ايام وياتي العيد. ومع اقترابه تقترب امور اخرى ليس فيها شيء من روح الاعياد.. كل عام وانتم بخير اعتدنا ان نقول، لكن ما نحن فيه لا يقول الا كل عام وانتم ونحن بغير هذا الخير!
اجل يريدوننا ان نصدق انه خير، وان نحتفل بالعيد الذي يستبق الاضحى بجعلنا خروف العيد. ثم يضعون امامنا خيارين: اما ان نصدق واما نختنق. لكننا عاجزون عن التصديق، وعاجزون عن الموت رغم الاختناق.
نعرف ان الجلاد يريد ان يسمرنا على طاولة المشرحة، وان يعمل في الجسد المتعب مشارط من كل نوع وقياس.
مشارط تضربني بها، وانا البعيدة هنا، شاشات التفزيون، امواج الاذاعات، اوراق الصحف، وما انضم
اليها حديثا من شاشات الانترنت – لكأن الانترنت ابتكر ايضا ليزيد في تعذيبنا – ولم لا ؟ اولم تبتكره وزارة الدفاع الاميركية ؟ تضربنا بها ايضا وجوه الناس في الشوارع، هؤلاء الذين لا يعرفون شيئا عنك ولا يعبؤون بما سيحصل لاهلك وبلادك. تضربنا بها ايضا حياتهم المليئة بانشغالات ليس ما يوحدها مع انشغالاتنا الا اسعار النفط.
هذا النفط الذي ربما وصلنا الى يوم يوزعونه علينا بقناني الضليل، وربما ايفيان او فيتال.. ولم لا؟ لما لا تعود العراقيات الى طهي الحطب فهو افضل للصحة وللمذاق وربما اقل تسببا للسرطان الذي نشرته قنابل اليورانيوم المنضب؟ خاصة وان قناني النفط المذكورة قد تعيننا على ري عطش سيصيبنا اذ يصبح الماء ايضا عملة نادرة بعد ان تكمل تركيا بناء السدود كي تحجب عنا ماء دجلة والفرات وترسله من تحت البحر الى اسرائيل.
اجل هكذا، تقع البقرة ويكثر السلاخون، ويخور العجل مجنونا او مخنوقا امام منظر المجزرة.
لكأنه لم يكن من باب الصدفة ان تكون البقرة في تراثنا الاسطوري رمزا لعشتار الهة الخصب، ويكون الثور رمزا لبعل
اله الحرب والزرع والمطر، الذي يعيش ابدا في صراع مع اله الموت.
ولم يكن من باب العبث ايضا ان هزيمة
بعل امام موت لم تدم ابدا اكثر من سبع سنوات. حقيقة لا يريد ان يقر بها المحبطون، ونؤمن بها نحن
الذين لسنا اقل منهم الما.
نؤمن بها ونؤمن بحجم الامراض التي ما تزال تزرع سنوات العالم السفلي السوداء، وحجم التضحيات التي
يقتضيها صعود درجاته السبع حتى عالم الاحياء.