مسؤول الكي جي بي السايق في المانيا الغربية، الرجل الذي يتقن بالتالي اللغة الالمانية بتمكن، الرئيس الذي يعمل بشكل صامت صلب وحثيث لاعادة روسيا الى مكانتها كقوة دولية عظمى. الزعيم الذي يعرف ان من ميزات بلاده انها تقع همزة وصل بين الشرق والغرب مما يؤهله للوقوف الى جانب الصين في قيادة مجموعة شنغهاي التي استطاعت في مؤتمرها الاخير ان تجمع اهم الدول الاسيوية خاصة جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق وايران، وان تنتهي من مؤتمرها بمطالبة الولايات المتحدة بسحب قواتهامن اسيا. الرجل الذكي الذي يدعو فلاديمير بوتين يدرك ايضا ان قوته ستاتي من توازن قوة بامكانه ان يقيمه على الضفة الاخرى، الاوروبية لبلاده. وهناك حليفه الرئيسي المانيا غيرهارد شرودر.
لكن شرودر مهدد في المانيا بخسارة الانتخابات التشريعية التي ستجري في 18 سبتمبر الحالي، خاصة بعد خسارة الطرف الثالث في التحالف جاك سيراك بالهزيمة الكبيرة في الاستفتاء على الدستور. مما يجعل من الحديث عن محور باريس برلين موسكو، للتوازن مع الولايات المتحدة الاميركية حديثا صعبا، تحول لدى الكثيرين الى حديث عن محور برلين لندن، خاصة في حال فوز المحافظين في المانيا، وربما الى محور باريس روما في حال استطاع ساركوزي ان يتقدم الى الاليزيه في فرنسا. ولا يخفى ان هذين المحورين المقترحين هما في خط الامركة الكاملة، بمعنى التبعية للعم سام لا التحالف الندي معه. وذاك ما يعطل كل احلام روسيا.
ولان عالم اليوم عالم اقتصاد، الاقتصاد الذي كان وما يزال في اساس قيام اوروبا، ولان عصب الاقتصاد الدولي هو الطاقة، ولان مصدرا ساس من قوة الولايات المتحدة ياتي من سيطرتها على مصادر الطاقة خاصة النفطية.
فان الرئيس بوتين قرر ان يمد خشبة النجاة لحليفه الالماني على شكل انبوب غاز تمن به سيبيريا التي طالما منت على روسيا بالكثير من قدرتها.
مشروع روسي الماني بمد خط من الانابيب يبلغ طوله 1200كلم من فيبورغ بالقرب من سانت بيترسبورغ الى غريسفيولد في شمالي المانيا، لتزويد القوة الاقتصادية الاوروبية الاولى ب 27،5 مليار متر مكعب من غاز سيبيريا سنويا. ولتجنب اية مخاطر بيئية او امنية سيمر الخط من تحت بحر البلطيق. لكن هذا سيعني عمليا ايضا استرضاء الناخبين من انصار البيئة وهم قوة لا يستهان بها، كما يعني تجنب خضوع الخط المذكور لاية ضغوط من دول اخرى من مثل بولونيا الخاضعة كليا للنفوذ الاميركي واليهودي.
بوتين قدم موعد زيارته لبرلين لاعلان الاتفاق على المشروع الذي سيصبح عاملا عام 2010، وعلى يد شركتين المانيتين وثالثة روسية. ولياتي ذلك الاعلان بمثابة دعاية انتخابية انقاذية للمستشار شرويدر. اعلان لم ينس ان يذكر ان هذا المشروع سيشمل مستقبلا السويد فنلندا بريطانيا والدول المنخفضة.
اغراء كبير تقدمه موسكو بوتين، فهل سينجح في انقاذ صورة شرودر، ويترجم ذلك في صناديق الاقتراع ؟