من الذي اختطف شينو ومالبرونو؟

صحيفة الدستور، 13-10-2004

منذ احتلال العراق وقوات الاحتلال والمتعاونون معها يعملون على اخراس جميع الاصوات الاعلامية التي يمكن ان تفضح الفظائع التي تحصل في العراق.

منذ بداية الازمة الديبلوماسية التي سبقت الحرب، وحصول التجاذب الدولي حول الحرب وحول الاحتلال، ثم حول المشاركة الاوروبية في قوات الاحتلال انقاذا للاميركيين من المأزق الاحتلالي.

منذ 11 سبتمبر والاسلام يتعرض لحملة من التشويه تقدمنا بصورة البرابرة المجرمين. صورة تؤكد ما كتبه بنيامين نتنياهو عام 1995 من ان العنف والارهاب من طبيعة المسلمين والعرب وليسا ردة فعل على الظلم. منذ اشهر وجملة من الاحداث المفتعلة تركب وترتكب لاضعاف خط جاك شيراك القائم على الاستقلالية الفرنسية عن اميركا، وعلى مبدأ التوازن في السياسة الشرق اوسطية. المبدأ الذي ارساه شارل ديغول، ولم يفهمه الصهاينة الا انحيازا للعرب لانه اول من ارسى مبدأ: من ليس معنا فهو ضدنا.

أوليس جورج بوش واحدا من تلاميذهم؟

في اطار هذا الاطار، وليس في أي اطار سواه يجب فهم قضية اختطاف جورج ما مالبرونو وكريستيان شينو.

وبناء على هذا الفهم يجب ان نبني خطابنا الاعلامي والسياسي.

يجب الا نقع اطلاقا في فخ الحديث عن قضية الحجاب في فرنسا.

فالعراقيون الذين اصابتنا صور اغتصاب نسائهم في السجون وفي الشوارع بالتقيؤ والجنون، احرى بالانتقام من هؤلاء المغتصبين من الاهتمام بقضية منع الرموز الدينية البارزة في المدارس الفرنسية.

وهنا نركز على قضية الرموز الدينية البارزة وواجب استعمال هذا التعبير بدلا من الحجاب. لان القانون المشار اليه في فرنسا لم يمنع الحجاب على الاطلاق وانما منع على طلاب المدارس ومدرسيهم الظهور بالمظاهر الدينية البارزة والمقصود بها الحجاب والكيبا والقبعات اليهودية، دون ان يمنع ارتداء حلية الصليب او النجمة او اية اشارة اسلامية كالقرآن او الايات او اسم الله تعالى.

غير ان ما هو خطير هنا ويجب الانتباه اليه بحذر هو ان العالم يقف كله اليوم بين منطقين: منطق حوار الحضارات الذي يمكن ان يؤدي به الى التعايش والسلام ومنطق صراع الحضارات الذي لن يؤدي الا الى الكراهية والحروب والعنف الذي سنكون نحن اول ضحاياه وستكون اسرائيل وحركتها الصهيونية المستفيد الوحيد منه.

في هذا السياق بالتحديد يفهم ايضا سبب اخر اساسي للاشتراس الاميركي الصهيوني ضد جميع دعاة الحوار ومنهم الخط الشيراكي الحاكم في فرنسا.

ويفهم ايضا لماذا تدور العمليات المحمومة في كل الاتجاهات للوصول الى اسقاطه في الانتخابات القادمة، خاصة وان البديل سيكون واحدا من اثنين كلاهما يهودي قريب من اسرائيل: اما نيقولا ساركوزي اليميني الذي يخوض معركة مفتوحة من داخل اليمين ضد شيراك. واما لوران فابيوس او دومينيك ستروس كان عن اليسار. ساركوزي بدأ معركته بزيارة الايباك في اميركا، وستروس كان وفابيوس ليسا بحاجة الى ذلك لانهما معروفان بيهوديتهما وتأييدهما المطلق لاسرائيل.

من هنا يجب التعاطي مع قضية اختطاف الصحافيين الفرنسيين في العراق، كقضية مركزية حاسمة من حيث نتائجها لنا نحن العرب، لمصالحنا ولمستقبل الوضع الدولي حولنا.

وسواء كان المختطفون متطرفين جهلة، ام كانوا جماعة ملفقة تابعة للاميركيين، للموساد الاسرائيلي، ام للمتعاونين معهما من العراقيين، فان المطلب منا نحن الذين نتصدى للمقاومة بكافة اشكالها ان نضع قوتنا كلها في الميزان وبكافة الوسائل.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون