من كركوك الى حيفا!

صحيفة الدستور، 15-02-2005

مع بداية الاحتلال الاميركي للعراق تسربت انباء عن اعادة فتح خط النفط كركوك – حيفا، ليصدر تكذيب بارد للخبر، ومن ثم ليغرق هذا الموضوع في التعتيم الكامل.

هذا الاسبوع كشفت نشرة فلاش الفرنسية، النقاب عن تفاصيل هذا المشروع الذي ما يزال العمل فيه جار على قدم وساق. فهذا الخط الذي كان يعتبر رمزا للاستعمار الانكليزي في المنطقة الحمراء من سايكس بيكو، أي تلك الممتدة من العراق الى فلسطين، ما يزال يشكل الحلم الكبير للقوى الاستعمارية الغربية، ولكن لاسرائيل اكثر.

اعادة تشغيله سيحول ميناء حيفا الى روتردام الشرق الاوسط، يقول الاسرائيليون الذين يطمحون الى جعله مكانا لتجميع النفط العربي بدءا من العراقي وانتقالا الى الخليجي ايضا.

ولذلك فان خبراء من الكيان الصهيوني ومن الغرب وصلوا الى العراق بعد الاحتلال لدراسة الامر. والتفاهم مع الاكراد بشانه، في حين رأى هؤلاء ان هذا المشروع سيضمن لهم انشاء دولتهم. واذا ما ربطنا ذك بما اعلنته المقاومة العراقية في حينه من انها دمرت مركزا للموساد في كركوك وبكل ما تلا ذلك من محاولات لعزل تلك المدينة، وصلنا الى تاكيد ما نقرا ونسمع.

النشرة تقول ان وزارة الدفاع الاميركية هي التي تضطلع بهذه المهمة، وان دونالد رامسفيلد من ابرز المتحمسين لها، وان هذه الوزارة قد ارسلت برقية الى تل ابيب للتحرك منذ شهر اب 2003 .

رامسفيلد هذا كان قد عرض على صدام حسين اعادة فتح خط كركوك حيفا حتى ميناء العقبة في مرحلة اولى، الى ان يتحقق السلام، لكن الرئيس العراقي الذي فهم الرسالة رفض في حينه بشدة، مضيفا سببا اخر الى اسباب التخلص منه.

وزير البيئة الاسرائيلي يوسف باريتزكي ذهب الى واشنطن بعد البرقية المذكورة، ليقترح على الاميركيين توسيع الانابيب قبل فتح الخط وذلك كي تتسع لكميات اكبر مما يعزز القول بفكرة ضم النفط الخليجي الى العراقي.

المعارضة الوحيدة التي تعيق المشروع هي المعارضة التركية المرتبطة بموضوع الاكراد، ولا ندري الى أي مدى ستتمكن من الصمود.

الاوساط الصهيونية تقول انه لا بد بعد فتح الخط من شق طريق تواكبه، ومن ثم من اقامة نقاط عسكرية لحمايته. مما سيفتح المجال ايضا للشروع في بناء كم من المستوطنات اليهودية في بلاد الرافدين، وبذلك يكون حلم اسرائيل الكبرى قد امتد حتى الفرات بدون قتيل اسرائيلي واحد. بل وبتوفير عشرين بالمئة من فاتورة النفط الاسرائيلية في المرحلة الاولى ومن ثم بتصاعد هذا الرقم الى ارباح هائلة ستسمح للصهيونية من ان تسيطر على المنطقة كلها محققة مقولة تهويد اسرائيل الكبرى ومن ثم العالم العربي عبر الاقتصاد. تلك المقولة التي نادى بها حاخامات الصهيونية المعارضة للحرب منذ الثمانينات. كما ستؤمن روتردام الشرق الاوسط للدولة العبرية التحكم بالعالم اقتصاديا.

الا يفسر ذلك جانبا من تمسك الادارة الاميركية برامسفيلد وعدم قبول استقالته بعد ابوغريب وسواها، اذا ما كان هو عراب المشروع، او بالاحرى الخادم الامين على تنفيذه؟

الا يفسر ذلك كون هذا الرجل مكلف بشؤون العراق منذ الثمانينات؟

الا يفسر ايضا جانبا من حقده على صدام حسين؟

يظل السؤال الاهم: أي مستقبل ينتظرنا نحن كلنا في هذه المنطقة؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون