسياً فإن هذا النوع من الإنتاج هو، في آن معاً، مرة تناغم مع الخط السياسي للدولة كما في وضع شركات الإنتاج السورية. أو مرة أخرى نوع من محاولة التطهر ((catharsis التعويض والتعبير عن عقلية موزعة بين مصالحها الخاصة وأزماتها الضميرية القومية كما هو الحال في أبو ظبي وهي من ناحية ثالثة طريقة لإرضاء الرأي العام أو للالتفاف عليه.

  • المسلسات التي تعالج القضايا المعاصرة والتي تدور أحيانا حول تثبيت سلم قيم ايجابية، او حفظ الذاكرة الشعبية أو تصدم المراقب أحيانا بفكرها الرجعي أو بتفاهة مفهوم الحداثة الذي تطرحه.
  • تبقى المسلسلات المدبلجة او المستوحاة من الفورمات الأجنبية و التي تصب في نفس السياق العولمي.

 

  1. المحرمات (التابوهات) :

أية محرمات ؟ الدين ؟ الديمقراطية ؟ الفقر ؟ البطالة ؟ الأمية ؟ التربية ؟ الاحتلالات؟ الجنس؟ أو غيرها؟

يمكن تصنيف المحرمات إلى ثلاث فئات: دينية، سياسية واجتماعية. لا شك أن الدين يشكل المحرم الاول. التابوه الثاني يتعلق بالسياسة بدءاً من السياسة الداخلية: لقد ظل مرض رأس الدولة (ملكا او رئيسا) مثلاً موضوعاً محظوراً حتى وفاته، ومثله الحديث عن الأجهزة السرية التي تحكم العالم العربي. كثير من المواضيع الممنوعة على الصعيد الداخلي إلى جانب حظر انتقاد حكومات الدول الصديقة أو حتى التيارات السياسية الصديقة في الدول العربية الأخرى. وطبعاً يحتل وجود القواعد الأميركية في المنطقة موقعاًَ في رأس هذه المحظورات[58]

علماً بأن هذه المحظورات لا تقتصر على نشرات الأخبار والبرامج السياسية وذاك ما يعترف به رئيس مجلس إدارة Orbit ألكسندر زيلو حين يقول بأن النقاط الحساسة “التي يتوجب حمايتها” هي محددة بدقة، وأنه يسهر على ألا تكون برامج التسلية “تهجمية من الناحية السياسية”.[59] مما يفسر تساؤل جون ميلر: “إنها برامج حيوية ولكن إلى أي حد هي واقعية إزاء المشاكل الحقيقية ؟”

إذن فالمطلوب تسلية الجمهور وإلهائه لصرفه عن المشاكل الحقيقية، ولجعله “يتصالح مع الأمر الواقع، لتقنين الإنفعالات عبر تصريف التوتر كل مساء”. [60]

دون أن يمنع كل هذا باحثاً إعلامياً غربياً من أن يمتدح شجاعة مذيعة طرحت على قناة “إقرأ” عام 1998 مواضيع من مثل: الطلاق، الشذوذ الجنسي، العلاقات الجنسية قبل الزواج، العجز الجنسي.[61] علماً بأن هذا البرنامج ومثله من البرامج هي مجرد محاولات للإيهام بتجاوز التابوهات غير أنه تجاوز يبقى في السطحيات، ربما في الشكل دون أن يتجرأ على الغوص إلى عمق المشاكل الكبرى الحقيقية وكأن ثمة تواطؤ بين هؤلاء الإعلاميين والدوائر الغربية ودوائر السلطات الإعلامية العربية. تواطؤ يصفه عبدالله شليفر بالقول أن تأثير مظاهر العري، والإثارة الجنسية وتقديم مجرمين وكانهم أبطال رومانسيون يصدم الأعراف الثقافية للمتلقي العربي.

  1. 7. التابوه الوحيد المسموح بكسره:

التابوه الحقيقي الوحيد الذي سمح بكسره هو ذاك المتعلق بإسرائيل: يشير جون ألتيرمان في بحث بعنوان “أقلمة الأخبار” إلى موضوع حضور الشخصيات الإسرائيلية على الشاشات العربية، بقوله: “في عام 1996 ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على Orbit بعدها بثت MBC، Orbit والجزيرة عدداً من الأفلام الوثائقية التي تضمنت مقابلات مع شخصيات إسرائيلية” مما خلق واقعاً إعلامياً جديداً “لم تعد فيه إسرائيل مرفوضة من وسائل الإعلام العربية أو غائبة عنها، بل أصبحت حاضرة كفاعل إقليمي مهم”.[62]

8- الرهانات الممكنة

غير أن كل هذه الملاحظات لا تنفي كون انفتاح النقاش بشكل غير مسبوق في وسائل الإعلام العربية، يعزز الحراك السياسي ويساهم في خلق فضاء عام.

من هنا فإن الاعلام عامة والفضائي خاصة، إذ يقدم المعارف، ولا خيار له في ذلك، فإنه يساهم في خلق سلطة مضادة لا بد لها وأن تبلور على المدى البعيد تغييراً ما. ولن يكون هذا التغيير شرق أوسط شيمون بيريز، ولا الشرق الأوسط الكبير لكولن باول وكونداليزا رايس، لكن الخطر أيضاً ألا يكون ايضا صيغة تصب في صالح المشروع النهضوي العربي.

 

vi. الفصل السادس

نحو نظام ما بعد النظام الجديد .

 نصل إلى السؤال : أي نظام إعلامي عربي جديد يمكن ان نتطلع اليه؟

وبالإحالة الى بداية البحث، نسأل عما اذا كان هناك ثمة تغيير على الأرض يمكن ان يشكل مفصلا مشابها لانهيار جدار برلين، واحتلال العراق، اللذين أرسيا النظام الجديد الحالي، ونجد أن تطورات رئيسية ثلاث يمكن أن تؤدي الى تغيرالمشهد الدولي وبالتالي المحلي:

– المأزق الأميركي في العراق.

– انحسار الأحادية الدولية على طريق عودة نظام تعددية الأقطاب.

– إرتداد الارهاب نحو الدول العربية.

مع ما يمكن أن ينتج عن ذلك على ساحتنا.

التغيير و المقاومة: سياسيا – اجتماعيا – اقتصاديا – مهنيا وتقنيا.

بالتالي على الإعلام ان يلعب هنا دورا مزدوجا على طريق تحقيق مصلحة العرب في البقاء والارتقاء :

– دور في تفعيل التغيير الايجابي الفعلي، الذي يقضي على عوامل التخلف ومظاهره، دون أن يقضي على أسس الهوية و الإيجابي من تراثها وثقافتها .

– دور تفعيل عناصر المقاومة لكل ما هو مدمر من سياسي واقتصادي واجتماعي، مقاومة ترفض الهيمنة وترفض الانغلاق في آن معا، وتفرض التفاعل الندّي، على طريق بناء فضاء عام عربي ورأي عام عربي يسير بالأمة نحو تجاوز التخلف والتبعية، ونحو بناء نهضة حقيقية تخرجنا من الواقع المأساوي الذي نعيش .

وهذا ما يترجم عمليا بعدة بنود تتوزع على الصعيدين النظري والتطبيقي، لتحدد جملة من العلاقات تحدد بدورها أطر نظام إعلامي عربي جديد :

1- العلاقة مع العولمة واقتصاد السوق

2- العلاقة بين الانفتاح الثقافي والخصوصية

3- العلاقة مع الاحتلالات والانتهاكات

4- العلاقة بين الحقوق الوطنية والحقوق الفردية ( حقوق الانسان – حقوق المواطن)

5- العلاقة بين المهنية والتكنوقراطية والالتزام

  بدءا من تحرير الخطاب الاعلامي من نقيضين: التبعية للآخر، والعداء للاخر (بالمعنى الحضاري لا السياسي).

– و كون البند السابق يستتبع حكما ضرورة الانفتاح على الثقافات الأخرى، فإنه يشترط ندّية تفترض صيانة الخصوصية، وبناء مشروع التغيير انطلاقا منها. فحيادية العولمة، كما حيادية الرسالة الإعلامية، كلمة مفرغة ثقافيا.

مما يعني تطبيقيا:

  • تشجيع برامج التعريف بالحضارات الاخرى، بمعنى يتجاوز المستوى السياحي أو الاتنوغرافي.
  • وضع مخطط إعلامي يراعي بالتوازي: تجذير الثقافة الوطنية وتراثها (سواء عبر الدراما أو عبر برامج التسلية والالعاب أو عبر الإعلان)، و تركيز العقلية النقدية والتحديثية، بمنطق إعادة إنتاج المعرفة و أدواتها عبر الإعلام.
  • إحياء النوميك NOMIC)) عربيا من أكاديميين وإعلاميين عرب
    خاصة وأن هذا الصراع لأجل النزاهة والمعرفة في الإعلام هو حركة دولية وليدة ولكنها متنامية: حيث تشكِّل القمة الدولية حول مجتمع المعلومات التي عقدت في جنيف في ديسمبر 2003 أحد الأمثلة على ذلك إذ هدفت، بحسب منظميها، إلى تبني “وثيقتي إطار: إعلان مبادئ وخطة عمل لا بد من تبنيهما ليكون مجتمع الإعلام مجتمعاً ديمقراطياً، يحترم التنوع الثقافي، ويقدِّم منظورات تطوّر عادل”. ولم تنحصر المناقشات التي دارت في هذه القمة على تكنولوجيا المعلومات بل تجاوزت ذلك إلى البحث في مبادئ القانون، الأخلاق، البحث، الإبداع والمضامين.
  • النوميك تعيدنا بدورها الى مشكلة التدفق: خط واحد من الشمال الى الجنوب، ام خطان متبادلان؟ صحيح ان الولايات المتحدة قد نجحت (مع إلغاء النوميك بعد ارساء النظام العالمي الجديد عام 1991) في فرض الخط الواحد، لكن تجارب أخرى وحديثة تثبت لنا أن اختراق التدفق الأحادي ليس مستحيلا عندما تعتمد وسيلة الإعلام العربية على مراسليها أكثر من اعتمادها على المصدرالاجنبي. بدوره يقودنا هذا الاشكال الى طرح القضايا التالية:

 

  • المراسلون: بما أنه لا يجب إخضاع المراسلين من محليين وأجانب الى معايير رقابية جامدة كي لا يستعمل ذلك مدخلا للعودة الى تقييد الحريات الاعلامية في فضاء عربي ما زال معرضا للردة السريعة نحو القمع، فإن البديل الديمقراطي يكمن في إنشاء مرصد إعلامي، أو أكثر من مرصد خاص، يتولى عملية الرصد والتدقيق والملاحقة الاعلامية وحتى القضائية، كأن يصدر مثلا نشرة شهرية أشبه بالنشرات التي تصدرها مراكز حقوق الانسان.
  • وكالات الإعلام الغربية، التي تشكل المصدر الأساسي للإعلام المكتوب، والتي ما هي في الغالب إلا جهاز من اجهزة المخابرات الغربية، وفي أحسن الاحوال حاملة لرسالتها الاعلامية، في واقع إعلام غربي خاضع باغلبيته للوبي اليهودي. وذاك ما لا يمكن مواجهته بوكالات قُطرية محدودة الساحة والقدرة، وإنما بوكالة عربية موحدة تتبع للجامعة العربية وتموَّل من الجميع.
  1. تشجيع الانتاج البرامجي العربي و رفع سقفه الفني بما يضمن منافسته للتوزيع البرامجي المستورد.
  2. تشجيع و تمويل الإنتاج البرامجي و البث التلفزيوني الموجه للغرب بلغتهم و لكن ضمن أجندة إعلامية عربية.
  • تشجيع ابتكار الفورمات التلفزيونية والاذاعية والمعلوماتية المحلية، عن طريق اقامة مهرجان سنوي للفورمات، تنظم فيه مسابقات، وسوق لشرائها من قبل المحطات والمنتجين.
  1. كذلك تتجسد مسألة التدفق و تسويق نمط الحياة في الإعلانات سواء المحلية أو المستوردة.

مما يفرض:

 

  • حماية الاقتصاد و المجتمع:

– ايجاد آلية تضمن التزام وسائل الاعلام، وبالتالي وكالات الاعلان، بمعايير سياسية واجتماعية واقتصادية تمثل الصالح العام: بسقف معين للاعلان الاستهلاكي، سواء من حيث نسبته على سلم البرامج، ام من حيث توزيعه بين المرئي والمكتوب (المكتوب فقد35 بالمئة من حصصه)، أم من حيث طروحاته القيمية ومراعاتها للوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمتلقين.

– ترويج أنماط الإنتاج المحلية و الصغيرة والمنتوجات المحلية. وهو دور اقتصادي اجتماعي لا بد أن يفرض على الإعلام الاضطلاع به، وذلك عبر اعطائه مساحات مدروسة، ليس فقط اعلانيا وانما داخل البرامج نفسها، من مثل ادراج التسويق السياحي او الانتاج الزراعي، الخ …

 

  • حماية الدولة والحريات : الدولة هي الهيكل الدستوري السياسي الدائم للامة، وهي بذلك مفهوم يختلف تماما عن مفهوم الحكومة او النظام الحاكم الآنيّين. وقلما وجدنا خطابا يخلط بين الاثنين كما هو حاصل في الخطاب العام العربي، مما يجعل ردات الفعل المبررة التي يعيشها المواطن ضد الانظمة الحاكمة ترتد على الدولة بشكل لاواع. ليلتقي في ذلك مع أهداف العولمة الاميركية، وأهداف الهيمنة السياسية الامبراطورية. وما يترتب على كل هذا إعلاميا هو ضرورة إرساء آليات قانونية ونقابية تفرض حماية الدولة ووحدة نسيجها الاجتماعي، وتحرم تحت طائلة القانون اي خطاب عرقي او مذهبي او طائفي، باعتباره مس بالسلام الاجتماعي على غرار القوانين الاوروبية في هذا المجال. مع الانتباه الى صيغة قانونية تحول دون ان يستعمل هذا المبدأ كمدخل لتطويق البعد القومي عبر ادعاء صيانة الدولة القطرية حيث تجدر الملاحظة ان الدول الاوروبية التي تطبق هذا المبدأ قد استكملت بنية الدولة – الامة.

أما الترجمة العملية لهذين البندين السابقين، التي تضمن تطبيقهما كما تضمن عدم استغلالهما للعودة الى تحديد الحريات، فيجب أن تتم عبر:

 

– استصدار تشريعات إعلامية موحدة عربيا ( قدرالامكان) تتوزع على فرعين: تحديد المعايير التي يجب الالتزام بها. وضمان حماية الحريات الصحفية وفق أرقى المعايير الدولية.

– كما يستدعي تطوير القضاء وتأكيد استقلاليته، وجعله المرجعية الوحيدة لتطبيق القوانين المذكورة، شرط أن يحظر حظرا كاملا إحالة الإعلاميين إلى القضاء الجنائي.

————————————————————

المراجع العربية:

– الجابري محمد عابد، محاضرة في معهد العالم العربي في باريس ، في 20 اذار 1997

– الحروب خالد، الفضائيات العربية والعولمة في الشرق الاوسط ،عن موقع الجزيرة نت .

– الخليل حسن، الاقتصاد المصري بعد السلام ، جريدة الحياة 11 يناير 1995.

– الطوخي محمد، النظام العالمي الجديد في مرحلته الحالية ، مركز دراسات يافا ، القاهرة ، 1997

– نتنياهو بنيامين، امن وسلام – استئصال الارهاب ، ترجمة حياة الحويك عطية ، جريدة الدستور 1996

– شفغينمان جان بيير – فكرة معينة عن الجمهورية ، الترجمة العربية ، بعنوان : انا وحرب الخليج ، ترجمة حياة الحويك عطية، دار الكرمل ، عمان 1992-

– فرانك ميرمييه ( ادارة بحث ) العولمة ووسائل الاعلام الجديدة في الفضاء العربي ، ترجمة فريدريك معتوق ، منشورات قدمس، دمشق 2003

– تقرير الامم المتحدة للطفولة ، جريدة الدستور ، 13 ديسمبر 2003

-. جبر كرم ، المساعدات الاميركية لمصر ، مجلة الكفاح العربي ، 29 نوفمبر 1993 .

– حوار مع الكسندر زيلو ، رئيس مجلس ادارة اوربت ، مجلة الجامعة الاميركية في مصر ، تموز 1998

– كوانت وليام ، “مشروع الشرق الاوسط الكبير بين بريق الشعارات وعذابات الواقع ” ، الترجمة العربية ، صحيفة الدستور الاردنية ، 6 اذار 2004

– من ديوان لماذا تركت الحصان وحيدا .، منشورات رياض الريس ، 1995

– هيكل محمد حسنين ، مجلة الوطن العربي ، 15 يناير 1997

– جريدة الدستور الاردنية

المراجع الإجنبية

–   Armand et Michele Mattelart ,Histoire des théories de la communication , la decouverte , Paris, 2004

– Abd Al Majid Saman, en collaboration avec Christian chesnot et Georges Malbrunot, les années Saddam, Fayard, Paris 2003

– Amin Hussein , “Pay TV: World interview”, A paper delivered at the fourt international radio and television festival, Cairo, Egypt, Juillet, 1998

Amin Hussein , “the developpement of Space Net and it’s impact” Media in the Midst of war , ed. Ray Eweinsenborn.

– Balle francis, Medias et sociétés, 11e édition, Montchrestien, Paris, 2003,

– Bled Jean –Paul , La démocratie aux Etats-Unis d’Amérique et en Europe, CNDE-SEDE, 1999

– Boyd Douglas, A saoudi Arabia international medias strategy, influence through multinationalownership, in Hafez Kay(dir), Mass medias politicis and societyin the Middle East, Hampton press Oxford, 1996

Bel Kassem Moustaphaoui, La telévision française au Magreb , Harmatan, Paris,1991

– Chevènement Jean- Pierre, Une certaine idée de la republique m’amène à… , ed Albin Michel , Paris, 1992

– Chomsky Noam, Idéologie et pouvoir, ed.epo,2003

– Corme Georges, le proche orient éclaté, 1956- 1991, Folio, histoire,Gallimard, Paris, 1991

– Cotta Alain, le capitalisne dans tous ses états , Fayard, 1991

– De La Gorce Paul- Marie, le dernier empire, Grasset, Paris 19

– De Sola Pool Ithiel, Role De La Communication Dans Le Processus De Modernisation, Cite Par Mattelart Tristan

 

– Fergusson Niall, Colossus: The Rise and Fall of the American Empire, Penguin Press, 2004

– Garaudi Roger, Les Etats-Unis avant-garde de la décadence, Editions Vent du Large, Paris, 1997

– Huntington Samouil, Who are we?, Simon &Shuster, USA, 2004

– Kennedy Paul, the rise and the fall of the Great Powers, rondom house, 1987

– Lhern Adrien, in , La démocratie aux Etats-Unis d’Amérique et en Europe, dir.          Bled Jean – Paul , CNDE-SEDE,- 1999.

–   Laurence Henri , paix et guerre au moyent orient ,ed.Armand Colin, Paris,1999

-Mattelart Tristan, internationalisation des médias, court donnés à Paris 2 en 2003 — Mattelart Tristan, la mondialisation des medias contre la censure, de boeck, 2000

– Morley David , Robins Kevin, Space of identity. Global media, electronic landscapes, and culture, boundaries, Rutledge, Londre, 1995

– Madani lotfi, l’antenne parabolique en Algerie,entre domination et resistance, Harmatan, Paris, 2003

– Negrine Ralphe et Papatannassoupoulous Stylianos, The internationalization of television, Pinter, Londre,1990

– Ruffin Jean –Christophe, l’empire et les nouveaux barbares , ed. Jean Claude Lattes,1991

–  Rapport de De Wite Pol, conseiller a l’ambassade de Russie aux Etats Unis, au secretaire d’Etat .cité par Roger garaudi , Les Etats-Unis avant-garde de la décadence, Editions Vent du Large, Paris, 1997

– Steinbruner J.D, editor,restruring American foreign, the brooking institution policy, Washington January,1988 .

– Sinclar jhon, Mexico Brazil and latin world, in Jhon Sinclar et al, (EDS)

– Sakr Naomi, Arab satellite channels between state and private ownership; current and future implication, Paperback, 2002

– Sakr Naomi, Arab television today, Paperback, 2007

– SCHILER Herbert, Masse communication and American Empire, Westview press, Boulder, second Edition, 1992, cite par Mattelart Tristan, la mondialisation des medias contre la censure, de boeck, 2002

-SCHILER Herbert ., culture inca. The corporate takeover public expression, Oxford university press, Oxford 1989, cité par Mattelart Tristan, la mondialisation des medias contre la censure, de boeck, 2002

SCHILER Herbert, Masse communication and American Empire, Westview press, Boulder, second Edition, 1992,   cité par Mattelart Tristan la mondialisation des medias contre la censure, de boeck, 2002

 

– Woofer Wilson, cité par Noam Shomsky dans , l’idéologie et pouvoir , ed .EPO, 2004

 

internet cites

 

– Allais Maurice, L’occident au bord du désastre, interview in Liberationi italienne, aout 1993

– Ayish Mohamed, “The impact of Arab Sattelite television on culture and value systems in the Arab countries: perspectives and issues”,TBS journal ,n12,printemps-ete, 2004, http:/www.tbsjournal,com/barbari.htm

– Alterman John, The effect of the satellite television on Arabic domestic politique , TBS journal, n 9, automne – hiver 2002,http//tbsjournal.com/Alterman/html

– Boyd Douglas the arab World, TBS journal n 1, automne, http//tbsjournal.com

– Moustafaoui belkassem , la récéption , la télévision des autres , www.ebssib.fr

– Alterman John ,the Arab Broadcasting, Changing in the Arab World ,http//www.tbsjournal/archives

– Schleifer Abdallah, Media explosion in the arab world ; the pan-arb satellite broadcasting,– http//;www.tbsjournal.com / archives

– http//Orbit Net/corporate/advertise

– http// www:aljazeera.net/books/2002/12/1[1]

– http//almanar.com

http/Orbit.net/corporate.profile

 

presse écrites étrangères:

– international herald tribune, Pérès Shimon, 1er triméstre1992,

– Affaires internationales, Les consequences de la guerre du Golfe et de la baisse de prix de pétrole , , – n 253, 7 novembre1994

. middle East journal,Ghareb Edmond, new Media and the information revolution in the arab world,and assessment , vol, 45, no3, 2000

– Le monde diplomatique, mars 1991

– le monde,20 octobre 2000- Fralon Jose- Alain. “les defies de la télévision du Hezbollah libanais” .

– L’expresse,la guerre des télévisions arabes, 13 mars 2003

– Jordan Times news paper.

[1] المصدر نفسه

[2] المصدر نفسه صفحة 19

[3] Balle francis, Medias et societes, 11e edition, Montchrestien, Paris, 2003, p.659

[4] SCHILER Herbert I., culture inca. The corporate takeover public expression, Oxford university press, Oxford 1989, p.9 et 128, cite par Mattelart Tristan, la mondialisation des medias contre la censure, de boeck, 2002, p.56

[5] SCHILER Herbert, I., Masse communication and American Empire, Westview press, Boulder, second Edition, 1992, p. 12-13, cite par Mattelart Tristan, Ibid, p. 58

[6] المصدر نفسه

[7] SCHILER Herbert, I., Masse communication and American Empire, Westview press, Boulder, second Edition, 1992, p. 12-13, cité par Mattelart Tristan, Ibid, p. 58

[8] Ruffin Jean –Christophe, l,empire et les nouveaux barbares , ed. Jean Claude Lattes,1991,p.17 –

[9]– Chevenement Jean- Pierre, Une certaine idée de la republique m,amene a… , ed Albin Michel , Paris, 1992

الترجمة العربية ، بعنوان : انا وحرب الخليج ، ترجمة حياة الحويك عطية ، دار الكرمل ، عمان 1992

[10] – Ruffin Jean Christophe, op Cit, p.210

[11] – المصدر نفسه ص . 14

[12] – المصدر نفسه ، ص. 14

[13] Chevenement Jean- Pierre, op cit,

الترجمة العربية : مصدر سا بق

[14] – المصدر نفسه

[15] – Samouil Huntington, Who are we?, Simon &Shuster, USA,2004

[16] – صموئيل هنتنغتون، من نحن؟ تحديات الهوية الاميركية ،

[17] – Negrine Ralphe et Papatannassoupoulous Stylianos, The internationalization of television, Pinter, Londre,1990,P.9

[18] Morley David , Robins Kevin, Space of identity. Global media, electronic landscapes, and culture

boundaries, Rutledge,Londre,1995,p.11

[19] – Matttelart Tristan,op cit, p.55

 

[20] – De La Gorce Paul- Marie, op.cit, p.130

[21] – راجع هنتنغتون ، من نحن ؟ تحديات الهوية الاميركية ، مصدر سابق .

[22] – هيكل محمد حسنين ، مجلة الوطن العربي ، 15 يناير 1997

[23] – الطوخي محمد ، مصدر سابق

[24]  Le monde diplomatique, mars 1991-

[25] – في يناير 1968 اعلنت بريطانيا نيتها في الانسحاب من الخليج عام 1971 ن وعلى الفور اعلنت ايران مطالبتها بالبحرين

-[26] Laurence Henry, op cit , p . 264

[27] – المصدر نفسه

[28] Schleifer Abdallah, op cit –

[29] Laurence Henry, op cit , p. 263 –

[30] Corm Georges, op cit, p. 263 –

[31] – المصدر السابق

[32] Laurence Henry, op cit, p.393 –

[33] – المصدر نفسه

[34] Corm Georges, op cit, p. 360 –

[35] المصدر السابق

[36] – Corm Georges, op cit, p. 356

[37] Laurence Henry, op cit , p. 405-

[38] – المصدر السابق ،ص . 445

[39] – المصدر السابق ، ص . 355

[40] – Amin Hussein , “Pay TV: World interview”, A paper delivered at the fourt international radio and television festival, Cairo, Egypt, Juillet, 1998

[41] Schleifer Abdallah,op cit –

[42] – المصدر السابق ( من حوار لعبدالله شليفر مع ايان ريتشي )

[43] -, op. cit Schleifer Abdallah

[44]    Alterman John, op. cit

[45] Schleifer Abdallah , op. cit

[46] – المصدر السابق

[47] – راجع : فوكو ، نظام الخطاب ، المعرفة والسلطة .

[48] – يتبدى ذلك في تصميم نشر الاخبار في الفترة الاخيرة ، حيث ترتب الاخبار اسلاميا واميركيا لا قوميا .

[49] – مسلم انيس ، المصدر السابق .

[50] L’expresse,la guerre des televisions arabes, no de 13 mars 2003

[51] – موقع المنار على الانترنت : www.alamanar.org

[52] Fralon Jose- Alain. “les defies de la television du Hezbollah libanais « . le monde,20 octobre 2000-

[53] Mattelart Tristan , op cit

[54] – اضافة الى الاحصائيات التي اوردت سابقا ، عن بحث محمد الطوخي ، يبلغ مستوى البطالة بشكل عام في العالم العربي 35% ، كما يعيش 30% من سكان بعض الدول تحت خط الفقر

[55] – http//www.at-v.net/corporate/aspt

[56] – قبل ان يشتري الوليد بن طلال حصته

[57] – هذا الرقم يعود الى عام 2004 ولا بد انه قد تضاعف ثلاث مرات الان في عام 2007

[58] – في عام 2000 اعلنت محطة ابو ظبي عن حلقة حول هذا الموضوع ووجهت الدعوة للمشاركين ، ثم لم تلبث ان الغتها في اللحظة الاخيرة .

[59] – حوار مع الكسندر زيلو ، رئيس مجلس ادارة اوربت ، تموز 1998

TBS journal n 1, automne, http//tbsjournal.com

Khoury rami , Jorda Times news paper – [60]

Changing in the Arab World ,http//www.tbsjournal/archives – [61] Alterman John ,the Arab Broadcasting,

[62] Alterman John, op.cit –