يجبرونه على التفجر، حتى لا يكاد تفجير يأخد مكانه من التأمل حتى يكنسه اخر صاعق. قبل الحريري وبعده، وها هي الامور الان تنتقل من استهداف كانوا يسمون انفسهم معارضة الى من هو مقرب من رئيس الجمهورية.
هل هو فعلا عجز في الاجهزة الامنية اللبنانية، وفي التركيبة السياسية عن تدارك الوضع ؟ ام هي قوة قاهرة كبرى من الصعب جدا تدارك مخططاتها؟
هنا يأتي السؤال: لماذا يؤرخ لبدء العمليات التفجيرية الارهابية في لبنان باغتيال رفيق الحريري؟ ولماذا ذ كان للحريري كربلائية لم تكن لسواه؟ اهو المثل الشعبي المشهور حول موت الغني وموت الفقير؟ ام هو ما ارتبط بقتل الحريري من تنفيذ للمخطط الكبير الذي بدأ بالانسحاب السوري ولم ينته الى المواجهة الكبرى حول سلاح المقاومة بعد؟
مواجهة تشكل اول الرهانات الاساسية في عملية تشكيل الحكومة اللبنانية، حتى ولو كانت هناك رهانات اخرى خاصة ما يدور منها حول الامور الاقتصادية . فعلى سبيل المثال يصر حزب الله على ان تكون حقيبة الخارجية اما في يده واما في يد من هو قريب منه، ذاك لان اهم ما سيكون على اجندة هده الوزارة هو موضوع القرار الدولي الدي نفذ شقه الاول المتعلق بسوريا وجاء الان دور الشق الثاني المتعلق بسلاح المقاومة . كذلك يأتي تنكب حزب الله لوزارة الطاقة مع ما يمكن ان ينسقه مع ايران في هذا السياق فيما ينعكس على الحياة اليومية للمواطن، بمثابة ضمانة لتنمية التكاتف الشعبي مع الحزب. هذا في حين تصر جماعة ميشال عون على الحصول على حقيبة العدل وذلك لان اللجنة الوطنية للخصخصة مؤلفة من ثلاث وزارات : المالية والصناعة والعدل، وبما ان الحريري قد حصل على الحقيبتين الاوليين فان حصوله على الثالثة يعني ان تصبح الخصخصة عملية بيع كامل للبلاد البائع فيها هو المشتري في آن واحد.
هذا في حين يصر رئيس الجمهورية على حصة وزارتين على الاقل وعلى موافقته على الباقية. هذه الموافقة بل هذا التوافق كان من المتوقع ان يحصل اليوم ويتم اعلان الوزارة الجديدة بما يرضي الرئيس، خاصة وان اقفال السوريين للحدود جزئيا في وجه التفاح اللبناني جاء بمثابة عملية ضغط لصالح الرئيس. وبمثابة رسالة لم تزل دمشق توجهها مند نشوء الكيانين وهي انه ليس بامكان احد القفز على الجغرافيا وتجاهلها .
الى هنا وكانت الامور تبدو حتى مساء الامس وكأنها لا تسير مئة بالمئة وفق المخطط الذي يرضي اميركا واسرائيل.
فهل جاءت محاولة اغتيال المر اليوم لتقلب الطاولة وتعيد خلط الاوراق، ام لتبلبل الوضع بحيث تعطي مهلة جديدة للتخريب ؟ واذا كان الكثيرون سيوظفونها للكلام عن عجز الاجهزة الامنية، فان ثمة حقيقتين باتتا الان واضحتين:
الاولى ان هذه الاجهزة، سواء كانت فاشلة ام قديرة هي اعجز من ان تمنع قيام عمليات ارهابية دموية، وهل استطاعت الاجهزة الامنية البريطانية ومن ورائها تعاون اجهزة المجموعة الاوروبية كلها، ان تمنع تفجيرات لندن ؟
خاصة عندما يعرف كل عاقل ان المخطط اكبر من لبنان ومن اجهزته، ومن قواه الداخلية التي لن يكون لها دور – اذا كان لها ذ اكبر من دور الاداة.
والثانية ان الجعجعة التي كانت ترسم اشارة الخطر حول المعارضة على اساس انها هي المستهدفة من قبل سوريا والاجهزة اللبنانية قد تبخرت الان مع استهداف سياسي هو الاقرب الى الرئيس. لتضع الامور في نصابها الذي لا يحتاج عبقرية كبيرة لفهمه أي ان اليد نفسها هي التي تضرب في المعسكرين لتحرض احدهما على الاخر . وهو اسلوب طالما اتبع منذ الفتنة الطائفية الاولى قبل اكثر من قرن ونصف.