ايا تكن التحليلات التي تساق لتفسير التغييرات الحاصلة في سوريا الان، فانه مما لا شك فيه ان السلطة تحاول نزع فتيل التفجير الذي لا يهدد النظام السوري فحسب بل ويهدد وجود سوريا الدولة والمجتمع.
هنا في الخارج حيث تواجد المعارضات السورية على اختلافها ثمة صورتان مختلفتان تماما ازاء ما يحدث على الساحة: صوت المعارضين الوطنيين الذين يريدون التغيير ولكنهم يخشون على سوريا اذ يرونها وفي عيونهم المشهد العراقي، هؤلاء يقولون بوجوب استغلال المأزق الذي يعيشه النظام لاجراء اصلاحات ديمقراطية تدريجية، من فتح حرية الاحزاب، وقبول التعددية السياسية دون الوقوع اطلاقا في فخ الطروحات الاثنية والطائفية، واجراء التحولات الاقتصادية بشكل تدريجي. »نحن بحاجة الى تحولات لا الى انقلابات« يقول هؤلاء لان البلد مستهدف خارجيا ولا نريد عراقا اخر كما لا نريد حكومة تذهب الى المفاوضات المفروضة مع اسرائيل وهي في اضعف حالاتها الداخلية اضافة الى الوضع الضعيف خارجيا.
اما التيار الثاني من المعارضين وعلى رأسهم خليط من الاكراد والماركسيين والاسلاميين والليبراليين المتطرفين، فهم اولئك الذين يعتبرون انها فرصتهم للانقضاض على النظام وتدمير كل شيء وليكن ما يكون. هؤلاء يتوزعون في دوافعهم على اصعدة مختلفة، منهم من يؤيد الانتقام مجرد الانتقام، ومنهم من تحركه انتماءات طائفية واثنية تجزيئية كمثل الاكراد… ومنهم من لا يستطيع الثقة بوعود السلطة السورية بالتغيير، ومنهم من لا يفعل الا الرقص على ايقاع الطبلة التي تضربها دول الاقامة، من مثل فرنسا مثلا. ولا ندري ماذا سيفعل هؤلاء اذا ما غيرت فرنسا سياستها السورية غدا. ومنهم اخيرا من يردد ببغائيا شعارات براقة ترمى له.
بين هؤلاء واولئك تنبع المعارضة الداخلية، تلك التي تعمل من الداخل السوري نفسه، بل ومن داخل السجون نفسها، وتلك التي لا توافق على أي طرح اساسه الدين او العرق، تلك التي تريد الوصول يوما الى ترسيخ مفهوم حقوق المواطن لكل مواطن، ولو بشكل تدريجي. تلك التي لا تختلف مع السلطة على الثوابت الوطنية بل تختلف معها على اسلوب الحكم.
هذه المعارضة هل سيصغي اليهاالحكم، ام انه سيشتري فرص اجراء اصلاحات حقيقية واقعية ترضي الناس باجراء اصلاحات وهمية مقرونة بتنازلات لاسرائيل لن ترضي واشنطن؟