باريس – برلين ذ موسكو، حلم قد لا يكون اوروبيا فحسب، لانه قد يشكل الامل في قيام محور قد يتوصل الى نوع من الموازنة مع الولايات المتحدة الاميركية. وبالتالي اعادة المعادلة الدولية نفسها الى عالم تعدد الاقطاب خاصة مع نمو الصين واقتراب اليابان من الحصول على مقعد في مجلس الامن الدولي.
هده الفرضية تتعزز اكثر اذا ما تمكنت المانيا من الحصول بدورها على مقعد مماثل وهذا ما تدافع عنه فرنسا جاك شيراك بقوة ويعارضه الاميركيون بشدة اكبر. لانه اذا ما تحقق فانما يعني ان اوروبا ستحتل ثلاثة مقاعد دائمة : البريطاني والفرنسي والالماني، وبالاضافة الى الروسي تصبح اغلبية احتمالات الفيتو بيد القارة العجوز.
صحيح ان الصوت البريطاني هو الان في الجعبة الاميركية، ولكم ما من احد يمكن ان يضمن المستقبل، فبريطانيا دولة ديمقراطية وقد تحمل انتخابات مقبلة خطا اخر الى السلطة.
لذا فان الجبهتين المفتوحتين حاليا على الصعيد العالمي هما اثنتان : جبهة داخل اوروبا نفسها وجبهة بين اوروبا والعالم الاميركي. فبالنسبة للاولى تنقسم القارة الساعية الى وحدتها الى اوروبيين: واحدة تسعى الى تشكيل قوة موازية للولايات المتحدة الاميركية، موازية دون ان تكون عدوا، بل هي على العكس حليف اطلسي، لكنه حليف يتمتع باستقلاليته الكاملة، ويتعامل مع الحليفة العظمى على اساس المساواة والاحترام. قد يتفق معها وقد يعارضها وقد ينتهج سياسات مناقضة.
وواحدة اخرى لا ترى في علاقتها بالولايات المتحدة الاميرمية الا علاقة تبعية يمليها الانبهار من جهة، وردات الفعل من جهة اخرى، والاحساس بتقزم الذات من جهة اخيرة.كما يمليها عداء مركب للعوالم الاخرى غير الغربية.
المعسكر الاول تقوده الدول الكبرى في اوروبا: المانيا وفرنسا وروسيا، وربما انضمت اليها في المستقبل اسبانيا. في حين تتجمع في المعسكر الثاني وراء بريطانيا، دول اوروبا الشرقية التي تحركها العناصر التي ذكرناها من ردة فعل ضد روسيا وضد كل من ارتبط بها في العالم، وحلم مهووس بالنمط الاميركي، وضعف هذه الدول على جميع المستويات.
غير ان المواجهة الاصعب التي يخوضها زعماء الاستقلالية الكبار، ليست مع الدول الصغيرة الاخرى، وانما في داخل دولهم هم حيث يجد شرودر وشيراك نفسيهما في وضع يحسدان عليه. اذ يتعرضان الى حرب شرسة، تتخد جميع الاشكال، من قبل انصار الامركة ولوبيهاتها. في حين يبدو بوتين اقوى رغم ان الحرب التي تعرض لها اشرس.
وفي هدا السياق ياتي اجتماع الثلاثة امس في محاولة قوية لدعم حصول المانيا على مقعد دائم في مجلس الامن، مواجهة مدروسة في معركة من معارك حرب طويلة بدات مند الحرب العالمية الثانية وقد لا تتحدد نهايتها الا على ساحة اخرى، بعيدة بعيده، هي الساحة العراقية.