يوم واحد ومساءان مختلفان. يوم الاحد فرنسا كلها ستكون منشغلة بانتخاباتها، ولبنان ايضا. لكن المساء سيكشف صناديق الاقتراع عن حسم قاطع يقرره الناخب الفرنسي، في حين ستتثاءب صناديق الاقتراع عن نتائج محسومة سلفا في لبنان. شبيه الحال في ان المفاجأة ربما تغيب عن النتائج هنا وهناك، لكنه غياب تزيحه هنا استطلاعات الرأي، وتفرضه هناك تحالفات الاقطاع المالي والسياسي مع الفرز الطائفي في حضن السفارة الاميركية. غياب يمسك الصهاينة بالكثير من خيوطه في لعبة السياسة في العالم العربي، ولا يغيبون عنه في اللعبة الفرنسية كما في كل مكان في العالم خاصة غربه، في حين لا يقتصر وضع العرب على انهم لا يمسكون بالخيوط هنا وهناك، بل يتعدى ذلك الى خصورهم وظهورهم المشدودة الى تلك الخيوط.
جيد ان تفكر بالاسئلة ومؤلم ان تسمع جوابها : ما الذي يحدد خيار العربي الذاهب الى صندوق الاقتراع غدا في لبنان؟ وما الذي سيحدد خيار العربي الذاهب الى صندوق الاقتراع غدا في فرنسا؟
هناك ستحمله الطائفة، ستحمله التبعية الاقطاعية، وسيحمله العامل الاقتصادي: اما الفقر المتفاقم يومآ فاخر، وحلم اللقمة واما الغنى المتغول يوما فآخر وحلم حماية الاحتكار والاستغلال. وهنا سيحمله هم المنافسة مع العمالة الرخيصة التي يمكن ان تأتي من اوروبا الشرقية… تنافسه على الفقر وعلى موقع جعل حلم احفاد الاندلس ان يقبل بهم الاوروبي الغربي خدما.
الفرنسي سيقول لا لانه قومي يريد الحفاظ على السيادة، او لانه يساري يريد نظاما اجتماعيا محددا، وسيقول نعم لانه يخطط لاوروبا تقودها بلاده وتوازن بها الولايات المتحدة. والعربي سيقول لا خوفا وحرصا على لجوئه المسكين ومصدر رزقه الوضيع وسيقول نعم لانه يتعاطف اسلاميا مع دخول تركيا.
جلد للذات ام مقاربة للواقع؟
مسؤولية الاستعمار الذي لم تقتصر جريمته على ما فعله بل على ما تركه لنا بعد ذهابه؟
ام مسؤولية حكوماتنا التي جعلت بلداننا تلفظنا جثثا تتسول الحياة غير الكريمة. جعلت احفاد طارق بن زياد يعبرون طريقه تسللا هاربا ذليلا من فقر الى فقر ومن ذل الى ذل ومن تسول الى تسول، مثلهم مثل اخوتهم الذين يخرجون من مشرق الامويين والعباسيين في مخازن سفن الماشية؟
ام مسؤولية جهلنا واستسلامنا وتخلفنا؟
كريه جلد الذات لانه اسهل طرق التطهر الارسطي، ذاك الذي يجعلك اذ تنتقد تحقق امرين: الاول انك تخرج نفسك من دائرة المتهمين وتبدو كأنك الصواب بين مخطئين والصحيح بين مرضى والثاني انك تغسل نفسك بذلك من الذنب وكأنك قضيت ما عليك من مسؤولية.
لكن هل لمن يملك عينين واذنين الا ان يرى ويسمع؟