من التعايش الى الشراكة ولا ندري إلى أين نحن ذاهبون، فلربما كان الخطاب غدا سيتحول الى الحديث عن الفدرالية حتى ولو ان مساحة لبنان لا تصلح لان تجعل منه ولاية صغيرة في فدرالية غير كبيرة.
امران يحضران الى البال وانا اشاهد التلفزيون بعد الانتخابات: اولا، غضبنا المتحمس من كلمة التعايش عندما كنا طلابا في الجامعة وناشطين على الصعيد القومي، واصرارنا على انه لا تعايش بين افراد وجماعات الوطن الواحد، بل وحدة وطنية ينتظمها مفهوم حقوق المواطن، تلك الحقوق التي لا تحددها الطائفة ولا العرق ولا الدين… رحم الله ايام الغضب تلك فها نحن الان امام الشراكة. وثانيا العبارة التي اختارها صانع الاشارة التلفزيونية المعروفة على شاشة الجزيرة والتي اختار لها عبارة بليغة على لسان محمد السماك: تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم.
وها نحن اليوم امام الشراكة، فاية شراكة وبين من؟
لو كان المقصود بها شراكة بين احزاب سياسية كل منها يرى ان مصلحة الوطن تتحقق بشكل افضل عبر برنامجه السياسي، لكان الامر مقبولا لانها في تلك الحال انما تعني شراكة رؤى مختلفة للعملية السياسية تمكن الوطن من مجابهة اعدائه وتحدياته وتمتن وحدته الوطنية وتسهم في تنمية حياته. اما ان يكون مفهوم الشراكة تناهش الوطن بين طوائف ومراكز قوى مالية واقطاعية، بحيث يضمن كل منها حصته من الكعكة التي ما هي في الواقع الا جسد الوطن وثمن دمه، غير عابئين بمصير هو القدر المشترك، وغير مهتمين لما تؤول اليه البلاد والعباد. فلمصيبة كبرى تعيدنا الى اجواء السبعينات تلك التي سبقت الحرب الاهلية، حيث اصبح الكل مستشرا على الامتيازات الطائفية، فذهب الوطن وبقيت تلك الامتيازات، لتذهب به كلما حاول ان يرفع رأسه من جديد.
قد يكون القادم حربا داخلية جديدة، وقد يكون مجرد اضعاف مدمر يجعل الحكومة المقبلة توقع على اية معاهدة سرية مع اسرائيل بالشروط الاسرائيلية ودون اية قدرة على التفاوص، وقد نسمع فعلا حديثا سورياليا عن الفدرالية، لكن ما سيحصل دون شك هو ان البلد سيدخل المرحلة المقبلة منهكا خائفا مذعورا، في قطاع كبير من ناسه، في حين سنجد قطاعا اخر مستنفرا بجنون اما للدفاع عن نفسه في معركة حياة او موت، واما للهجوم والتخريب في دفع انتقامي ودفع خارجي، هذا في حين يلعب السياسيون والراسماليون والمافياويون وامراء الطوائف لعبة البقاء والهيمنة بالتواطؤ مع الاجنبي.