تحرك الجّرافات

صحيفة الدستور، 07-12-2004

لماذا يرتفع التوتر بين القاهرة والسعودية من جهة وطهران من جهة اخرى؟

لماذا يتزامن ذلك مع اشتداد الضغوط على سوريا واسترخاء العلاقات مع اسرائيل ؟

اللوبي اليهودي في فرنسا يصعد حملته ضد تلفزيون المنار في فرنسا، يستنفر كل قدراته لتحريك القضاء وانتزاع حكم بوقف المحطة ،حكم تكمن اهميته المعنوية في ان صدوره بحق المنار يعني الحكم على حزب الله بانه منظمة ارهابية ذات خطاب لاسامي. الولايات المتحدة تقول ان المقاومة العراقية (التي تسميها ارهابا) تنطلق من سوريا وبقيادة انصار صدام حسين.. المساعدات تقدم الى دارفور في حين يتم ايقاع العقوبات بالخرطوم. والسعودية تجد نفسها تحت ضغط اكتشاف ما يزعم بانه جاسوس ايراني ، في اليوم نفسه الذي تفجر فيه القنصلية الاميركية في جدة. كل ذلك في حين يعاد عزام عزام الى اسرائيل ، تمهيدا لان يتبعه السفير المصري ، وكلاهما تمهيد لاعلان انطلاق مرحلة استسلامية تصفوية للقضية الفلسطينية ، بل للصراع العربي الاسرائيلي برمته.

قد يقول قائل : وهل ان السعودية بحاجة الى ضغوط كي تسير في الركب؟

وهل ان المساعدات لدارفور حرام في واقع وضع الاقليم المنكوب؟

بل وهل ان خروج سوريا من لبنان غير وجه حق ، وهل دمشق بعيدة عن القبول بالمشاريع القادمة؟

من حيث الضغوط ، اجل فالجميع بحاجة الى ضغوط ، لان المخططين يعرفون جيدا ان النسيج السياسي في كل دولة عربية ليس واحدا : هناك من يسير في ركابهم بدون تحفظ ، وهناك من يعارضهم بتحفظ او بدون تحفظ ،حد المقاومة المسلحة ، وهناك اخيرا من يقفون بين بين وهؤلاء يشكلون حقلا نموذجيا لصراع التجاذبات. لذا فان كل تحرك يجب ان يتوجه الى تفعيل وتقوية المؤيدين ووضع الحجج في ايديهم ، الى تحجيم المعارضين ، والى اكتساب و الحائرين.

من جهة ثانية ، لم يعد القبول نفسه بكاف في عيون اسرائيل واميركا ، بل ان المطلوب هو ما يتعدى القبول الى شكله ومضمونه. لم يعد سلام كامب ديفيد الذي وّرط الحكومة ولم يستطع فرض نفسه على الناس بكاف ، لم يعد ما كان يسمى بالسلام البارد ، بكاف ، لم تعد الحلول التي لا تقضي على بذرة التمرد وتترك النار تحت الرماد ، بكافية. لذا فان المطلوب هذه المرة كثير وجذري وعميق ، ولذلك يقتضي ان تتحرك الجرافات الكاسحة لجعل الارض سهلا ممهدا تماما.

الانباء تقول ان المؤتمر النهائي سيعقد في الصيف القادم ، اذن ، فمن الان وحتى الصيف القادم ستكون مهلة علينا ان نتوقع خلالها تحرك الجرافات بنشاط استثنائي.. وعلينا ان نفكر باساليب جديدة وذكية للمقاومة.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون