اية حاجة تلك التي يعيشها الانسان لما يؤمن به! لكانها ذلك التعويض الوحيد القادر على ملء الفر اغ الرهيب بين ضعف البشري وقوة الطبيعة، وقدر الموت.
فبعيدا عن الاسباب السياسية التي جعلت العالم يحتفل بيوحنا بولص الثاني على هذا الشكل، ثمة اسباب لا يمكن لاحد انكارها، ان هي تلك التي جعلت ملايين البشر يبكون رجلا بلغ من العمر والمرض ما لم يعد يؤهله الا للموت. الطبقة السياسية الاوروبية والاميركية تجد في الاسقف كارول البولوني الذي تحول الى البابا يوحنا الكوني – تجد فيه القوة الرئيسية في القضاء على المعسكر الشيوعي ، لكن الجماهير الزاحفة الى روما هي غير تلك الطبقة، هي من اولئك البشر الذين يبحثون عن شيء يؤمنون به، يثبتهم بالوجود كما مسمار صلب. يضع حدودا لمغامرتهم الابدية في البحث عن جواب لاسئلة الوجود. بحث اقترن بالوجود الانساني منذ كان، افرز اساطير وملاحم، اجتهادات وقادة روحيين، رسلا وانبياء، لتكون اهمية الاديان الرئيسية في انها قدمت للناس اجابات نقلتهم من معاناة البحث الى راحة الايمان وسكينته.
اما العلاقة الاشكالية والمعادلة المفارقة بين تطور العصر الذي تجاوز الصناعي الى التكنولوجي وبين العودة الى الجانب الايماني الديني، التي تعيشها الانسانية حاليا فانما تعكس حقيقة بسيطة بقدر ما هي جوهرية وهي ان المركب الانساني بطبيعته هو تلك الوحدة الجميلة بين المادة والروح والتي لا يمكن لاي انفصام بينهما الا وان يخلق حالة من عدم التوازن. حالة لا يلبث الانسان الا وان يتمرد عليها. لقد بالغ العصر في الانحياز الى المادية بكل اشكالها، ولم يكن انحياز الشيوعية باكثر شراسة على الاطلاق من الانحياز الراسمالي الراكب حصان اقتصاد السوق، والشركات المتعددة الجنسيات. فاذا بالانسان يرتد الى بحث اخر باتجاه الروح، بحث يحاول من خلاله ان يروي قدرا من عطش الانسان فيه. غير ان التوازن الحقيقي هو ذلك الذي يقوم على التوافق مع طبيعة المركب الانساني، توازن ان هو الا التطابق مع ما كونه الخالق.وما بلورته الطبيعة.