اسلحة الدمار الشامل اللبنانية

صحيفة الدستور، 01-09-2005

ليس جديدا ولا مفاجئا ما حصل في لبنان امس. فمنذ حدث اغتيال الحريري والجميع في لبنان يتحدث عن النتائج التي سيؤول اليها التحقيق الدولي قبل ان يتقرر.

لم يحتل لبنان الكويت ، ولم يكن لديه اسلحة عادية ليطور برنامجا لاسلحة الدمار الشامل. لكنه رغم ذلك حرر جنوبه ، وهدد ما هو اغلى من الكويت في ستراتيجية المحافظين الجدد الصهاينة. كان لا بد من صيغة ما لاسلحة دمار شامل من نوع اخر ، تبرر تدخلا دوليا ، يفضي كل تنازل امامه الى تنازل اخر ، حتى يصل الامر في النهاية الى التنازل الاكبر الذي يحقق الخطوة المطلوبة في المشروع الاسرائيلي.

وعندما نقول كل ذلك فالامر لا يعني لبنان بقدر ما يعني سوريا لان اي فصل بين الموضوعين هو بمثابة فصل اللحم عن الظفر.

لننسى التفاصيل ، ولنحدق في الخطوط العريضة كي نرى ان اغتيال الحريري هو بمثابة اجتياح الكويت ، وان لجنة التحقيق الدولية هي بمثابة المفتشين الدوليين ، وان القادة المستهددفين في لبنان هم بمثابة القادة المستهدفين في العراق ، وها هم الان معا في السجن الاميركي لا اللبناني ، وها امرهم بيد الاجنبي لا بيد القضاء المحلي ، بل ان هذاالاخير ينفذ الاوامر الدولية.

والغاية هي هي : استكمال قافلة النظام الاقليمي الجديد الذي نصبته اميركا بعد سقوط جدار برلين ، واستكمال الاستسلام العربي امام المشروع الصهيوني.

ما عدا ذلك كله تفاصيل ، وتنوعات في الاخراج تفرضها طبيعة الخشبة والفضاء المسرحي.

لا بد ان هناك من سيقول : لكن سوريا والنظام اللبناني ارتكبا اخطاءا في لبنان ، وعلى الاخص الاجهزة الامنية. هذا صحيح ، وهذا ما ينطبق ايضا على العراق. لكن موضوعية الاعتراف بخطا طرف لا تعفي من موضوعية ادانة تواطوء وخيانة الثاني ، ولا تحجب الرؤية عن المخطط الدولي الصهيوني.

اما اولئك الذين قرقعوا اذاننا بصراخ السيادة الوطنية المنتهكة بفعل الوجود السوري ، فليزفوا الينا اليوم عروس السيادة الوطنية التي تجعل من وزير العدل ومن مدعي عام لبنان ، وسائر اجهزتهما شيخ غفر لدى سيد العزبة الاجنبي. ولا يقول لنا احد ان اقطاعية السيد مشروعة لانها اتت من الباب العالي الاممي لا من الباب العالي الاميركي ، فليس هناك من يجهل ان كوفي عنان لا يرقى باي شكل الى اهمية بولتون داخل القبة الزجاجية. وليس هناك من نسي الفضائح التي تكشفت عنها حقيقة المفتشين الدوليين في العراق بعد ان حصل الاحتلال ، واصبح كشف الحقيقة وعدمه واحدا.

اما لماذا اشتدت الوتيرة في لبنان ، فان الامر اشبه بلعبة ” السيسو ” التي يركبها الاطفال ، كلما هبطت من جهة ارتفعت من الاخرى في حين انها قضيب حديد واحد. صورة تنطبق على صعيدين : الاول اقليمي والثاني دولي. ففي الاول كلما ازداد الضغط على الاميركيين في العراق زادوا ضغطهم على لبنان وسوريا ، وكلما اردوا تمرير شيء هناك غطوه بنيران ضجة هنا ، وليس من قبيل الصدفة ان تاتي احداث لبنان مع ظهور جريمة الدستور العراقي.

اما في الثاني ، اي الدولي ، فكلما شعرت الولايات المتحدة بانها تتراجع على ساحة من ساحات العالم ، ونحن الان امام تراجعين مهمين في اسيا وفي اميركا الجنوبية ، كلما شعرت بان احكام قبضتها على العنق العربية هو الدرع البشرية النفطية الجيوبوليتيكية التي يمكن ان تحمي بها هيمنتها الامبراطورية… واسرائيل.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون