تسونامي فرنسا

صحيفة الدستور، 31-05-2005

تسونامي سياسية في فرنسا بعد رفض الدستور الاوروبي. تسونامي لن تتوقف اثارها على بلاد الغل فحسب بل. وستنسحب على سائر دول القا رة الساعية الى وحدتها.

تسع دول وافقت على الدستور وما تزال هناك خمس عشرة ستدلي بموافقتها او رفضها له في الشهور القادمة، علما بانه لن يطبق فعليا قبل الفين وتسعة لكن فرنسا ليست اية دولة من هذه، اذ نها من الدول المؤسسة، بل ورائدة الفكرة الاوروبية نفسها، كما وان سياستها، وخاصة سياستها الشيراكية قد تطلعت دائما الى قيادة ثنائية مع الالمان للاتحاد كله. قيادة تجعلها على المدى البعيد في الكفة الموازية للولايات المتحدة الاميركية، منهية بذلك الاستفراد الاميركي بزعامة العالم ومعيدة التوازن الى الساحة الدولية.

فهل وضع تصويت لامس حداً لهذا الحلم ؟ وهل ان اضعاف جاك شيراك هو في حقيقة الأمر اضعاف لفكرة الاستقلالية الاوروبية؟

الجواب ينطلق من جوب اخر على سؤالين: العوامل التي جعلت الفرنسيين يميلون الى هذا االخيار؟

والنتائج المباشرة التي سيتمخض عنها ؟

غالبيةة المراقبين ترى في ان اللا الفرنسية توجهت الى شيراك ورافارين اكثر مما توجهت الى الدستور نفسه، فلماذا عاقب الفرنسيون السياسة الشيراكية ؟

ثمة اسباب داخلية وثمة اسباب خارجية: داخليا هناك مسألة متعلقة بالهوية وهناك مسائل متعلقة بالاقتصاد وهناك مسائل متعلقة بسياسة الاصلاحات التي تصر عليها الحكومة.

وخارجيا هناك عدم الرضى، بل والثار الاميركي – الصهيوني من السياسة التي انتهجها الرئيس وفريقه ازاء اسرائيل والعراق ومسالة الاستقلالية الاوروبية عن الولايات المتحدة الاميركية، هذ عدا عن موضوع تركيا الذي يشكل مسألة حاسمة التاثير.

واذا كان االحديث قد طال وتشعب وتكرر حول المسائل الاولى، من موضوع البطالة الى موضوع المنتجات الزراعية الى قضية الصناعات النسيجية الى موضوع ارتفاع اليورو وما ينجم عنه من غلاء، بحيث نجحت هذه الاثارة في دفع الناس نحو اللا اما احتجاجا واما خوفا، فان الحديث في القضايا لثانية كان نادرا وقليلا وغير واضح المعالم . اللهم في موضوع تركيا الذي شكل احدى الفزاعات وعوامل الاثارة الرئيسية.

اما بالنسبة للسؤال الثاني وهو المتعلق بالنتائج ، فالنتيجة الاولى الحتمية هي اضعاف الرئيس شيراك، ضعف لن يصب الا في سياق مصلحة اثنين: اما اليسار الاشتراكي واما نيقولا ساركوزي على جبهة اليمين. واذا كان اليسار الاشتراكي محسوما لصالح اسرائيل والامركة فان ساركوزي هو المعروف بعدائه للرئيس وخطه السياسي الاميركي الصهيوني، حيث بدا معركته في العام الماضي بزيارتين متتاليتين للولايات المتحدة، استهلهما بلقاء الايباك، وتخللتهما مشاركته في مؤتمر هرتزليا.

ويبقى السؤال الاخير: اين كان الصوت العربي في هذا الاختيار؟

لقد كان اغلبية العرب القرنسيين يحددون خيارهم على اساس خوفهم من العمالة الرخيصة التي ستاتي من دول اوروبا الشرقية وتنافسهم على موقع الخدم. وعلى اساسس رفضهم للاصلاحات الاقتصادية التي ستحرمهم من بعض المساعدات الاجتماعية.vb

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون