ان لم تكن انت يكن ابوك، ان لم يكن ابوك يكن خالك او عمك.
المهم ان الذئب قرر ان يأكلك لا يختلف مقتل الحريري عن اسلحة الدمار الشامل العراقية، ولا يختلف ميليس عن غيره من المفتشين الدوليين الذين توالوا على العراق.
ولا يختلف تقريره عن نص انشائي متلعثم للمتطفلين التافهين على السياسة اللبنانية اولئك الذين يثيرك غباؤهم بقدر ما تثيرك عمالتهم.
وحتى لو وصل ميليس او من سيليه الى التأكيد على عدم تورط سوريا كما حصل عندما اكد المفتش الدولي على عدم وجود اسلحة لدى العراق فان المخطط الاميركي الصهيوني مستمر بشان المنطقة مع فارق بسيط وهو ان الولايات المتحدة عاجزة حاليا عن التدخل العسكري في سوريا ولبنان، بل ان ستراتيجيتها لا تعتمد على ذلك.
ثمة سيناريوهان لاعادة ترتيب المنطقة: الاول يعتمد على الاحتلال العسكري المباشر بالقوة وبالعلن كما حصل في فلسطين وفي العراق، فيما يعتمد الثاني على الاحتلال غير المعلن : احتلال يبتلع بدون شك السياسي والاقتصادي والثقافي لكنه يمتد ايضا الى العسكري نفسه ولكن على شكل قواعد ومعسكرات تدريب وهيمنة امنية كاملة، ولكن بدون حرب وبدون اعلان من هنا فان ما سمي قائمة المطالب الاميركية من سوريا، هو مخطط يبدأ بالاباحة الاقتصادية وينتقل الى الاستلاب السياسي الكامل، الذي منه الاعتراف باسرائيل والتطبيع معها، والاعتراف بحكم الاحتلال في العراق والتطبيع معه – وهذه خطوات قطعت شوطا كبيرا- بل والتحالف الكامل معه لقمع المقاومة العراقية، مما يقتضي ايضا القبول بالتواجد العسكري الاميركي في سوريا ووضع العسكري والامني السوري في خدمته ثمة خريطة عسكرية للقواعد الاميركية في المنطقة وهي خريطة لا تستثني سوريا ولبنان، وتحتاج لاستقرارها الى انهاء المقاومة العراقية لتمكين القوات الاميركية من الانسحاب من المدن والتمركز في القواعد التي اصبحت جاهزة ولتحقيق ذلك كله فان الخطة المثالية هي تضييق الخناق اكثر فاكثر على سوريا حتى تصل الى القبول غير المشروط بكل ذلك. تضييق بدا بالاتهام، وعبر الى الخطا المقصود الذي ارتكب في تسريب التقرير الاصلي قبل ان تحذف منه اسماء المسؤولين السوريين، بحيث تصبح هذه الفقرة المحذوفة هي مادة التهديد “ان لم !….” ومن ثم سينتقل الى فرض مجلس الامن عقوبات على سوريا في سيناريو شبيه تماما بما حصل في العراق، مع فارق ان الظرف السوري كله لا يحتمل ما تحمله العراق طوال عشر سنوات كذلك يعمل على صعيد اخر، وفي الوقت ذاته على تاجيج جميع الاحقاد والصراعات الاتنية والطائفية والفصائلية لتجهز قنابل موقوتة تفجر عند نقطة الصفر المحدد.
والسؤال: امام ذلك كله، هل تخضع دمشق مسبقا وتقدم كل ما هو مطلوب منها؟ كثيرون يعتقدون ان نعم، لكن واقع الامر يقول ان النظام السوري عاجز عن الاستسلام، لانه بذلك يفقد اية مشروعية لوجوده، ويحكم على نفسه بذات التفجير الذي سيواجهه في حال الرفض. اهو اذن حكم بالاعدام مبرم لا مجال لتفاديه ! مقولة تنطبق فقط، في حال لم تتحرك الدول العربية الاخرى لتفادي موت محدق ونهائي لن يرحم احدا.