الصورة!!

صحيفة الدستور، 03-11-2004

هذا الصباح بثت فضائية العربية شريطا مصورا تلقته من المقاومة العراقية يمثل تصوير عملية- كمين  ضد قوات الاحتلال الاميركي. مما اعاد الى ذهني امرين متعلقين بتصوير العمليات الفدائية ضد المحتل، والمدى الذي يكتسبه   من التاثير في الحرب السيكولوجية.

الامر الاول يتعلق بدراسة اعدها باحث فرنسي في جامعة اكس ان بروفنس حول تلفزيون المنار ودوره في اعلام المقاومة. حيث  برهن الباحث عبر ادولت التحليل السيميولوجي والسياسي وعبر وثائق اسرائيلية من مركز بيغن السادات للدراسات، عن ان تصوير  حزب الله لعملياته ضد الاحتلال الاسرائيلي، وبث الافلام عبر شاشة المنار قد لعب دورا فعالا في نجاح المقاومة وذلك  على اكثر من صعيد : بدءا من تاكيد حصول العمليات انتقالا الى التاكيد على دقة التخطيط والتنفيذ والسيطرة على ساحة العملية رغم وجود الاحتلال، ووصولا الى العامل الاهم وهو التاثير النفسي الذي يتولد لدى ثلاثة اطراف تتعرض للصورة : المقاومون انفسهم، العدو، والناس المحايدون او المترددون.

فبين المقاومين تخلق هذه الافلام قدرا كبيرا من الحماس والثقة المتولدة من عدة عناصر منها المتعة المحددة المتعلقة بالصورة نفسها، وبالصورة التلفزيونية على وجه التحديد، وبالتاثير الذي لا يمكن ان تخلقه الكلمات مهما كانت مصاغة وبليغة. اما في صفوف العدو فهناك طرفان ونوعان من التاثير : المجندون وما يتعرضون له من احباط وخوف، والراي العام الذي يصبح اكثر معارضة للاحتلال، خاصة وان هناك عاملان نفسيان مهمان في التلقي الاعلامي يساعدان على ذلك. العامل الاول هو عامل التماهي، اذ يمكن لكل مشاهد ان يحس بانه هو الذي يمكن ان يكون ضحية التفجير او العملية. والثاني هو عامل الصدمة، ومن ثم المراجعة التي تكررها باستمرار الذاكرة البصرية التي ترتسم فيها الصورة المتحولة هاجسا خاصة  اذا ما تكررت.

واخيرا الطرف الثالث اي المحايدون الذين تدفعهم مشاهدة الصور هذه الى اتخاذ موقف لا يمكن ان يبقى محايدا، وتخلق لديهم ثقة بالمقاومة.كما انها تحفز فيهم رغبة الانسان الطبيعية في ان يؤيد القوي والناجح، وفي ان يتعاطف مع المضحي.

استعيد هذا الاستعراض السريع وانا اتلقى على بريدي الالكتروني رسالة من المقاومة العراقية تقول ان المقاومة عمدت، وبنجاح الى تصوير عملياتها ضد الاحتلال الاميركي، لكن الفضائيات العربية رفضت باستمرار بث الاشرطة.

الرسالة عممت على الانترنت، وهنا طرح التساؤل : لماذا لا يقوم القيمون على هذه الافلام على بثها على الانترنت وعبر شبكات البريد الالكتروني، كي  يضربوا ثلاثة عصافي بحجر واحد : الافادة منها بتوصيلها للناس  بدلا من تركها تتحول الى حهد ضائع،  والضغط بذلك النشر على الفضائيات العربية نفسها، التي ستجد نفسها مضطرة الى اللحاق بالركب، بل وان فضائيات عالمية ستجد انفسها ايضا مضطرة الى ذلك، واخيرا تحقيق الوصول الى شرائح قد لا تصلها الفضائيات خاصة من غير الناطقين بالعربية على امتداد العالم.

التاثير على الراي العام الاسرائيلي كان اسهل بالنسبة لحزب الله بسبب قرب المسافة وعدد الذين يعرفون العربية في اسرائيل، والبث العبري في المنار، اما التاثير في الراي العام الاميركي فيتطلب تكتيكا اكثر.  وهذا ما يمكن ان ينفع فيه الانترنت.  فهل كانت العربية اقرب الى استدراك الامر ؟ ومتى ستتكثف الصور اكثر؟

 

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون