” سيظل هؤلاء يقاتلوننا كما يقاتل أي سكان اصليين المحتل حتى نتمكن من القضاء على اية بارقة امل في نفوسهم ”
– جابوتنسكي: من مانيفستو، جدار الفو لاذ-
لماذا فرنسا؟ وما الذي يريده الفرار الفرنسي الاميركي من لبنان ومن المنطقة؟
هل جاء لانقاذ لبنان ام لانقاذ اسرائيل والولايات المتحدة ومشروع الهيمنة الاميركية على المنطقة؟
في العراق حاربت الولايات المتحدة عنها وعن الدولة العبرية لان تدمير اكبر قوة عربية كان يعني بالنسبة للاخيرة نهاية الخطر العربي عليها، بل ونهاية أي حلم توازن معها. وفي لبنان قاتلت اسرائيل عن نفسها وعن الولايات المتحدة لان غرق الاخيرة في المستنقع العراقي كان يحتاج الى تطويع الوضع اللبناني لازالة خطر حزب الله مما يعني صبغ الوضع اللبناني كله بصبغة اياد علاوي و جلال طالباني، وتشديد الحصار على سوريا بحيث يكتمل خنق المقاومة العراقية القائمة والمحتملة، فبخنق سوريا يكتمل الحصار الحدودي على المقاومة الحالية، وبقطع الذراع الايرانية في المنطقة العربية يزول خطر التهديد بتحريك الجزء الذي ما يزال ساكنا من شيعة العراق.
لكن حزب الله افشل جميع الرهانات هذه، يساعده في ذلك التفاف اللبنانيين حول المقاومة اما صدقا واما نفاقا… المهم انه التفاف الغى خطر الحرب الاهلية للمرة الثانية ( على المدى المنظور على الاقل، حيث ان تحذير العماد عون من عودة الميليشيات الى تسليح عناصرها، ورد امين الجميل عليه في اليوم التالي، يؤكدان على ان هذا الخطر ما يزال قائما خاصة في حالتين: ضعف الجبهة اللبنانية الاخرى، او التحجج بان التحرك القواتي الكتائبي انما هو دعم للشرعية المحلية والدولية اذا ما حلت قوات دولية محل اسرائيل في الجنوب، وكلفت بنزع سلاح المقاومة بالقوة ). واذا كان الرئيس السنيورة وقوى 14 اذار يلعبان احيانا من تحت الطاولة لعبة فرنسا – اميركا هذه، فان ذلك يدلل على اهمية بقاء الرئيس لحود على راس السلطة، واهمية التحالف بين العماد عون والحزب، لكأنما شرف العسكريين ( وكلاهما، العمادان، قائد جيش سابق ) يبقى اكبر من الصغائر التي تبلغ احيانا حد الخيانات.
الان ياتي القرار لينقذ اسرائيل المتورطة،و التي اصبح وضعها الان اشبه بالوضع الاميركي في العراق: عاجزة عن الاستمرار، عاجزة عن التوقف. في الوقت الذي تكسر فيه هيبتها كل يوم بضربة جديدة دون ان ينفعها استشراس قصفها الجوي الا في زيادة الخطوط الاجرامية على ملامح صورتها في العالم. كذلك ياتي القرار لينقذ مشروع الشرق الاوسط الاميركي الذي لا يمكن له ان يمر في حال تمكن حزب صغير من الصمود، قرابة شهر في وجه القوة التي لا تقهر، بل وتمريغ انفها بالتراب عبر رموز قوتها التي تبدا بالميركافا، وتمر بلواء جولاني، لتصل الى البارجة التي وصلتنا صورها متفجرة محترقة على الانترنت. صمود المقاومة اللبنانية هذا يعني الهام الجماهير العربية وتحويل مجرى النهر الذي كان قد بدا وكأنه استقرّ في مجرى اليأس والاستسلام ليسير مترنحا باتجاه الخضوع الكامل للامبراطوية ولتهويد المنطقة. تحويله باتجاهات قد تنذر بطوفانات لايغفل عنها دهاقنة المحافظون الجدد ولا الصهاينة. طوفانات قد لا تحصل بشكل فوري ولكن التحولات الستراتيجية والنفسية الآخذة في التشكل لدى المواطن العر بي، وتحرك المكبوت من الاحباط وعدم الثقة بالنفس والياس باتجاه الامل والثقة والامل، قد يبدا بتفجير قوى لا تلبث الذات العامة ان تخزنها حتى اكتمال النضج او لنقل اشهر الحمل. وهي سيرورة تثير الرعب في واشنطن وتل ابيب كما في اكثر اوروبا ( وعلينا الاّ نكثر من الامل في الامبراطوريات القديمة التي لم تفقد الحنين بعد ولا يبعدها عن الاستجابة له الا ّ عدم الا قتدار ) وتثيره كذلك في اغلب قصور الحكم في العالم العربي التي تعرف جيدا مدى الهوة التي تفصلها عن شعوبها، بحيث قد يوازي حلمهم في التخلص منها حلمهم في التخلص من الهيمنة الاميركية.بل ان هذه الشعوب تعرف جيدا ان الطريق الى الثانية يمر بالاولى، شرط ان ياتي التغيير من داخل مقترنا بشكل كامل وغير قابل للانفصام باستمرار العداء لمشروع الهيمنة الغربي الصهيوني.
اذن فمن المنطقي ان يبحث الجميع في وسيلة تقضي على هذا الخطر الذي يشكل حزب الله والمقاومة اللبنانية طليعته: في البداية اوكلت المهمة لفصيل من الداخل اللبناني تعود القيام بمهمات كهذه، وقدم له اغتيال الرئيس الحريري كمنصة اطلاق، لكنه فشل، فجاء دور اسرائيل مضطرة للتدخل، وفشلت، رغم كل الدمار الطالع من سفر يشوع وجنون الجلاد الذي يستعصي عليه عدوه، فكان لا بد وان ياتي دور الدوائر الاميركية، تساعدها الدوائر الاوروبية والاسرائيلية وبعض العربية عن حل ثالث. واذا هو ديبلوماسي في ظاهره، عسكري احتلالي في مضمونه، حيث ان انزال قوات دولية، وتحت الفصل السابع، يعني الحق في استعمال القوة، أي احتلال اميركي للبنان تغطيه بعض المشاركات الدولية، كما في العراق ولا يغير شيئا كونه باسم الامم المتحدة والقوات الدولية. افلا يسمى الاحتلال العراقي حتى الان: ” القوات متعددة الجنسيات؟ ”
مع فارق بسيط هو ان الشراكة البريطانية في العراق تتحول الى شراكة فرنسية في لبنان، وفاءا لارث سايكس بيكو.