ثار امريكي ذاسرائيلي من موسكو

صحيفة الدستور، 18-07-2005

لم تكد مجموعة شنغهاي تصدر بيانها الختامي مطالبة القوات الامريكية بالرحيل من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، في ختام اجتماعها الذي حضرته ايران للمرة الاولى بصفة مراقب، تاركة للمحللين السياسيين مجال التكهن بمحور جديد يضم طهران- بكين – موسكو، حتى جاء احد ردود الولايات المتحدة متمثلا في استضافة الكونغرس ليولينيد نيفزلين، رجل الاعمال الروسي الهارب من روسيا الى اسرائيل بعد ادانته بتهم القتل والاحتيال والتزوير عندما كان الرجل الثاني في مجموعة ايكيوس النفطية الروسية.

نيفزلين مطلوب للانتربول، وروسيا قدمت طلبا للولايات المتحدة واسرائيل بتسليمه، لكن القوانين الاسرائيلية تحرم تسليم المواطن الاسرائيلي الى اية دولة ثانية مهما كانت ادانته. وبما ان لليهودي الحق في حمل الجنسية المزدوجة فان بامكانه ان يرتكب اية جريمة ويهرب الى اسرائيل ويحتمي هناك.

مرات كثيرة تكررت احداث من هذا النوع، في بعضها كانت الدولة العبرية تنصاع بعد مساومات طويلة اذا لم يكن المطلوب ذا اهمية ومرات كانت تتمسك بقوانينها العنصرية التي تحمي المجرم اذا كان يهوديا، واذا كان له فائدة سياسية او اقتصادية تستحق المواجهة.

لكن ان يستضيف المجلس التشريعي في الدولة العظمى التي تدعي انها اكبر ديمقراطية في العالم رجلا مطلوبا للعدالة الجزائية، بعد ان ثبتت عليه جرائم منها القتل ومحاولات القتل، فأمر يدلل على ما تعنيه هذه الامبراطورية التي جاءت لتعلمنا الديمقراطية ودولة القانون.

غير ان التدقيق البسيط في الموضوع يجعل الامر منطقيا: افلا تفعل الولايات المتحدة واسرائيل على المقاس العام والدولي، ما فعله نيفزلين على المقاس المحلي او المحدود؟

الم يقل السيناتور كريستوفر بصراحة ان استقبال الرجل انما هو بمثابة رسالة قوية للروس؟ رسالة فندها نيفزلين عندما طالب الولايات المتحدة، من على منبر الكونغرس، بتشديد الحصار على روسيا، بمنعها من الانضمام الى منظمة التجارة العالمية، والى مجموعة الثماني الكبار.

المهم ان هذا الحادث يدلل على معنى التحالف الامريكي الاسرائيلي ضد اية محاولة لزعزعة الهيمنة الامريكية على العالم.

وبما ان موسكو تظل، بالرغم من كل شيء، احد اهم مصادر الخطر على هذه الهيمنة، فانها تظل مستهدفة من قبل المافيات اليهودية فيها، خاصة مع ما لهذه المافيات من مصالح اقتصادية.

فمرة تسعى موسكو الى محور باريس- برلين- موسكو، ومرة الى محور طهران ذ بكين ذ موسكو، وفي كلا الحالين ان هي الا محاور تترجم حلم الاستقلالية الاوروبية او الاسيوية الذي لا تريد له واشنطن التحقق. وتسعى لمنعه بواسطة كل حلفائها وعلى راسهم اسرائيل ولوبياتها في العالم.

اهو قدر الجغرافيا التي جعلت روسيا بين العالمين؟ ام هو درس التجربة التي علمت هذه العاصمة التي كانت دائما عاصمة امبراطورية، سواء باسم القيصر ام باسم لينين، ان تأمين موقع تحت الشمس ان هو الا عمل جماعي تحالفي محوري؟

ربما الاثنين معا، مما يجعل ما قالته كونداليزا رايس قبل سنتين من ان امام روسيا خمسين سنة لتعود الى هيمنتها، وعلى الولايات المتحدة ان تستغل هذه المهلة، يجعله صحيحا الا في نقطة تقدير الزمن الذي قد يسير بأسرع مما توقعته الوزيرة الامريكية.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون