غريب ان يتزامن اعلان رامسفيلد عن ان الوضع الامني في العراق يزداد سوءا عما كان عليه بعد سقوط النظام العراقي، مع اعلان الحكومة الاميركية عن اكتشاف جاسوس يسرب معلومات لاسرائيل تتعلق بما يمكن ان تشكله ايران من خطر على الاسرائيليين العاملين في مناطق كردستان العراق.
لعل المهم في هذه القضية هو الاعلان بحد ذاته، فمنذ ثلاثين سنة على الاقل والتعامل بين اكراد العراق واسرائيل معروف، ومنذ الحصار الذي فرض بعد عام 1991 تزايد هذا التواجد ليبلغ اقصاه مع الاحتلال الاميركي. لكنها قد تكون المرة الاولى التي يعلن فيها عن ذلك رسميا من قبل الاميركيين انفسهم.
كذلك فان تردي الوضع الامني في العراق اكثر من معروف لكنها قد تكون المرة الاولى التي يعترف فيها الطرف الاميركي بذلك صراحة.
لكن المضحك المقلق هو ان يلقي الوزير الاميركي بمسؤولية ذلك على سوريا بشكل اساسي وعلى ايران بشكل ثانوي. جملة ملاحظات يمكن الخروج بها من ذلك: اولاها بدون شك هو بلوغ الوضع الامني حالة من السوء لم يعد من الممكن التستر عليها، خاصة مع تواتر اخبار تقشي ظاهرة رفض الجنود الاميركيين الذهاب الى العراق كما حدث في اخر مراحل حرب فييتنام.
وثانيها ان اسرائيل لم تعد تعتمد على الولايات المتحدة لا لحماية رعاياها في العراق ولا لحماية مصالحها وتنفيذ مخططاتها هناك، خاصة المصالح المتعلقة بالنفط.
اما الملاحظة الثالثة فهي ان ربط ذلك بايران انما يعني ان انشطة هذه المجموعات الاسرائيلية في كردستان انما تستهدف ايران من موقع جغرافي قريب من حدودها. وهو استهداف قد لا تتفق فيه الرؤى الاميركية والاسرائيلية اتفاقا كاملا.ولا يمكن هنا ان ننسى خطط اسرائيل لضرب المفاعل النووي الايراني، في الوقت الذي يلوح فيه نوع من الانفراج في العلاقات الاميركية الايرانية،خاصة مع نتائج محتملة للانتخابات الرئاسية.
الملاحظة الرابعة ان اتهام رامسفيلد لسوريا بالمسؤولية عن تردي الوضع العراقي، يعني بشكل رئيسي مزيدا من الضغوط لكنه قد يعني ايضا محاولة فصل ما بين الموصوع الايراني والموضوع السوري، وربما استرضاء ما لاسرائيل.
ملاحظات تتواتر وتتكاثف لتجعلنا نصل الى السؤال هل ان الدبابة الاميركية الضخمة التي قادها الخبير الاسرائيلي في القضية العراقية ستحترق ليقفز منها السائق الماهر بعد ان حقق ما يريد؟ وربما ليستقل دبابة اخرى يكمل بها طريقة؟ ومشروعه؟
وهل يتوقف الجلاد عن الضرب اذا ما انكسرت العصا، ام انه يكون قد احتاط لذلك بحزمة من العصي الاخرى?