من للمنار؟؟

صحيفة الدستور، 14-12-2004

في القصر الكبير في باريس، كنا حشدا عربيا وفرنسيا نتابع محاكمة تلفزيون المنار، لم تكن الاجواء ابدا توحي بان الحكومة ستتخذ قرارا باقفال بث المحطة . وعندما وجه القاضي سؤاله الى ممثل اوتلسات (القمر الصناعي الاوروبي) تقنيا، هل يمكن وقف البث؟

جاءه الجواب: نعم وخلال ثوان، لكن ذلك سيعني وقف بث عشر محطات اخرى بينها اكثر من فضائية رسمية ومنها الفضائية المصرية.

عندها بدا كأن السؤال جاء مركبا على الجواب ليقول ان الحكم بالاقفال مستحيل.

كان هذا قبل حوالي ثلاثة اشهر، لكن الامور سارت بعكس ذلك الاتجاه وشهدنا امس الحكم المفاجىء. بل الذي لم يعد مفاجئا منذ حوالي اسبوعين .وقد شهدت في بيروت توقع المسؤولين الاعلاميين اللبنانيين له خلال الايام الماضية.

منذ البداية كنت اتابع هذه القضية، وعلى اكثر من صعيد، لكنني لم اتوقع ابدا ان تصل الامور الى الحكم الذي صدر امس.

تابعتها اولا من منطلق اهتمامي الوطني بمحطة تمثل المقاومة في بلادنا، ايا يكن توصيفها الطائفي .

وتابعتها من منطلق متابعتي الدائمة لنشاط اللوبي اليهودي في فرنسا .

وتابعتها في سياق دراستي الجامعية على الفضائيات العربية، حيث خصصت لهافصلا كاملا في رسالتي .

وتابعتها اخيرا على الارض بحكم وجودي في فرنسا، وانضمامي الى لجنة دعم المنار هناك. وفي هذا الاطار حضرت الجلسة المذكورة اعلاه.

فلماذا تغير مجرى الرياح، وسرعتها؟

سيطرة اللوبي اليهودي الصهيوني؟ اجل ولكنها ليست شيئا جديدا، والدعوى مرفوعة من قبل المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا المعروف باحرفه الاولى (كريف).

تهيؤ الشارع الفرنسي نفسيا لقبول المنع، بعد الحساسيات التي تتم تغذيتها يوميا في اوروبا ازاء الخطر الاسلامي . حساسيات تتخذ لدى العامة شكل ردات الفعل المتفاوتة الحدة، وتتخذ لدى السياسيين عمق مخاوف حقيقية على طبيعة السلام الاجتماعي الداخلي، في واقع وجود ستة ملايين مسلم في البلاد؟

واقع لا يمكن انكاره، ولا بد من ايجاد صيغة للتعامل معه.

مجريات التطورات الاخيرة بين سوريا وايران ولبنان من جهة، وبين فرنسا والمعارضة اللبنانية من جهة اخرى؟

عناصر لا يشك عاقل في انها شكلت العنصر الاساسي في الحسم ضد القناة.

اذن هل يعني هذا تبرئة سيطرة اللوبي اليهودي؟

لا شك ان لا ؟ ولا شك ان هذا اللوبي يملك هيمنة خطيرة داخل الجسم القضائي والاعلامي والسياسي الفرنسي .

ولا شك ايضا في ان الحملة المنظمة الهائلة التي شنها هذا اللوبي لنشر بعبع تهمة اللاسامية طوال العام المنصرم، قد ساهمت في تهيئة الجو لهذا القرار ولسواه، والآتي اعظم . فلم نعش اسبوعا دون افتعال قضية جديدة، ولم نشاهد التلفزيون ليلة دون ان يصفعنا على شاشته برنامج او جزء من برنامج عن اللاسامية . حتى انكشاف تلفيق وكذب هذه الاعتداءات، واحدة اثر الاخرى، لم يؤثر في خفض صوت المولولين بالتهمة، وبتنامي الحالة ضد اليهود .مما خلق جوا لا يقتصر على الموافقة على اتخاذ قرارت كالذي نعالج، وانما يخلق الخوف من عدم اتخاذه.

مثل اللاسامية معزوفة الارهاب، ومثلهما التلويح بالاصولية . وكل ذلك في ظل الضغوط غير المسبوقة باتجاه الامركة والاسرلة . وفي ظل ازمة اقتصادية خانقة يفتعلها الاميركيون واليهود كل يوم، وضغوط سياسية على حكومة جاك شيراك وخطه .

هل نسوق ذلك لنبرر لفرنسا قرارها؟ لنهاجمها ؟ لندينها؟

لا هذه ولا تلك. ولكن لنسأل: ماذا فعلنا نحن لنؤثر في كل هذه المسارات؟

بل، الم نفعل الكثير ليصب تأثيرنا نفسه في سياق مصلحة الاميركيين واليهود الصهاينة؟؟

وهل يكفي ان ننتظر وقوع المصيبة كي نولول عليها ونشفي الغليل بادانة الاخرين؟

هذا اذا ولولنا فعلا..

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون