وانهار الجدار ، وتدفق الطوفان من كل صوب . فهل كان حكام الجزيرة العربية يدركون ان سقوط العراق يعني سقوطهم جميعا . يعني انهيار العروبة ، لا امام الامركة فحسب وانما امام كل الاطماع التاريخية قديمها وجديدها .
ايران لن تشارك في الدورة الاولمبية في قطر اذا ما اصر المنظمون على استعمالاسم الخليج العربي لا الخليج الفارسي.
فمن قال ان الحرب العراقية الايرانية قد حملت اسم حرب الخليج صدفة ؟ ومن قال انها قد انتهت عام 1989؟
وهل كان المحللون الستراتيجيون الذين ادرجوا تحت هذا المسمى الحروب الثلاثة التي طالت العراق ، وصولا الى الحرب الاخيرة عام 2003 ، الا مدركين لحقيقة سياسية ستراتيجية عميقة ، ان حروب المنطقة هذه انما هي في جوهرها الواحد حرب واحدة ضد العرب والعروبة ؟
ولكن هل كان لخيال غريب ان يتخيل ان الانتصار على هذين لم يتحقق الا بدعم العرب انفسهم ؟
كان ما يثير الرعب ، هو خطر العراق : خطره على الانظمة الحاكمة ، وخطره على جلد النمر الذي رسم نتفه اعلانان غربيّان : اعلان الحدود البريطاني الذي حدد توزيع رقع الامارات الخليجية ، واعلان سايكس بيكو الذي حدد توزيع دويلات الهلال الخصيب. وتحول هذا الرعب الى غيمة سوداء تحجب الرؤية عن عيون اولياء امورنا، الى جنون اصبح المهدىء الوحيد له هو الخلاص من النظام العراقي . وفي غمرة هذه الحمى نسي الجميع قصة الثور الابيض ، وحتمية انهم سيؤكلون يوم يؤكل . مثلهم كانت مصر الرسمية ايضا التي شغلتها هموم صغيرة عن هم مستقبل البلاد والامة ، هموم من مثل الخوف من انتقال موقع المركز في العالم العربي الى بغداد ، وهم تامين الوراثة للابن الغالي ، وهم التحرك مع قيود االجنازير التي كبلت بها البلاد في كامب ديفيد ، وما يزال الحكم يعززها استرضاء للاسياد .
الثور الابيض يطل الان بقرنيه ، يذكر صراخه الجريح ، انفاسه الاخيرة ، بان العلم المنشور فوق راس جثته هو كل شيء الا علما عربيا ، وبان الساحة التي خلت منه اصبحت مستباحة للجميع ، وان الجدار الذي تهدم قد اصبح واطئا بحيث اصبح بامكان كل طامع ان يقفز من فوقه . واذا ما تعدد الطامعون فليس هناك ما يمنعه من اجراء الصفقات واقتسام الجثة . هو نتاج الاستباحة التي لن ينفع معها كل الزحف على البطون ، ولن تنفع معها كل التنازلات ولهاث الاسترضاء. لكن على ايران ايضا ان تدرك بان فراغ الساحة ،وان سهل لها المهمة ، وفتح شهيتها القديمة الجديدة ، فان مصلحتها الستراتيجية ايضا ليست في هذا الاستكبار .