هل يعقل ان تكون باريس مملة في العيد ؟؟ هل يعقل الا تحرك جمالات العاصمة العريقة ، المصرة على ارتداء احلى ما عندها بما يليق بالابنة البكر للكنيسة ، الا تحرك في الروح الا احساسا عميقا بالحنين والالم ؟ مبهرة وجميلة صورة الشوارع والمباني ، لكن الخيط المنسل داخل الروح ان هو الا ذلك المنسوج بشيء من الحسرة.
لكأن جبران خليل جبران يتحول الى طائر يحط على الكتف مصفقا بجناح عباراته الشهيرة في “مات اهلي “هل منكم من لا يعرف هذا النص الفريد لصاحب النبي ؟ مات اهلي وانا قيد الحياة اندب اهلي في وحدتي واغترابي” كان جبران قبل قرن وحيدا في صومعته يتألم للموت الذي ينشر وطاويطه في سهول بلاده التي قال عنها يوما: “الموت روح اله تسير مسرعة حتى اذا بلغت سهول سوريا سارت بهدوء وتامل”.
وانا لست اليوم وحيدة في عاصمة النور، الاصدقاء ، الانشطة، الحيوية، التنقل بين العواصم الاوروبية الاخرى …. لكن كل ذلك ضجيج لا يفيد عندما تكون وحيدا من اهلك ، وعندما يكون هؤلاء منتشرين على صحارى الموت او التهديد بالموت … موت من ذلك النوع الذي لا يخفف من حدته ان يكون هنا ماديا وهناك معنويا .
موت لا يتوقف عند الافراد والراهن بل يتعدى الى استئصال الجماعة وللآتي .
غريب ان يحمل لك بابا نويل كل هذه الاحزان ، فمن الذي قال للرجل الاسطورة العجوز اننا بشر لا نحب هدايا كيسه المألوفة لكل الناس؟ الم نكن قبل ايام نشرح لطلاب جامعة جنوى الايطالية اننا لسنا شعب من الارهابيين، واننا لا نموت لاننا لانحب الحياة، بل لاننا نحبها اكثر من الاخرين؟ الم يقودنا ذلك الى استحضار ملحمة جلجامش للاتكاء على واقع ان الثيمة الاساسية التي قام عليها هذا العمل الخالد، الرائد في طفولة الحضارة الانسانية، هو حب الحياة، حيث دارت الملحمة كلها على بحث الاله الانسان البطل عن سر الخلود رفضا للموت وتعلقا بالحياة؟ واذا كان في تفسير يونغ للاسطورة، انها التعبير الابداعي عن اللاوعي الجمعي للشعب، افلا يوصل ذلك الى ادراك درجة عشقنا للحياة ؟ فكيف تكون الظواهر الاستشهادية عندنا ارهابا لا يحترم الحياة الانسانية؟ الطلاب اقتنعوا، وذاك امر سهل، ولكن من الذي يقنع التنين الاميركي الصهيوني الذي يشبك اذرعه المئة بتنين المتعددة الجنسيات ، بان يتركنا وشأننا، بالا يجبرنا على ان نموت ونقتل، بان يدعنا نحيا ايامنا العاديات واعيادنا ككل الناس؟؟