والشيء بالشيء يذكر. ولم يتغير شيء في المعادلة اللبنانية القذرة . غداة الاحتلال الاسرائيلي للبنان عام 1982 اجبر البرلمان اللبناني على انتخاب بشير الجميل رئيسا للجمهورية. طوقت الدبابات المجلس، وطوقت الضغوطات السياسية والامنية الخيار لتجعله واحدا قسريا.
وبالامس كانت الضغوطات نفسها تضيق الخيار على اختيار المرشح المسيحي لبيروت ويجبر المرشحان على الانسحاب لزوجة بشير الجميل، كي تفوز بالتزكية، وقبل الانتخابات.
غازي العريضي خرج الى الاعلام ليقول للناس: ليس بامكانكم ان تتخيلوا حجم الضغوط وحجم المخاطر التي كانت ستحصل لو لم نتوصل الى ذلك الحل.
لكأن الحرب الاهلية ما تزال قائمة، وفي سياقها تتمكن القوات اللبنانية من التهديد بتفجير الامور وربما البلد كله.
اما القوة التي تجعل من التهديد محيقا، فهي في المرتين القوة الاجنبية االتي تقف وراء القوات اللبنانية. قوة ما تزال هي هي، سواء اكانت قوة شارون المجتاح لبيروت او قوة حلفاء شارون المحافظين الجدد المتربعين في البيت الابيض.
غير ان هذه القوة لم تكن لتفعل لولا القوة البخارية الداخلية المتمثلة في الحس الطائفي الذي يظل قنبلة موقوتة جاهزة للتفجير. فلولا الشحن الطائفي المجنون الذي نشهده هذه الايام في لبنان لما تمكن جماعة سولانج الجميل من اجبار المرشحين الاخرين على الانسحاب. ولما انهمر الثناء على الدكتور غطاس خوري لانه تخلى عن حقه في الترشح وحق المواطنين في الاختيار. تخل ان هو الا دليل على اثنتين: اولا ان نجاح سولانج الجميل لم يكن مضمونا والا لما مورست كل هذه الضغوط . والثانية ان هذه المعادلة تعني ان ارادة الفئة التي ربما تكون اغلبية الناخبين قد صودرت بالقوة لما هو اقرب الى التعيين .
سؤالان لا يقودان بدورهما الا الى سؤالين كبيرين الاول حول ماهية الديمقراطية اللبنانية . والثاني حول ماهية الخريطة التي وضعت للبرلمان اللبناني المقبل ، والتي سيتم تنفيذها بالقوة وبصرف النظر عن ارادة الناخبين، كي يأتي تحققها الوسيلة الافضل لتحقيق الخطة الاميركية الاسرائيلية .. »بطريقة ديمقراطية!!!!«.