هل ثمة رياح صفراء تعصف بضفتي الاطلسي؟ وبعبارة ابسط، هل ستسبب الصين في ازمة بين الولايات المتحدة واوروبا؟ الازمة اندلعت، وواشنطن لم ترد هذه المرة ان تواجه الامر بتحقظ او حتى بديبلوماسية خجولة….او حتى مؤدبة. اذ لم تكد اوروبا وعلى راسها القوى الثلاث: بريطانيا وفرنسا والمانيا تعلن عن نيتها بيع اسلحة الى الصين، حتى سارعت وزارة الخارجية الاميركية عن اعلان معارضتها الشديدة، متجاوزة الامر الى التهديد. لندن كانت المسارعة الى الاستجابة وانسحبت من الموضوع الذي اغضب الحليف الاميركي، لكن الامر اختلف في باريس وبرلين. وعندها ارسلت كونداليزا رايس مبعوثها روبرت زويلك الى اوروبا ليبلغ المجموعة لاوروبية بان من شان هذا الامر ان يكسر التحالف الاطلسي. وامام البرلمان الاوروبي في بروكسل هدد زويلك بخطاب واضح وصريح بعقوبات اقتصادية تتخذها واشنطن ضد اوروبا اذا ما اصرت الحكومتان المذكورتان على المضي قدما في الصفقة الصينية. وفي حين بدت باريس بعيدة عن اثارة الجدل حول الموضوع، فان الصراع قد اندلع قويا في المانيا مثيرا الخلاف داخل الحكومة وبين المستشار شرودر ووزير خارجيته. واشنطن هددت بوقف تعاونها مع اوروبا في اكثر من مشروع انتاجي ودفاعي، وهددت ايضا بوقف نقل التكنولوجيا المتطورة من الولايات المتحدة الى القارة العجوز.
المؤشرات تقول باضطرار اوروبا الى تقديم تنازل في هذه المواجهة.ومرة اخرى تدخل السياسة الشيراكية الشرودرية معركة صعبة في محاولات زحزحة الاستفراد الاميركي بالعالم.
فالتعاون مع الصين ليس في واقعه الامحاولة دعم تشكل قوى جديدة ومحاور جديدة تنهي مرحلة احادية القطب المهيمن على العالم وتعيد هذا الاخير الى حالة من توازن القوى، تجد فيه اوروبا لها مكان الحليف الند لا مكان التابع الضعيف الذي يسمي نفيه حليفا.
في العام 1991 وفي غمرة الاستعدادات لحرب الخليج الاولى كتب كولن باول الذي كان يومها رئيسا للاركان يبرر معارضته للحرب على العراق بقوله: »لا شك اننا نحتاج لمنطقة الشرق الاوسط، وتحديدا الخليج العربي في مواجهتنا الاستراتيجية القادمة مع الصين واوروبا، لكنه من الافضل ان نؤمن السيطرة على هذه المنطقة بالوسائل السياسية كي لا ننمي الكراهية لاميركا، ولا نفعل نمو الاصولية الاسلامية، في منطقة ما يزال يسيطر فيها ايات الله«.
باول انصاع فيما بعد لرغبة رئيسيه وخاض الحربين رئيسا للاركان ووزيرا للخارجية، ورغم ذلك احيل الى البيت لانه احتفظ ببعض الاعتدال النسبي. والمواجهة مع اوروبا والصين تتبلور اكثر فاكثر، لكن واشنطن تتمكن من لي ذراع اوروبا بفضل سيطرتها على المنطقة العربية. ويبقى ان ما يمكن له ان يهز هذه السيطرة على العالم هو المقاومة العربية للمشروع الاميركي !!