ويسألونك عن الارهاب!!

صحيفة الدستور، 28-04-2005

بين البطون المنتفخة تحت البذلات الانيقة وربطات العنق الحريرية لزعماء الدول الصناعية السبع وبين البطون الخاوية لاطفال الدول الفقيرة موعد تم ارجاؤه لبداية الربيع المقبل. ارجاء جعل المستشار السياسي لمنظمة اوكسفام يتساءل غاضبا: كم من الاطفال يجب ان يموتوا قبل ان يتفق هؤلاء الرجال على تنفيذ خطة القضاء على الفقر في دول افريقيا وسائر العالم الثالث؟

القضاء على الفقر حلم بعيد المنال، ولكن قد يكون تخفيض الفقر عبر عملية الغاء الديون او خفضها هو المطلب الممكن والملح . هذا المطلب كرسته الامم المتحدة وحددت له موعدا في نهاية 2015. لكن الرجال الذين يتربعون على هرم السلطة السياسية في الدول التي تسيطر شركاتها الصناعية على العالم ، كما تسيطر شركاتها المالية على جميع مؤسسات المجتمع الدولي يترددون في وضع المبدا موضع التنفيذ. والسبب عدم اهتدائهم الى طريقة لتمويل ذلك . الاقتراح العملي المطروح الان هو بيع سبائك صندوق النقد االدولي، لكن هذه السبائك هي – على ما يبدو – اغلى بكثير على قلب الولايات المتحدة من ملايين الاطفال الذين يموتون جوعا ومرضا كل صباح. لذا عارضت واشنطن فكرة البيع هذه، فادت معارضتها الى ارجاء الموضوع الى الربيع المقبل .

سبائك في خزانة شيلوك ام ارواح البشر المساكين المنتشرين على بقاع من العالم لم تصبح فقيرة الا نتيجة الاستعمار الذي نهب خيراتها: اوليس من المفارقات الغريبة ان تكون اكثر الدول فقرا ومديونية وموتا هي تلك التي تمتلك اكبر قدر من الموارد الطبيعية؟ وان تكون الدول الغنية المتفضلة الان بالحوار حول امكانية تخفيض الفقر هي نفسها الدول الاستعمارية الكبرى التي نهبتها واستعبدت ابناءها. نهبا قد يفوق بكثير قيمة الديون المترتبة و لا يتوقف عند صيغة الفعل الماضي، وها اخر مشاهده الرهيبة تتوالى حثيثا على ارض العراق .

شعوب تسحق، تستعبد، ويحول ناسها الى مختبر لتجريب الجديد من انتاج مصانع الاسلحة ثم تنهب جميع خيراتها ، لتنعم بها شعوب القوي المعتدي، لتعيش حياة لا يحلم مسكين في افريقيا او غيرها من ساحات الفقر بوجودها . شعوب تنقل من حياة رفاه كان يحسدها عليه كل الاخرين الى حالة اللحاق باكثر البيئات فقرا وتخلفا، كي تنتقل ثرواتها الى صناديق بكتل وهاليبرتون وعملائهما من المنتفعين الصغار، شعوب ترى امامها قدر الثراء الذي يخولها وضعها الطبيعي ان تنعم به، في حين تعيش في حالة بحر من البطالة والفقر والعجز وانعدام الامان ….

عالم يجتاحه الايدز ترفا وفسادا خلقيا، وعالم يجتاحه الايدز فقرا وعدوى وانعدام علاج .. عالمان لا علاقة لاحدهما بالآخر، اللهم الا علاقة القاتل بالقتيل، والظالم بالمظلوم ….

ويسألون بعدها عن الارهاب، فهل ستحميهم منه سبائك صندوق النقد الدولي؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون