كتاب

صحيفة الدستور، 11-05-2005

في كتاب »النفط، الله والذهب« يروي الكاتب انطوني كيف براون تفاصيل اللقاء الاخير بين الملك فيصل ال سعود وكيسنجر، حيث يقول ان فيصل قال لكيسنجر بالحرف انه عدو شرس للشيوعية والصهيونية، وانه يعتقد بان اليهود كانوا وراء انتصار الشيوعية في الاتحاد السوفييتي. ان حلمه هو ان يصلي في المسجد الاقصى ويتجول في باحاته دون ان تطأ قدماه ارضا محتلة. وعندما اجابه الوزير الاميركي اليهودي ان لليهود ايضا الحق في الصلاة عند حائط المبكى اجابه فيصل: يمكننا ان نبني لهم حائطا اخر يصلون عنده.

ولا يلبث الكاتب ان يستطرد متسائلا: اذا كان ذلك هو موقف الملك الذي يتربع على اعلى احتياط نفطي في العالم، بكل ما فيه من تعارض مع اجندة كيسنجر، فهل كان من المستغرب ان يشهد العالم اغتيال فيصل بعد ذلك اللقاء بعدة ايام؟

الملك المؤمن قتل، وحلمه قتل معه، بينما ما يزال هنري كيسنجر حيا وخطته للمنطقة وللعالم تحيا وتحقق نجاحاتها على الارض، من الخطوة خطوة، الى تجزئة المسارات الى التطبيع. وحلم المؤمنين بالصلاة في المسجد الاقصى تحول الى حلم بعدم تدنيسه وتدميره من قبل اسرائيل. فهل كان ذلك وما يزال قدرا لا فكاك منه؟ وهل ان امام الحاكم العربي خيارين: اما التعلق بذيل التنورة اليهودية واما الاغتيال او السجن او النفي؟ هل ان الدنيا قد خلت كما يقال بحيث انه اذا ظهر قائد ندرة كهذا ثم قضي عليه لم نجد هناك من يرثه ليكمل خطه؟

الجواب الفوري التيئيسي قد يكون نعم، لكن التبصر بحال الامة يرد بقولين اخرين: الدنيا لم تخل بدليل عشرات الاف الشهداء الذين قضوا منذ فيصل الى الان، وتفجر الانتفاضات والمقاومات وسبحة العمليات سواء على ثرى فلسطين ام على ثرى سائر ساحات الوطن حيث تفتح مواجهة مع العدو، تكر.

اما القول الثاني فهو ان مشكلة مواقف كهذه انها لا تؤصل وتجذر في حالة شعبية ديمقراطية تضمن الاستمرارية في حال ذهاب الفرد، ولذا فانها تظل تنتظر فردا اخر يشعلها من جديد. حتى اذا ظهر معبرا عن حقيقة الامة وحقيقة الناس التفوا حول ندائه في استجابة ربما تكون فريدة في قدرتها على التضحية والتحمل. صحيح ان جميع انتصارات التاريخ، جميع حركات التحرر فيه، جميع حركات النهضة، لم تتحقق الا بقيادة قائد فذ من اولئك الذين يسميهم الوزير الفرنسي دومينيك دو فيللوبان »رجال العبور« لكن هذه الحقيقة لا تلغي ابدا ان وجود رجل العبور لا يتناقض مع وجود حالة شعبية ديمقراطية تسير وراءه.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون